مظاهرات العواصم العربيه بين العشوائية وغياب الأنظمة
رجب الشرنوبي :يكتب
متابعة أ/ داليا السيد العربى
الشرقية
مثلما بدأت في كل العواصم العربية ، تونس القاهرة دمشق عدن طرابلس الخرطوم بغداد فبيروت ، مجموعة من الشباب تزداد شيئاً فشيئاً تعترض تقريبا كلها علي أوضاع سيئة وظروف معيشية صعبة ، الأسباب واحدة والظروف متشابهه، ضيق في المعيشة وإرتفاع معدل البطالة وقلة فرص العمل ، حاجة الشباب الملحة للمشاركة في الحياة السياسية ومزيد من الحريات ، خصوصاً مع توغل التكنولوجيا في حياتنا اليومية ، ومتابعة الشباب العربي لمثيلة في الدول الأكثر تحضراً مثل أمريكا وأوروبا وآسيا،
والبداية أهداف سامية تجذب المزيد من الشباب والفتيات ، حتي تتجمع وتتحرك في شكل كتل بشرية تغطي الشوارع والساحات والميادين ، وتبدأ عادة بمطالب مشروعة ويعلو سقف الطموح كلما مر الوقت حتي يقع المحظور ، وإحتمال تعرض البلاد لحالة فراغ سياسي و دستوري ، وهو ماقد يسبب مضاعفة الخسائر التي قد لا تكون واضحة بشكل كافي وقت إنفجار الثورة ، ولا ننسي هنا أن نشير أن كثير من التحديات التي تتعرض لها مصر مثلاً الآن وتبذل وتتحمل تكاليف كثيرة لمحاولة تفادي أول تقليل آثارها السيئة، كانت بسبب العشوائية وعدم التنظيم في أحداث الثورة ، مثلاً ماهي طموحتنا وماهو سقفها ولماذا ومتي تنتهي هذه الوقفات ؟؟!! السيناريو واحد تقريباً في كل البلدان العربية، ولكن هل شباب كل الشعوب العربية مخطيء والحكام هم وحدهم علي حق ؟؟!
بداية يجب أن نقر بأن كل الثورات التي قامت في العواصم العربية وآخرها بيروت هذه الآيام كانت محقة في مقدمات حدوثها ،فلا أحد يستطيع أن ينكر أن الشباب العربي ظل لسنوات طويلة ومازال يعيش وضعاً أقل حظاً بكثير من أقرانهم في دول العالم المتقدم ، وليس هذا مقتصراً فقط علي ظروف كل منهم المادية ، ولكن الأمر يتخطي ذلك في كثير من الأحيان إلي حقهم في تنشئة سليمة وفق ظروف صحية ملائمة، وحقهم في تعليم متقدم ونصيبهم من ثقافة سليمة وصحية تساعدهم في بناء شخصيتهم العصرية ، بما يمكن هؤلاء الشباب والفتيات من الإحساس بالسعادة التي ينشدونها .
ولكن ومن منظور العدل والإنصاف وبمشاعر ومعايشة أبوية خالصة ، أود أن أهمس في آذان هؤلاء الشباب والفتيات ، بأن هؤلاء الشباب الأوربيين الذين تعتبروهم مثل أعلي لكم يتحملون مسئوليتهم عند بلوغ سن السادسة عشرة ،يعملون طول الوقت علي تحسين أوضاعهم وينزلون إلي سوق العمل ويبحثون عما يتناسب معهم حسب ماهو متاح من إختيارات وبدائل ،
لايجلس أحد منهم طيلة سنوات شبابه وهو يتمني الحصول علي وظيفةً حكوميةً مرموقه ، وعندما يمر الوقت يضطر أن يقبل بما هو متوافر أياً كان نوعها ومردودها عليه، هذا الشباب الأوربي لا يقضي وقته في إقامة العلاقات الغرامية متكئاً علي والداه الذين سيقومان بتجهيز منزل الزوجية له، شباب أوروبا دائمي الإطلاع علي كل ماهو جديد في كل المجالات فلا يتوقف عن القراءه والتثقيف حتي يطور من نفسه بالشكل الذي يخدم قادم الأيام له فهل شبابنا يفعل ذلك ، شباب أمريكا وأوروبا كلما تعرضت تعرضت بلدانهم لمجرد عرقلة مصالح هبوا جميعاً لدعم موقفه ولو بوقفات بسيطة مؤيده ، شباب أوروبا لم يأخذ من مواقع التواصل الإجتماعي أسوأ مافيها ، بل علي العكس من ذلك عرف كيف يطوعها لخدمته في تحقيق أهدافه ، فكانت له عالم غير محدود من العلاقات والخبرات المنتجه فيأخذ منها مايناسبه ،
كانت بمثابه عالم لاينتهي من العلم والثقافة يطلع فيه علي كل جديد في المجال الذي يستهويه ويطور من ذاته، وغير ذلك من أوجه الإستفاده من كل ماهو جديد في عالم التكنولوجيا ، بإختصار شباب العالم الأول لا يكل ولا يمل من المطالبة بحقوقه ولكن بعدما يكون أدي ماعلية تجاه نفسه أولاً ثم تجاه وطنه ثانياً فهل نحن كذلك؟؟!!
مؤكد أن الشباب في كل الدول العربية كان محقاً في تطلعاته ، ولكن من المؤكد أيضاً أن قطاع كبير من هؤلاء الشباب لم يقدم شيء من واجباته، وهنا يكون التشخيص السليم لكل الأمراض التي يمكن أن يتعرض لها المجتمع في الدول المتحضرة ، تناول المشكلة من كل الزوايا والأبعاد برؤية وإرادة صادقة ومن كل الأطراف ، حوار حضاري يجتمع حوله الجميع ولو من خلال سيستم تكنولوجي دون الحاجه للقاء مباشر ، فالهدف دائماً واحد هو الوطن ولا شيء إلا الوطن ، تتحرك الحكومات ودون تأخير ويستجيب الشباب ويكونوا دائماً جزء من الحل وأيضاً دون تأخير ، هناك تنصرف الوقفات بمجرد الوعد بالحل وهنا تستمر حتي تسقط الحكومات ،
هناك حكومات تستجيب فعلياً وتنقب عن حلول مناسبة وهنا حكومات تبدع في المماطلة والتسويف، هناك ثقة بين الدولة ومواطنيها وهنا حالة من شبه عدم الإرتباط، هناك تتقدم الأوطان وهنا نضيع الوقت وتمتليء المقاهي والكافيهات ، هناك يعرفون متي يأكلون ومتي يعملون ومتي ينامون ومتي يتنزهون ، وهنا نفعل أي شيء وكل شيء في أي مكان وأي وقت ، بإختصار هناك الكل يسير وفق سيستم واضح وهنا تنمو الفوضي وتزدهر الفهلوة.
زر الذهاب إلى الأعلى