انسجام الفكر والوجدان في نص (جفاني الأنس ) للشاعرة المصرية / علا الشريف
================
بقلم الأديب/ فاروق الحضري
__________
جفاني الأُنس
__________
للشاعرة المصرية / علا الشريف
===============
رأيتُ الغمَّ حتى في منامي
وعمري ضاع هوناً في الظلامِ
تراني بالهمومِ أسيرُ قهراً
وبات القلبُ يُبلى بالسقامِ
ألا يا روحُ صبراً في الرزايا
وما أبليتِ في دنيا القتامِ
تلاشى الحلمُ مُذْ حلَّت مآسي
وصار العيشُ معدومَ السلامِ
جفاني الأنسُ والآهاتُ تَتْرى
وكأسُ المرِّ قد أضحى مُدامي
عجبتُ لنورِ قلبٍ قد توارى
وراحَ يغورُ في بحرِ التعامي
فهلّا من سبيلٍ او نجاةٍ ؟
لأسلم من دعيّاتِ انهزامي
وقد عجبَ الجَنانُ لصدق نبضٍ
يعيشُ مؤرّقاً وسطْ اللئامِ
الشاعرة / علا الشريف صوت شعري له عالمه الخاص ، حيث الأحاسيس والمشاعر
والتعمق في النفس الإنسانية ، في هذه القصيدة تبوح بآلامها وأوجاعها المتنوعة التي
تصاحبها ولا تفارقها ، تلك الهموم الثقيلة علي كاهلها التي تراها في اليقظة والمنام ، وفي السير والوقوف ، التي سلبت الفرحة من عمرها
..وتبين الشاعرة أن الهموم عندما تتكالب على الإنسان تكون كالوحش الكاسر الذي
يهزمه ويسبب له العديد من الأسقام بالإضافة إلي القلق الذي يسبب التوتر والكآبة
وهنا تقول الشاعرة:
“رأيتُ الغمَّ حتى في منامي
وعمري ضاع هوناً في الظلامِ
تراني بالهمومِ أسيرُ قهراً
وبات القلبُ يُبلى بالسقامِ”
ومن ثم يحتاج الإنسان الي دواء لتلك الأدواء التي يتجرع مرارتها ويسير في قتادها
ومنها الشعور بالوحدة ، وأثرها في قلب الإنسان حيث تخفي وميض نور براق.. والشاعرة تتسائل عن سبيل للنجاة من تتابع هذه الهموم وتدفقها ، وبخاصة لأن الكرام تضيع حقوقهم بين اللئام ولاينتصفون.. فتقول الشاعرة:
“فهلّا من سبيلٍ او نجاةٍ ؟
لأسلم من دعيّاتِ انهزامي
وقد عجبَ الجَنانُ لصدق نبضٍ
يعيشُ مؤرّقاً وسطْ اللئامِ”
إن المتأمل في هذا النص بجد أنه يشارك الشاعرة تجربتها ويحمل معها تلك الهموم
ويعيش معها تلك الأزمات..وفكرة القصيدة واضحة تمام الوضوح حيث استخدمت الشاعرة الألفاظ الواضحة البسيطة الخالية من التعقيد والغرابة لتعبر بأسلوب خبري عن واقع مرير يعيشه الإنسان مع قلة استخدام الأسلوب الإنشائي لتشارك المتلقي إحساسها
..والخيال في النص شقان كلي و جزئي فالصورة الكلية رسمتها الشاعرة كلوحة فنية في غاية الجمال والروعة حيث اكتملت عناصرها في الصوت مثل: “نبض..الآهات..هلا”.. والحركة مثل : “أسير..تتري..حلت”.. ، واللون مثل: “الظلام..القتام..نور” ، وخيال جزئي يتضح في” الاستعارة والتشبيه والكناية” التي دلت على التجسيم والتوضيح
والتشخيص .. أما عن النسق البنائي في النص حيث” وحدة الموضوع “وظهرت في أثر الهموم على الشاعرة ، و “وحدة الجو النفسي” التي أفضت فيها عن المعاناة من كثرة
الهموم عليها ..وأيضا اختارت الشاعرة عنوانا للقصيدة يدل علي مضمونها..و تجلت العاطفة في الحزن والألم والمعاناة ..وموسيقى النص “ظاهرة “تمثلت في وحدة الوزن ما أجملها في استخدام تفعيلات بحر الوافر
” مفاعلتن..مفاعلتن..فعول” ، ووحدة القافية .. و”خفية ” نتجت عن تناسق الألفاظ وانسجام الأصوات..شكرا للشاعرة علي هذا النص القيم ونتمنى لها مزيدا من الإبداع ..
زر الذهاب إلى الأعلى