مقالات وتقارير
عظماء، من ،التاريخ، (٤)
عظماء من التاريخ (٤)
محمد عطيه
توفى في جمادى الأولى سنة 8 هـ
صحابي بدري وشاعر وقائد عسكري، وأحد نقباء الأنصار الاثنا عشر،
شارك في غزوات النبي محمد، وكان أحد الشعراء الذين يدافعون بشعرهم عن
النبي محمد. أستشهد في يوم مؤتة سنة 8 هـ، وهو قائد المسلمين أمام الروم وحلفائهم الغساسنة.
سيرته
عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو وأمه هي كبشة بنت واقد
بن عمرو وكان ابن رواحة يُكنى بأبي عمرو، وقيل أبي محمد، وقيل أبي رواحة،وهو خال النعمان بن بشير،وأخو أبو الدرداء لأمه.
كان عبد الله بن رواحة من السابقين إلى الإسلام من الأنصار، وكان أحد نقباء
الأنصار الاثني عشر عن بني الحارث من الخزرج في بيعة العقبة.وقد صحب
النبي محمد بعد هجرته إلى يثرب، وقد آخى بينه وبين المقداد بن عمرو.خاض
ابن رواحة مع النبي محمد غزوة بدر، وقد بعثه النبي محمد بعد المعركة ليُبشّر
بني عمرو بن عوف وخطمة ووائل من الأنصار بالنصر. كما شارك في غزوات
أحد والخندق وخيبر وصلح الحديبية، وشهد مع النبي محمد عمرة القضاء، وأمره
النبي محمد يومها، فقال: «انزل فحَرِّك بنا الرِّكَاب»، فأنشد:
يا رب لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدَّقنا ولا صلَّينا
فأنزلن سكينة علينا وثبِّت الأقدام إن لاقينا
إن الكفار قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا
وقد ولاّه النبي محمد عدة مهام، فاستخلفه على المدينة عندما خرج في غزوة
بدر الموعد، وبعثه قائدًا لسرية من ثلاثين رجلاً لقتال أسير بن رزام اليهودي في
خيبر، فقتله. كما بعثه النبي محمد خارصًا لتقدير زكاة نخل وزروع خيبر.
كان ابن رواحة من القلة الذين يُحسنون الكتابة في يثرب،كما كان شاعرًا لبيبًا،
فكان هو وحسان بن ثابت وكعب بن مالك يتولون الرد على من يهجون النبي محمد والمسلمين، ومن شعره في النبي محمد:
إني تفرست فيك الخير أعرفه
والله يعلم أن ما خانني البصر
أنت النبي ومن يحرم شفاعته
يوم الحساب فقد أزرى به القدر
فثبت الله ما آتاك من حسن
تثبيت موسى ونصرًا كالذي نصروا
. كان كثير التعبد لله فكان إذا لقي الرجل من أصحابه يقول له: تعال نؤمن ساعة.
أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «رحم الله عبدالله بن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة». وقال أيضا: «نعم الرجل عبدالله بن رواحة
وفي سنة ثمان للهجرة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً لمواجهة الروم وأمّـر عليه زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة، فإن
استشهدوا فليرتض المسلمون رجلاً فليجعلوه عليهم. ولما أرادوا الخروج بكى عبدالله، فقالوا: «ما يبكيك يا بن رواحة؟» فقال: «أما والله مابي حب الدنيا ولا
صبابة إليها، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ
(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً) فلست أدري كيف لي بالصدر
بعد الورود؟» فقال المسلمون: «صحبكم الله وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم»، فأجابهم عبدالله مبيناً تطلعه إلى الشهادة:
لكنني أسأل الرحمـن مغفـرة
وضربة ذات فرع يقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حـران مجـهزة
بحربة تنفذ الأحشاء والكبــدا
حتى يقولوا إذا مروا على جدثي
أرشده الله من غاز وقد رشـدا
ثم ساروا حتى بلغوا بادية الشام فعلموا بأن الروم مئتا ألف بينما جيش المسلمين ثلاثة آلاف. فأرادوا أن يتوقفوا ويرسلوا إلى رسول الله ليعلموه فشجعهم عبدالله بن رواحة على المضي إلى الجهاد
وقال: «يا قوم، والله إن الذي تكرهون الموت للتي خرجتم تطلبون انها الشهادة. وسمعه زيد بن أرقم ذات ليلة يقول:
إذا أدنيتني وحملت رحلـي
مسيرة أربع بعد الحســاء
فشأنك فانعمي وخلاك ذم
ولا أرجع إلى أهلي ورائـي
وجاء المؤمنـون وغادروني
بأرض الشام مشهور الثّواء
فبكى زيد، فضربه عبدالله بالدرة وقال: «ماعليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع أنت». ولمادار القتال استشهد زيد وجعفر فحمل الراية عبدالله وهو يقول:
يا نفـس إلا تُـقـتَـلي تمـوتـي
هـذا حياض الموت قد صليت
ومــا تـمـنـيـت فــقــد لــقـيـت
إن تـفـعــلي فـعلـهـمـا هـديـت
وإن تـأخــرت فــقـد شـــقـيـت
ثم قال: «يا نفس إلى أي شيء تتوقين؟ إلى فلانة -امرأته- فهي طالق وإلى فلان وفلان -غلمانه- فهم أحرار وإلى بستان له فهو لله ولرسوله». ثم قال:
يانفس مالك تكرهين الجنة
أقسم بالله لتنزلنــه
طائعة أو لتكرهنــــه
فطالما قد كنت مطمئنة
فاندفع يقاتل ببسالة لا مثيل لها، فطعن فاستقبل الدم بيده فدلك به وجهه
وقال: «يا معشر المسلمين ذبوا عن لحم أخيكم»، وظل يقاتل حتى لقي ربه.
وأخبر الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حصل في الغزوة فحدث
رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة بذلك والمعركة مازالت تدور. ولعبدالله
بن رواحة ديوان شعر معظمه في الدفاع عن الإسلام وهجاء المشركين وحض النفس على التقوى و الجهاد وطلب الشهادة.