إحذروا لعنة الله بسبب المخدرات والإدمان ؟
إحذروا لعنة الله بسبب المخدرات والإدمان ؟
بقلم / محمـــــد الدكــــــرورى
أصبحنا نرى فى كل مكان من حولنا شباب وشابات يتعاطون المخدرات والمسكرات إلا ما
رحم الله من عباده ولكن لما وصلنا الى هذه الأمور ولماذا صار بنا الحال حتى وصلنا الى
أمور تفاقمت وتعدت كل الحدود ولكن يجب أن نعلم أن عقوبة الجريمة والذنب في الدنيا
والآخرة تكون بسبب قبح الجريمة وضررها على فاعلها وعلى المجتمع.. فقال الله عز
وجل (الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ) سورة النحل
ومن الجرائم العظيمة، والكبائر المهلكة والذنوب المفسدة للفرد والمجتمع المخدِّرات
والمسْكِرات؛ فما وقع أحد في شباكها إلا دمرته، ولا تعاطاها أحد إلا أفسدته بأنواع
الفساد، ولا انتشرت في مجتمع إلا أحاط به الشر كله، ووقع في أنواع من البلاء، وحدثت فيه كبار الذنوب، ووقعت فيه مفاسد يعجِز عن علاجها العقلاء والمصلحون..
وقال النبي صلى الله عليه وسلم “اجتنبوا الخمر؛ فإنها أم الخبائث”، وقال: “اجتنبوا الخمر
فإنها مفتاح كل شر” والمخدرات أعظم ضرراً من الخمر؛ فهي محرمة أشدَّ التحريم،
وأضرار المخدرات ومفاسدها كثيرة؛ منها ما عرفه الناس، ومنها ما لم يُعرف بعد.
والمخدرات بجميع أنواعها حرمها الله وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم سواء كانت
نباتاً، أو حبوباً، أو مطعوماً، أو مشروباً، أو استنشاقاً، أو إبراً..
فالمخدرات بجميع أحوالها شددت الشريعة في الزجر عنها وتحريمها؛ لما فيها من الأضرار
والتدمير، ولما فيها من الشر، ولما تُسبِّب لمتعاطيها من تحوله إلى إنسان شرير يُتوقَّع
منه الإفساد والجريمة، ولا يُرْجى منه خيرٌ، وقد نادى عقلاء العالم بإنقاذ المجتمعات من
وَيْلات المخدرات؛ لما شاهدوا من الكوارث.
وضرر المخدرات على متعاطيها وعلى المجتمع ضررها كثير لا يحصر إلا بكلفة؛ فمن
أضرارها على متعاطيها: ذَهابُ عقله ، والعقل هو ميزة الإنسان عن البهائم، ومن ذهب عقله أقدم على الجرائم وتخلى عن الفضائل.
وإن الله تبارك وتعالى قد أحل لعباده الطيبات من المآكل والمشارب، وحرم عليهم
الخبائث التي تعود عليهم بالضرر في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وقد وصف الله تعالى
نبيه صلى الله عليه وسلم بوصف جميل فقال: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي
يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ
لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ
آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ سورة الأعراف
فذكر الله تعالى عددًا من صفات نبينا عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك قال الله عنه:
(وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)، فأحلّ الله تعالى لنا الطيبات من المآكل والمشارب والملابس
ومن المكاسب وغيرها، وحرم الله تعالى علينا الخبائث، وبيّن النبي الكريم صلى الله عليه
وسلم في أحاديث كثيرة التحريم العظيم في أن يتعاطى الإنسان شيئًا من المحرمات ..
فقال عليه الصلاة والسلام: “كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به”، وقال ” أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ:
﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ سورة المؤمنون
كما نهى الإسلام عن كل ما يؤثر على العقل ويعطل دوره عن التفكير والإبداع، فعَنْ أم
سَلَمَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: ” نَهَى رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلًّ مُسْكِرٍ
ومُفْتِرٍ”. والمخدرات هذه السموم القاتلة، فقد ثبت من الأبحاث والدراسات العلمية أنها
تشل إرادة الإنسان، وتذهب بعقله، وتحيله بها لأفتك الأمراض، وتدفعه في أخف الحالات
إلى ارتكاب الموبقات والإنسان سوف يسأل يوم القيامة عن عمره وشبابه وصحته ..
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ
آدَمَ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ
فِيمَ أَبْلاَهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ ” رواه الترمذي .. ومن
هنا فقد جاء تحذير الإسلام من جميع الخبائث والمحرمات، ومنها: إدمان الخمور والمخدرات والأمور المذهبة للعقل والمال والعرض.
فالخمور والمخدرات هي الآفة الخطيرة القاتلة التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة في
كافة المجتمعات بشكل لم يسبق له مثيل، حتى أصبحت خطراً يهدد هذه المجتمعات
وتنذر بالانهيار ، فالخمر والمخدرات وما كان في معناهما حرام قليله وكثيره،حتى وان لم
يذهب العقل إلا بالكثير منه فقليله حرام عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم: ” مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ” رواه أبو داود .
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ مَا أَسْكَرَ
الْفَرَقُ مِنْهُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ ” الترمذي وفي رواية:” الْحَسْوَةُ مِنْهُ حَرَامٌ”.الترمذي ،
وعليه فكل ما كان مسكرا فهو حرام مهما تغيرت الاسماء ومهما تغير شكله ولونه ما
بقيت فيه العلة وهى الإسكار ، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: “أوصاني خليلي..
ولا تشرب الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر” رواه ابن ماجه والبيهقي.
ولذلك لعنها الله تعالى ولعن كل من شارك فيها وَلَعَنَ كُلَّ مَنِ اقْتَرَبَ مِنْهَا؟ من قريب او
من بعيد حتى لعن الله في الخمر عشرة فعن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا
وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وآكل ثمنها ” رواه أبو داود والترمذي وأحمد وابن ماجة
..
وحرم تجارتها وثمنها فعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ حَرَّمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
تِجَارَةَ الْخَمْرِ” مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وعن ابْن عَبَّاسٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم: ثَمَنُ الخَمْرِ حَرَامٌ” رَوَاهُ أَحْمَد ، وعن ابْن عَبَّاسٍ رضى الله عنه قَالَ نَهَى
رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ وَثَمَنِ الْكَلْبِ وَثَمَنِ الْخَمْرِ” رَوَاهُ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُد.
فتوبوا إلى الله جميعا أيها الناس فمن ابتلي بشيء من هذا فليتب إلى الله سبحانه
وتعالى فإنه بهذا يحسن إلى نفسه ويحسن إلى مجتمعه ويحسن إلى أسرته ويحسن
إلى أقربائه بالتوبة إلى الله عز وجل والله تبارك وتعالى إذا علم صدق النية فإنه يعين
على ذلك قبل أن يأتي يومٌ لا ينفع فيه الندم؛ فإنه من ابتلي بهذا فلا بد أن يأتي عليه يومٌ
يندم فيه.. ولكن وقت الندم لا ينفعه؛ فبادر أيها الإنسان بادر أيها المبتلى بهذا.. بادر إلى
التوبة إلى الله.