غير مصنف
ملامح تراثية في قصيدة (عشتار) للشاعرة السورية : سمر غازي مصطفي بدّور
ملامح تراثية في قصيدة (عشتار) للشاعرة السورية
: سمر غازي مصطفي بدّور
دراسة بقلم الأديب / فاروق الحضري
عشتار
إنّني كما عشتار
و نجمتها المشعّة بقوّة الأسود
أعيش الحروف كما أشاء
بقوة الحب و الجمال و الكبرياء
في يدي عالم من عطور
لا أهتمّ بمن حولي
و ماذا يحملون
أسطع صباح مساء
أسرق من ماء عينيها
سحرا و قوة الإله
إنّني كما عشتار
أقول كلّ ما أريد
بصمت الملوك
و أكتب الأشعار
لأصنع منها وجودي
أنثر باقات أحلامي
نجوما
و القمر و الشمس
أقربائي
أفرش الأرض
بقوة الألوان
إنّني كما عشتار
حكاية تراثية أصيلة
سيفي القوافي
و أدوات حربي من جمال
إنّني رمز أسطوري
و عالمي فريد
فلا وجود للحشرات الضارّة
في زماني
لا مساحة إلا للفراش
و ملائكة العشق
صباحي يتنفّس بالضياء
و ليلي يسبح فيه النور
إنّني من رحم الحب أتيت
أضحّي لأجل الأرض و السماء
إنّني كما عشتار
أبدع في عيون الحبّ
الإبحار
في عصرنا الحديث يعتبر الشعر العربي توظيف الأسطورة من الأمور
المهمة..ولايوجد شاعر تقريبا إلا وأدخل الأسطورة في شعره بشكل أو بآخر
..حيث تشكل الأسطورة نظاما خاصا داخل نسق وبناء النص الشعري الحديث
وقد يلجأ الشاعر إلي الأسطورة ليرمز بها الي شئ ما في داخله ..
والشاعرة (سمر غازي) استخدمت الأسطورة بشكل مختلف عن بعض الشعراء
حيث استوحت من التاريخ قصة..” عشتار”
وهي إلهة الجنس والحب والجمال والتضحية في الحرب عند البابليين ،
والخصب والنماء على الأرض . يُقال إن عِشتار ذات جمال باهر لم يشهد له مثيل
حتى أوزيس عشقها ، ولم يكن أهل الأرض بعيدين عن ذلك العشق ، كانت
عشتار تدور بين عالم البشر، بحثاً عن الضحايا حتى وصلت إلى ملوك البشر
فكانت تأخذ كل ما يملكون،
والشاعرة هنا شبهت نفسها بصفات “عشتار” في القوة و الجمال الفنان
، والحرية وعدم الاكتراث بما حولها ، ومن حولها ؛ فهي صاحبة العظمة والكبرياء
تقول ما تشاء..وأنها تعبر عما بداخلها دون قيود في عالم تحقق فيه أحلامها..
حيث تقول الشاعرة:
” إنّني كما عشتار
أقول كلّ ما أريد
بصمت الملوك
و أكتب الأشعار
لأصنع منها وجودي
أنثر باقات أحلامي
نجوما
و القمر و الشمس
أقربائي “
وتمضي الشاعرة محلقة في سماء الإبداع مفتخرة بجمالها وبقوة أسلحتها التي ليس لها مثيل في عالم الواقع فعالمها ملائكي رائع يتنفس بالضياء ، تزهو فيه الفراشات عالم نوراني لامكان فيه للأذى والضرر ، هو عالم الحب والخير والجمال فتقول :
” إنّني رمز أسطوري
و عالمي فريد
فلا وجود للحشرات الضارّة
في زماني
لا مساحة إلا للفراش
و ملائكة العشق
صباحي يتنفّس بالضياء
و ليلي يسبح فيه النور “
هذا النص من النصوص الجميلة يقع تحت غرض شعري هو الفخر الفردي
اقتبست فيه الشاعرة من التراث لتؤكد فكرتها واستعانت فيه بأسلوب خبري
مدعم بأسلوب التوكيد لتجعل في ذهن المتلقي واقعا لايقبل الشك مثل تكرار
“إنني”..وألفاظ الشاعرة جاءت قوية واضحة لا تعقيد فيها ولا تنافر ..،والخيال”
الكلي” في النص كسا النص رداء جميلا حيث رسمت الشاعرة لوحة فنية
زاهية متعددة العناصر فتجد الصوت في”أقول..أنثر..حكاية” ..والحركة في “يسبح..أنثر..أصنع “.. واللون في “الضياء..النور..المساء “
وهناك خيال “جزئي” في ” الاستعارة والتشبيه والكناية” يهدف الي التجسيم
والتوضيح والتشخيص.. أما عن الوحدة العضوية فقد نجحت الشاعرة في بناء
القصيدة وجعلت لها عنوانا يدل علي مضمونها وهو “عشتار “..كما تحققت في
النص “وحدة الموضوع”بالترابط بين أجزاء القصيدة كما ظهر أيضا “وحدة الجو
النفسي” حيث التفاؤل والثقة ..أما عن” الوجدان ” حيث وضحت في النص
عاطفة الفخر والاعتزاز بالإبداع.. وموسيقى النص خفيفة تجلت في دقة تناسق
الألفاظ والتراكيب ..وقد أنهت الشاعرة قصيدتها بكلمات معبرة قائلة: ” إنني من
رحم الحب أتيت” ..شكرا للشاعرة التي جعلتنا نحلق في سماء هذا الإبداع
حيث النزهة والمتعة .