مقالات وتقاريرأدب

الكنز دائما في الرحلة 

 

بقلم / سارة جمال

يقولُ (إرنيست هيمنجواي): «منذ طفولتى وأنا أصلُ إلى ما أُريد، لكنني أصلُ وأنا مُنهكٌ بالقدر الذي لا يجعلني أفرح، وكأنّي أُريدُ أن أصلَ لأستريح.. أستريحَ فقط».

في فيلم ديزني/بيكسار الأخير Soul ينتظر جوي عازف موسيقى الجاز – الذي يعاني في وظيفة معلم مدرسي تستنزف روحه- كل يوم الفرصة لكي يحقق ذاته، لكي يلعب البيانو الحر بجانب أشهر عازفي الجاز ويجد شغفه الحقيقي، لكن عندما تجده الفرصة يحدث ما هو غير متوقع، يجلس جوي ويقدم أفضل أداء له لكنه لا يشعر بذلك التحقق والارتقاء السحري الذي من المفترض أن يشعر به بعد وصوله لمبتغاه وتحقيق شغفه.

فكرة السعي وراء الشغف، أو الشرارة كما يسميها الفيلم، هي إحدى التيمات الرئيسية التي يتناولها الفيلم. الشغف قد يكون وسواساً قهرياً يستحوذُ على الإنسان، نتيجةَ الاعتقاد بضرورة التضحية من أجله بكل نفيس، والظنّ بأنه الهدف الأسمى للحياة، فجملة «لا تفقد شغفك» قد يُساء استخدامُها أحيانًا، فظاهرها جيّد ومُحفّز، لكنّ باطنَها يضعُ على كاهل الإنسانِ عبئاً كبيـراً، فالشّغف ليسَ مُرتبطاً بالسّعادة بالضرورة، بل قد يجلبُ التّعاسة، نتيجةً لارتفاع سقفِ التوقعات في ظلّ ظروفٍ غير واقعية، لا يتمتّعُ معها الإنسانُ بمواهب تؤهّله للسّعي خلفه.

ما أدركناه جميعا خلال جائحة كورونا هو أن الحياة كمعنى تكمن في إحساسك بالتفاصيل الصغيرة التي تحدث لك يوميا؛ بحيث أصبح اليوم العادي الذي تستيقظ فيه لتستمع بشرب كوب القهوة المفضل لديك، أو التجمع مع الأصدقاء دون خوف هو من أكبر لحظات السعادة.

أدركنا جميعا أن السعادة تكمن فى الرحلة وليس الوصول؛ فى الأشياء البسيطة التى تمر عليك فى يومك، وكم المشاعر التى تعتلى قلبك يوميا فى أبسط الاشياء دون ان تلتفت اليها، وأنت تجهد نفسك فى البحث عن شغفك وتلاحق البحث عن ذاتك او ما تزعم انها ذاتك وانك ستجد سعادتك هناك.

الحياة قصيرة جدا؛ لذا يجب الاستمتاع بمراحلها في حدود المتاح، فالسعادة لا تكمن في حالة الترف فقط؛ بل تكمن في بهجة الحياة حينما نحبّ، وحينما نبدع، وحينما نساهم في إحداث تغيير إيجابي داخل محيطينا، والأكثر من ذلك حينما يكون الإنسان صادقا مع نفسه، لذلك متعتها تكمن في الرحلة وليس في الوصول.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى