أربع سيدات القسم، أدت .يوم الأربعاء، ضمن التشكيل الوزاري الجديد في السودان وهن وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي وانتصار صغيرون التي نالت حقيبة التعليم العالي وتيسير النوراني وزيرة العمل وبثينة إبراهيم دينار وزيرة الحكم الاتحادي، ليلتحقن بقائمة ضمت 27 سيدة تقلدن مناصب وزارية في البلاد منذ الاستقلال.
وعلى الرغم من إسهاماتها التاريخية القوية لا يزال تمثيل المرأة السودانية ضعيفا على مستويات الحكم العليا، ففي حين تشكل المرأة نحو 49 في المئة من إجمالي تعداد البلاد البالغ 39 مليون نسمة، لم تحظى سوى نحو 34 سيدة فقط بتقلد مناصب تنفيذية عليا بينهن اثنتان في مجلس السيادة الحالي وواحدة رئيسة للقضاء كأول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد.
كان على مر تاريخ السودان تعاقبت العديد من النساء اللائي حكم بعضهن الممالك القديمة وكان للبعض الآخر دور مؤثر في الحروب والحياة الاجتماعية والثقافية وعُرفن تاريخيا بـ”الكنداكات”، ولعبن دورا كبيرا في حكم مملكة النوبة المعروفة بحضارة “كوش”، على مدى مئتي عام، خلال الفترة الممتدة بين القرن الثاني قبل الميلاد والأول الميلادي.
كما تعاقبت على الحكم، خلال تلك الفترة، كل من أشنقدا خيتو وأماني ريناس وأماني شاخيتو وأمانى توري، وكان العامل المشترك بينهن هو القوة والقدرة الفائقة على قيادة الجيوش.
كما جاء ذكر لقب “كنداكة” في قصة حارس الكنوز في الإنجيل والتي تدور أحداثها في أرض السودان الحالية.
وسلطت انتفاضة ديسمبر التي أطاحت بنظام عمر البشير في السودان، الضوء على الدور النسائي في الحضارة السودانية التي تستمد جذورها من الحضارة النوبية؛ وهي الأقدم في التاريخ وتضم الكثير من الحقائق والأساطير المثيرة للجدل.
لقد برزت أهمية المرأة في الثقافات السودانية القديمة منذ العصور الحجرية، وذلك بوجود فن مخصص لإبراز قدسيه المرأة، تجسد في شكل تماثيل أنثويه وجدت في إحدى النقوش التي تعود إلى فتره مملكة كرمه، حيث ظهرت المرأة وهي تقود المركب المقدس، وهي مهمة خاصة مقدسة يقوم بها الكاهن فقط. وفي القرن الثامن الميلادي ظهرت في مملكة نبته الزوجة الإلهية للإله آمون وهي من أرفع الألقاب.
ومع بداية الثورة السودانية في ديسمبر 2018، والتي بنظام الإنقاذ في ابريل 2019، تناولت وسائل الإعلام العالمية بشكل واسع الدور الكبير للمرأة؛ والذي تجسد من خلال الصورة الشهيرة للفتاة آلاء صلاح التي كانت تقود المسيرات، وهي ترتدي ثوبا أبيض وحليا وإكسسوارات تقليدية تعكس تراث المرأة السودانية القديمة وهي تهتف: “أنا حبوبتي كنداكة” لتلهم النساء والرجال على السواء.
وفي حين أكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في اكثر من مناسبه عزمه على تمثيل المرأة في هياكل الحكومة الانتقالية بنسب تصل إلى 40 في المئة بحسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية، إلا أن تحقيق هذا الهدف لا يزال بعيد المنال لأسباب تلخصها الباحثة والناشطة النسوية نهى النقر في قصور دور الحواضن السياسية وخصوصا الاحزاب، إضافة إلى الحاجة إلى تغيير العديد من المفاهيم المجتمعية
وتوضح النقر رؤيتها لموقع سكاي نيوز عربية إن التمثيل الضعيف للمرأة في هياكل الأحزاب يعتبر عائقا كبيرا أمام مشاركتها على مستوى الهياكل العليا للأحزاب.
وتشير النقر إلى أن وجود المرأة في المواقع الحزبية القيادية العليا لا يتعدى ال 25 في المئة في أحسن حالاته.
ولا يزال الكثير من القصور الذي يحيط بالنظرة لدور المرأة وحقها في العمل القيادي وهو ما ظهر جليا في الاحتجاجات التي شهدتها ولاية نهر النيل في شمال السودان خلال الشهرين الماضيين والتي عزا العديد من المراقبين جزءا كبيرا من السبب فيها إلى النظرة القاصرة لتولي المرأة الشأن العام حيث تقف على اعلى هرم الولاية حاكمة امرأة وهي الطبيبة آمنة المكي التي عينت بعد الثورة ضمن أول سيدتين يتقلدن منصب حاكم ولاية إلى جانب الاستاذة الجامعية آمال عزالدين حاكمة الولاية الشمالية الحالية.
زر الذهاب إلى الأعلى