غير مصنف
عظماء من التاريخ (١٣)
عظماء من التاريخ (١٣)
محمد عطيه
شهيد أحد، وعم أنس بن مالك خادم رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ
، كان من الأنصار وفي تعريفه هو: أبو عمرو أنس بن النضر بن ضخم النجاري الخزرجي الأنصاري.
أسلم أنس بن النضر ـ رضي الله عنه ـ بعد وصول النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ـ المدينة، وقد أثنى النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ خيرًا.
ويقول عنه ابن أخيه أَنَس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ
قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَانْكَشَفَ المُسْلِمُونَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ
هَؤُلاَءِ – يَعْنِي أَصْحَابَهُ – وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ – يَعْنِي المُشْرِكِينَ – ثُمَّ تَقَدَّمَ،
فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ، الجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ إِنِّي أَجِدُ
رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ، قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ. قَالَ أَنَسٌ:
فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ، أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ
قَدْ قُتِلَ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ المُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلَّا أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ (متفق عليه).
وحول ملامحه الشخصية يروي البخاري عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ:
كُنَّا نُرَى أَوْ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَشْبَاهِهِ : “مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ
صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً “سورة الأحزاب23.
روى البخاري أيضا بسنده عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن الربيع وهي ابنة النضر،
كسرت ثنية جارية فطلبوا الأرش وطلبوا العفو فأبوا فأتوا النبي ـ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فأمرهم بالقصاص، فقال أنس بن النضر أتكسر ثنية الربيع يا
رسول الله لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال: “يا أنس كتاب الله
القصاص” فرضي القوم وعفوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن من عباد
الله من لو أقسم على الله لأبره” زاد الفزاري عن حميد عن أنس: فرضي القوم وقبلوا الأرش.
ومن مواقف أنس بن النضر مع الصحابة: أنه لما جال المسلمون يوم أحد
جولاتهم، وأُشيع أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قد قتل: استمر أنس بن
النضر يقاتل، وانتهى إلى رجال من المهاجرين والأنصار، فقال: ما يجلسكم؟
قالوا: قتل رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ، قال: ما تصنعون بالحياة بعده؟
قوموا فموتوا على ما مات عليه، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل
وقد استشهد رضي الله عنه وأرضاه في غزوة أحد، ووجد به بضع وثمانون،
مابين ضربة بسيف، أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ومثل به المشركون انتقاماً
مما صنع بهم، حتى لم يعرفه أحد إلا أخته الرُّبَيّع عرفته ببنانه