أدب

صانع الأحلام “ج/1”

بقلم إيڤيلين موريس

بدأت أحداث القصة في قرية القوصية منذ حوالي العام عندما وطأت قدم عم ملاك تلك القرية الصغيرة التي كانت رغم قلة عدد سكانها تضج بالأحداث وتملؤها المشاكل.
أما ملاك فكان رجلا يصعب تحديد عمره تميل بشرته إلي البياض وعينيه إلي السواد الحالك،قوي البنية ، ودائم الإبتسام ، لا أحد يعرف مسقط رأسه ولا لماذا أتي أو لمتي سيبقي ولم يُري له عائلة ولم يتحدث قط عن أهل .
يستيقظ مبكرا والظلام باقٍ ليبدأ يومه بالعمل في الحقول المجاوره مقابل عائد يومي يكفيه لسد إحتياجاته فقد كان بسيط المعيشة ولا يطلب الكثير و كان أول عمل له في حقل عم خميس وهو واحد من كبار عائلات القرية رجلا فاضلا له من الأولاد خمس، ولدان وثلاث بنات تزوج إبنه وبنته من إبنة وابن عم سيد الذي يقطن في البيت المجاور له فكان أحمد لفاطمة ، وجمعة لعائشة وبرغم الجيرة التي جمعتهم لسنوات وبرغم النسب إلا انهم كانوا دائمي الخلاف علي أبسط الأشياء بل وزاد الامر سوءا بعد زواج الأبناء فإذا ما حدث خلاف بين أحمد وفاطمة أعادها علي إثره إلي بيت أبيها وجب علي جمعة أن يعيد عائشة إلي بيت أبيها أيضا إلي أن تُحل المشكلو أو العكس ، هذا بالإضافة إلي المشاكل علي حدود الأرض ، وهكذا كانت شكل الحياه بين العائلتين دائما بين شد وجذب.
أما ملاك فكان يتمتع بالبساطة والحكمة بجانب صفاته الأخري فكان إذا أتي عم خميس مُحمل بالهموم والأثقال علت وجهه ابتسامة هادئة، وربت علي كتفي خميس وصنع له كوبا من الشاي إلي أن يهدأ ويبدأ بسرد كل ما يضايقه بينما هو مستمر في عمله ينصت جيدا ولكنه لا يرد بكلمة .لكن العجيب أن بنهاية الحديث كان يلتفت ملاك إليه ناظرا إليه نظرة عميقة تحمل الكثير من الكلام الذي لم يقال فيهدأ خميس ويتحول عنه عائدا إلي بيته ليعيد رؤية الأحداث ولكن بطريقه مختلفه عما سبق ورأها .
في الجانب الاخر وبعد ان ينتهي ملاك من عمله يعود إلي منزله ويتناول بعض الطعام ويستبدل ثيابه ويذهب إلي منزل عم سيد كي يطمئن عليه .
وكان عم سيد يستشعر الراحة في مجالسته فيقص له كل ما يضايقه أثناء احتساؤهما لكوبي الشاي وفي النهاية ينظر إليه ملاك بنفس النظرة العميقة “التي كان ينظر بها لخميس” ثم يتركه ويرحل .
لم تكن نظرات ملاك لخميس وسيد مجرد نظرات عابره فقد كانت نظرات عميقة تحمل أحاديثا تخترق نفوس كل من يتعامل معهم، فهي من جعلت خميس يأخذ الطريق لبيت سيد في الوقت نفسه الذي كان سيد يأخذ نفس الطريق لبيت خميس ليتقابلا في منتصف الطريق، فيقعا كليهما علي عنق الآخر طالبا الصفح عما بدر منه او من ابناؤه.
وهكذا عادت الحياة الجميلة إلي بيت خميس وسيد وحُلت جميع المشاكل فمن جانب وضعا حدودا للأرض لا يتعدي أحدهما فيها علي الآخر ، ومن الجانب الاخر أتفق الأبوان مع الأبناء أن يحلوا مشاكلهم الخاصة  فيما بينهم دون إقحام أحدا فيها.

لكن تُري هل أنتهت مشاكل القرية عند هذا الحد وماذا عن ملاك ، هذا ما سنعرفه في الجزء التالي بإذن الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى