صيام رمضان وحده لا يكفي لغفران الذنوب ودخول الجنة!
كتب: المستشار/ هشام فاروق
عضو شرف نقابة القراء
ورئيس محكمة استئناف الإسكندرية.
كثير مِن المُسلمين يظنون أنهم ماداموا قد صاموا أيام رمضان وصلوا في لياليه القيام وتلوا القرآن وتصَدَّقوا فإن عملهم
سَيُتَقبَّل حتما وسَيَتحَصَّلون على ثوابه كاملا غير منقوص لا محالة ، وأن سيئاتهم سَتُغْفر ولو لم يَدَعوا المعاصي ولم يَسْتقِم
سلوكهم وتتهذب أخلاقهم ، ولو عادوا بعده إلى سيرتهم الأولى قبله! ويعتقدون أن بإمكانهم التصرف على هواهم سائر العام
وارتكاب المعاصي والسيئات وترك الصلوات والعبادات ، فإذاأ قبل رمضان صاموا وقاموا وتلوا القرآن وتصَدَّقوا! فيكون هذا
دأبهم كل عام! ويظنون أن هذا كاف لغُفران ذنوبهم ودخولهم الجنة! وهذه حماقة كبيرة مِنهم!
جعل الله للصيام – ككل عبادة – غاية ، فقال تعالى:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”(البقرة-183) فغاية الصيام هي حصول التقوى! فما هي التقوى؟ سُئِل عليّ رضي الله تعالى عنه عنها فقال:هي
الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل.(سبل الهدى والرشاد للصالحي)
فحقيقة التقوى ومظاهرها أربعة أشياء:أن تخاف من الله جل وعلا ، وأن تعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأن
تقنع وترضى بالقليل مِن الدنيا ، وأن تكون دائما على استعداد للموت ولقاء الله سبحانه! فإن أوْصَلك صيامك إلى تحصيل هذه
الأشياء الأربعة فقد حَصَّلت التقوى وحققت غاية الصيام! فهنيئا لك بالقبول! وأما إن كان العكس بأن صُمْت عن الحلال (الأكل
والشُرب) وأفطرت على الحرام (السجائر والشيشة أو النَرْجيلة مثلا أو غشيان أماكن اللهو والاختلاط والفِسق أو مُواعدة
ومُرافقة الفتيات) أو أمضيت نهار رمضان خائضا في سِيَر الناس والغيبة والنميمة وارتكاب المُحَرَّمات والتكاسل عن
الصلوات أو غاشا في الامتحانات أو ظننت أن عبادة ربك الأعلى تنتهي مع أذان آخر يوم مِن رمضان ، فتُوَدِّع العبادة
والصلاة والنوافل والصيام وقيام الليل وتلاوة القرآن والصدقة والأعمال الصالحة إلى رمضان مِن العام القابل أو انتظرت نهاية
الشهر الكريم لتعود إلى سيرتك الأولى قبله ، فاعلم أن صيامك غير مقبول وأنه مَرْدود عليك! وليس لله تعالى حاجة في أن
تدَع طعامك وشرابك! ألا فلتعلم أيها المُسلم أن الله تعالى لا يستفيد من عبادتك وصيامك شيئا! ولو صُمْت وعبدت الله عمرك كله ما زاد ذلك في مُلك ذي الجلال سبحانه شيئا! ولو
عصيته آناء الليل وأطراف النهار ما نقص ذلك مِن مُلكه شيئا! فلا طاعتك تنفعه ولا معصيتك تضُرّه! بل أنت فقط مَن يستفيد
بعبادته ليستقيم سلوكك وتتهذب أخلاقك وتَحْسُن أعمالك ولتدخل في مَعِيَّتِه جل وعلا ضمن عباده المؤمنين المتقين!
زر الذهاب إلى الأعلى