بقلم: اسلمان فولى.
منذ أن كنا صغارا، ونسمع دائما لقب “أم الدنيا” المرتبط بمصر، حتى أننا عندما نسمع جملة “أم الدنيا” دون ذكر مصر، فان أول ما يتبادر الى ذهننا أن المقصود هي مصر تحديدا.
ولعل كان العديدين لا يعلم سبب تلك التسمية، وهل كل شعوب العالم تقول نفس التسمية على بلادها؟!
في الحقيقة، فانه وعلى الرغم من أن كل شعوب العالم ترى بلادها أفضل بلاد في العالم، الا أن لقب “أم الدنيا” تتفرد به مصر فقط دونا عن باقي دول العالم، والأمر له أسباب معينة، وليست تسمية أطلقها الشعب المصري على بلدهم من فراغ.
يعد التفسير المعروف والأشهر، هو أنه تم تسمية مصر ب”أم الدنيا” نسبة للسيدة هاجر زوجة سيدنا ابراهيم عليه السلام، حيث كانت من مصر وتزوجها سيدنا ابراهيم، ثم انتقل بعد ذلك للجزيرة العربية وتم تعميرها، ورفع قواعد البيت العتيق، فكانت التسمية تكريما للسيدة هاجر أم سيدنا إسماعيل عليه السلام.
وفي حديث مشهور، عن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، أنه قال “إنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيراً، فإن لهم ذمة ورحماً”، قال الزهرى: الرحم باعتبار السيدة هاجر، والذمة باعتبار سيدنا إبراهيم عليه السلام، والذمة هى: الحرمة والحق.
كما قال الرحالة “ابن بطوطة” فى كتابه “رحلة ابن بطوطة – تحفة النظَار فى غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”، وهو كتاب يصف رحلته التى استمرت ثلاثين عاما ووصل مصر تقريبا عام 1325 فقال عنها:
“ثم وصلت مصر وهى أم البلاد، وقرارة فرعون ذى الأوتاد، ذات الأقاليم العريضة والبلاد الأريضة، المتناهية فى كثرة العمارة، المتناهية بالحسن والنضارة.. قهرت قاهرتها الأمم، وتمكنت ملوكها نواصى العرب والعجم”.
تحظى مصر بمكانة دينيّة عريقة فقد تمّ ذكر اسمها صراحةً في القرآن الكريم، كما تمّ ذكرها وتقديسها في الكتاب المقدّس، فقد لجأ الأنبياء إبراهيم وإسحق ويعقوب إلى مصر في الأوقات التي عانوا فيها من المجاعة، كما حضر إليها الأنبياء يوسف وموسى وعيسى عليهم السلام، وبالإضافة إلى كلّ ما سبق، فمصر تضمّ جامعة الأزهر التي يعود تأسيسها إلى ألف عام والتي تُعدّ من أهمّ المؤسسات الإسلامية التعليميّة في العالم.
وكان مفتي الجمهورية السابق، الدكتور “علي جمعة”، قد ذهب الى أبعد من ذلك بكثير، حول سبب تسمية مصر ب”أم الدنيا”.
حيث حسب ما نشرته صحيفتي “المصري اليوم” و”صدى البلد” على موقعها، قال الدكتور “علي جمعة” خلال استضافته ببرنامج “مصر أرض الأنبياء” على القناة الأولي المصرية، أن الذي سمى مصر أم الدنيا في الحقيقة، هو سيدنا نوح عليه السلام، وأسماها “أم البلاد وغوث العباد”.
حيث قال الدكتور “علي جمعة”، ظهر هذا اللقب في دعاء النبي نوح عليه السلام لحفيده “مصرايم ابن حام”، وهو الذي تنتسب إلي اسمه أرض مصر عندما جاء ليسكن بأرضها، فقد دعا نوح عليه السلام لحفيده بالبركة، وكذلك للأرض التي سيقيم عليها وهي أرض مصر، ودعا له بأن تكون هذه الأرض هي “أم البلاد” أو” أم الدنيا”.
لذا، يمكننا القول بأن مصر تتمتع بشأن كبير وقيمة كبيرة منذ بداية التاريخ، بل وربما قبل كتابة التاريخ نفسه، وهذا ليس كلام واعتراف المصريين فقط، وانما يشهد بذلك العالم كله.
زر الذهاب إلى الأعلى