هل صيامك إلف عادة أم تحقيق عبادة؟
كتب: المستشار/ هشام فاروق
عضو شرف نقابة القراء
ورئيس محكمة استئناف الإسكندرية.
الصيامُ عند أكثر المُسْلِمين اليوم إلفُ عادة وليس تحقيق
عبادة! جعلوا رمضان موسِما للأكل والشُرب والشهوات
والملذات بدلا مِن أن يجعلوه موسِما للطاعات والقُرُبات و
وتحصيل الحسنات والزهادة في الدنيا الفانية! جعلوا صومه
عادة يألفونها ولم يَجْعلوه عبادة ذات غاية ينبغي إدراكها! فلقد
جعل الله للصيام – ككل عبادة – غاية ، فقال تعالى:”يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”(البقرة-183) فغاية الصيام هي حصول التقوى!
فما هي التقوى؟ سُئِل عليّ رضي الله تعالى عنه عنها
فقال:هي الخوف مِن الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة
بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل.(سبل الهدى والرشاد
للصالحي) فحقيقة التقوى ومظاهرها أربعة أشياء:أن تخاف
مِن الله جل وعلا ، وأن تعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله
عليه وسلم ، وأن تقنع وترضى بالقليل مِن الدنيا ، وأن تكون
دائما على استعداد للموت ولقاء الله سبحانه!
كَم مِن المُسْلِمين يفهمون ذلك ويعملون به؟! اعرض نفسك أيها
المُسْلِم على حقيقة التقوى لتعرف إن كنت مِن أهلها أم لا
ولتعلم إن كان عملك – صياما كان أو غيره – مُتَقبَّلا أم لا!
فإن أوْصَلك صيامك إلى تحصيل هذه الأشياء الأربعة فقد
حَصَّلت التقوى وحققت غاية الصيام! فهنيئا لك بالقبول! وأما
إن كان العكس بأن صُمْت عن الحلال (الأكل والشُرب)
وأفطرت على الحرام كالسجائر والشيشة أو النَرْجيلة أو
غشيان أماكن اللهو والاختلاط والفِسق أو مُواعدة ومُرافقة
الفتيات أو أمضيت نهار رمضان خائضا في سِيَر الناس
والغيبة والنميمة وارتكاب المُحَرَّمات والتكاسل عن الصلوات
أو غاشا في الامتحانات أو نائما مُتكاسِلا عن الأعمال أو
مُضيِّعا للأوقات في اللعب وفيما لا يُفيد وأمضيت ليله في
مُشاهدة المُسَلسَلات القبيحة والبرامج التافهة أو ظننت أن
عبادة ربك الأعلى تنتهي مع أذان آخر يوم مِن رمضان
فتُوَدِّع العبادة والصلاة والنوافِل والصيام وقيام الليل وتلاوة
القرآن والصدقة والأعمال الصالحة إلى رمضان مِن العام
القابل أو عُدْت بعد نهاية الشهر الكريم إلى سيرتك الأولى
قبله ، فاعلم أن صيامك غير مقبول ومَرْدود عليك! وليس لله
تعالى حاجة في أن تَدَع طعامك وشرابك!
زر الذهاب إلى الأعلى