قصة قصيرة
عائشة
بقلم الأديبة عبير صفوت
زحفت بجلباَبهاَ المتسخ ، تدنوا مِنْ مصيرهاَ وتنحت بملاَمحهاَ المتراَمية الألم ، تعبيراَت الوجع وعَسيِر من قوة المعنى ، حتى خذلتها قوة ، وساَورها الوهن …
حتى…أرتطمت كا قطعة متهالكة من اللحم والعِظاَم الناَخرة ، قرفصاء كا كومة قش ، جرفهاَ النهر ، وجعلهاَ تطوفوا على سطح الأقداَر مهتزة مهترئة ، تتناَوب الكلمة بلاَ وعى ، وتتمتم خلدهاَ بيأس ، يضوى تاَرة ، ويهيم تاَرة ، كاَن هذا نِتاَج خِداَع الأزماَن
حتى أقتربت منها هيئة إمراة ، كماَ يقترب الشاَمتين من وقيعة الذبيحة ،
ولاَ يدركون السبب ، تمصص شفتاهاَ ، وتتعجب بحاجباهاَ الرفيعاَن متسائلة ، بلكنتها الممطوطة ، تربت منكب المتكومة :
ماذا وراءك ياشابة ؟! كل الأشياء على الله ، دعوة المظلوم لا ترد .
إهتزت عاَئشة بجسدهاَ النحيل ، بنيف بضع كلماَت ، جمرتهاَ تكتوى القلوب بها :
أولأدى ، أخذوا أولأدى ، بدرية وسنية ، وبهية وجمال ، أين أنتم يأولاَدى ؟!
اخذ التضئيل بالعبارات ، يَسرى بمجرى حَريق ، صاَر بوريد أنقبض لة الشرياَن التاَجى .
حتى قاَلت العاَبرة ، بعيون تَدلى مآقيها ، أنفلت ماَ تكحل :
جباَرين ، كل الرجاَل جباَرين ، أفئدة بلاَ رحمة
تجسد المشهد ، وازاَح العاَبرة بجوارهاَ ، بين أدخنة سراَب الماَضى ، حيناَ ……
هلمى لا تعودى مرة أخرى ، أنتِ خطيئة كتبها القدر ، تحملت والأن لا مزيدا بشأن علياَ التخلص منه .
تشبثت عاَئشة باقداَم زوجهاَ باَكية ، تسترجية :
أبوس أقداَمك ياسي علوانى ، انا خاَدمة لك وللأولاد ، أجعلنى هناَ من أجل ذلك فقط .
غبية وجاَهلة ، ألم اقل لك إنك خًطيئة .
ما ذنب أولأدى ؟! وما ذنبى ؟!
أننى أم أولأدى .
بل الذنب أنكِ أمية ، ونحن الأن لن نتناَسب سوياَ .
الأن لن نتناسب ، ولما كنا نتناَسب من قبل ؟!
المجتمع الجديد لن يتقبلك ، أنظرى لملاَبسك ، ماهذا ؟! رداء زهيد ورائحة لن تتخلصى منها ابداَ ، بل بداَخل الرداء كومة من الجهل والتخلف .
أولاَدى ياسي علوانى ، أحب علي أيدك أولاَدى
ألم تفهمى ؟! ماكنت ارنوا إلية ، غبية غبية .
لكزتها العابرة :
ماذا هنالك ياشبة ، أأنت بخير .
نظرت عائشة فى عين العابرة ، حتى غرقت فى بحور العدوان ….
سنية تعاَلى لأمك ياسنية ، تناسيتى أمك ياسنية ؟!
جماَل أكبر أولادي وأعقلهم ، أنا أمك ياحبيبي ، أوعى أوعى تسيب أمك ياجمال .
بدرية يابدر منور ، أنتِ وبهية ، أولاَدى كلكم أولاَدى .
فركت العابرة كفوفها ، متفحصة المتكومة على رصيف المارة :
لا حول ولا قوة الا بالله .
خرجت عائشة عن وعيها ، تنظر لسماء ، تخاَطب المفقود ، حسباَن رؤية زائفة تهم الرحيل :
خاَدمة ياسي علوانى من أجل أولاَدى ، ليس من الذنب أنى جاهلة ، ليس من الذنب أننى أم لأولاَدى
فرت دمعة جاحدة تمقت الصبر ، وتتأسي بالرحمة ، التى فقدت طريقها ، فى قلوب رجال لا تعرف معني الأمومة ، ونصوص الدين ، حتى نظرت العابرة لسماء مقهورة بحسرة ونبرة محصورة أنفلتت ، بين القلب و المشاعر ، وهتفت :
على الظالم والمفترى ياااااارب
أتبعت عائشة من الحلم ذكرى ،
بها تتفرس البراح ، تحادث أبنائها :
سنية بهية بدرية ، جمال لا تتناسي أمك ياجمال ، انت الكبير ياجمال ، حقك على أمك ياجمال ، أمك جاَهلة يابنى
زر الذهاب إلى الأعلى