مدينة سيدي بوسعيد المطلة علي البحر المتوسط، ودرة السياحة في تونس بمعمارها الشهير باللونين الأبيض والأزرق ذي الطابع الأندلسي، تنتظر قدوم الصيف على أمل عودة الحياة إليها، واستقبال السياح من مختلف أنحاء العالم كما عهدت قبل ظهور جائحة كورونا التي أدت إلى انحسار السياحة العالمية عامة وفي تونس خاصة.
شوارع وأزقة المدينة التي كانت متنفسا سياحيا ، أصبحت خالية إلا من عدد قليل جدا من السائحين وآخر من التونسيين الذين أتوا ليستمتعوا بأجواء سيدي بوسعيد السياحية الخلابة ذات الأفق الواسع، وللجلوس علي المقاهي العالية الشهيرة التي تطل علي البحر، ولتذوق الأطعمة التونسية المميزة مثل “الكفتاجي” و”اللبلابي” ومعجنات “البمبلوني” ، أو لشراء الهدايا التذكارية من المصنوعات الحرفية التقليدية التونسية التي تشتهر بها المدينة الساحلية.
مدينة سيدي بوسعيد، التي تقع شمال شرقي العاصمة، وهي أيضا مقصد للزوار الذين يأتون لرؤية ضريح أبو سعيد الباجي، أحد أعلام المدرسة الصوفية في تونس في القرن الـ 12 الميلادي، وقد سميت المدينة على اسم الولي الصالح بو سعيد بن خلف الباجي الذي أقام فيها متفرغا للتعبد وناشرا للتعاليم الصوفية.
وتقام احتفالات دينية من أهمها “خرجة سيدي بوسعيد” حيث تدق الطبول وترتل الأذكار الدينية والأناشيد ويجتمع التونسيون بزيهم التقليدي لإحياء ذكري الأولياء الصالحين في أجواء صوفية.
وأعلنت وزارة السياحة والبنك التونسي للتضامن عن منح استثنائية وقروض ميسرة، تستهدف الحرفيين والمؤسسات والمجمعات الحرفية الناشطة في قطاع الصناعات التقليدية للتمكن من مجابهة تداعيات أزمة كورونا.
ويقول خميس حجي ، صاحب أحد المحال للصناعات التقليدية بسيدي بوسعيد ، إن عملية الشراء شبه معدومة، كما أن حجم مبيعات الصناعات التقليدية التي تشتهر بها المدينة انخفض منذ بداية أزمة فيروس كورونا.. مضيفا أن أغلب السائحين كانوا يأتون من أوروبا خاصة فرنسا وإيطاليا وألمانيا وكذلك من دول إفريقية مثل مصر والجزائر وليبيا أما الآن فعدد الزوار أصبح قليلا جدا.
من جانبه، أوضح مهدي مسعودي، (صاحب أحد المحال) أن السائحين من جميع أنحاء العالم يتوافدون علي المدينة خاصة في فصل الصيف، مؤكدا أن أصحاب محلات الصناعات التقليدية هم الأكثر تضررا في المدينة ذلك لأن منتجاتهم تجذب أساسا السائح الأجنبي، حيث يميل السائح إلي شراء المنتجات التي تختلف عن الموجودة في بلاده.
وقال مسعودي إن من أشهر المنتجات التي تلقي إقبالا هي القفص التونسي المصنوع يدويا من خشب الزيتون والحديد ويصنع غالبا في مدينة بنزرت، وصحون سيدي بوسعيد الخزفية الملونة والسجاد والكليم التونسي المنسوج يدويا، “والزربية” التي تشتهر بها تونس والتي تنسج يدويا من الصوف وتستخدم كبساط علي الأرض أو على الحائط للزينة.
من جهة أخري، قالت السيدة ليليا باي، المسئولة بأحد فنادق مدينة سيدي بوسعيد ، إن السائحين الأجانب قليلون بالفندق منذ فترة بسبب أزمة انتشار فيروس كورونا والقيود التي تم وضعها علي التنقل بين البلدان ، موضحة أن هناك سياحة داخلية للتونسيين الذين يأتون إلى الفندق للإقامة والاستمتاع بأجواء المدينة المميزة، والاحتفال بمناسباتهم الخاصة.
وأضافت أنه قبل بداية الجائحة كانت أفواج السائحين من جميع أنحاء العالم تأتي للإقامة بالفندق وكانت نسبة الإشغال 100% في مواسم السياحة أما الآن انخفضت إلى حوالي 10% أغلبهم من التونسيين، معربة عن أملها في عودة السياح تدريجيا بداية من الصيف القادم.
فيما قال حمودة زيادي، أحد المشرفين علي العمل بمطعم بسيدي بوسعيد إن عدد قليل من السائحين يرتاد المطعم هذه الأيام ..مشيرا إلى أن الليبيين والجزائريين الأكثر إقبالا علي المطعم خاصة لتناول الأنواع المختلفة من وجبة الكسكسي التي تشتهر بها تونس، موضحا أن ذروة الموسم السياحي في المدينة عادة ما تكون في شهر يوليو وأغسطس من كل عام.
جدير بالذكر أن وزير السياحة التونسي الحبيب عمار، قد صرح مؤخرا بأن انفراج أزمة القطاع السياحي ستكون بداية من الصيف القادم، خاصة مع وضوح استراتيجية التلقيح ضد فيروس كورونا التي تعتبر نقطة مهمة وأساسية في استعادة نشاط القطاع السياحي تدريجيا.
وكانت الحكومة التونسية قد أقرت في 5 فبراير 2021 آلية جديدة لإسناد قروض ميسرة للحرفيين والمؤسسات والمجمعات الحرفية الناشطين في قطاع الصناعات التقليدية، موضحة أنه بموجب هذه الاتفاقية يمكن للحرفيين والمؤسسات والمجمعات الحرفية الناشطين في القطاع الحصول على تلك القروض من البنك التونسي للتضامن والتي تتراوح بين 5 ألاف دينار للحرفيين و 12 ألف دينار للمؤسسات الناشطة في القطاع كحد أقصى، كما تم إصدار قرار بصرف منح استثنائية شهرية تقدر بـ200 دينار للعاملين في قطاع السياحة والصناعات التقليدية.
زر الذهاب إلى الأعلى