– الفسطاط… قبل الفتح الإسلامي
جاء أول تفكير في فتح مصر بعد إتمام فتح الشام حينما إجتمع الخليفة “عمر بن الخطاب” بقواده في بلده الجابية بالجولان بالقرب من دمشق وفي هذا المؤتمر تقرر فتح مصر بقيادة “عمرو بن العاص” الذي سبق أن زارها وخبر مسالكها .
خرج عمر من مدينه قيسارية بفلسطين على رأس قوة 4000 مقاتل واجتاز رفح والعريش دون مقاومة ثم سلك الطريق الساحلي ولما بلغ مدينة الفرما وهي مدينة قديمة حصينة عند رأس الطريق الصحراوي المؤدي إلى داخل مصر والذي كانت تسمى “بمفتاح مصر” ثم دمرها تماماً لكي لا يستفيد منها العدو وبعدها إستولى عمرو علي قرية “أم دنين” وبعد ذلك إشتبك جيش عمرو مع البيزنطيين في موقعة هليوبوليس “عين شمس حالياً” وانتصر المسلمون على البيزنطيين بقيادة “تيودر” وبعد ذلك لجأ البيزنطيون إلى حصن بابليون وشدد عمرو الحصار عليهم ودام ذلك الحصار لمدة سبعة أشهر أمام شدة وتصميم المسلمين على القتال مما اضطر كيرس إلى عقد هدنة مع المسلمين وهي ماتعرف بمعاهده بابليون ثم رحل المقوقس عن مصر إلى القسطنطينية لعرض الهدنه على “الإمبراطور هرقل” ولكن هرقل غضب واتهم كريس بالخيانة وبعد ذلك
توفي هرقل فكان لهذا الخبر وقع سيء على الجنود البيزنطيين مما أدى إلى سقوط الحصن بيد المسلمين و قبل الروم شروط الصلح التى تقضى بتسليم الحصن وترك الذخائر والأسلحة
وبعد ذلك اتجه “عمرو بن العاص” إلى الضفة الغربيه وأتجه شمالاً فرع رشيد حتى وصل الى الإسكندرية حيث تواجدت قوة كبيرة هناك .
اما في القسطنطينية زاد الإضطراب بعد وفاة هرقل فاستدعى كريس من منفاه لإقامه الصلح مع المسلمين وتم عقد معاهدة بابليون الثانية أو “صلح الإسكندرية” وبذلك انتهت فتره حكم الرومان على مصر
– نشاءة الفسطاط :-
بعد إستقرار الأمور “لعمرو بن العاص” في مصر قامت العديد من التطورات في عهد “عمر بن الخطاب” التي صاحبت بناء عدة مدن وكانت أول المدن هي البصرة التي أسسها “عقبة بن غزوان” والكوفه التي أسسها “سعد بن أبي وقاص” وتلتها الفسطاط 21ه 642م .
يقول المقريزي عن موقعها “أعلم أن موقع الفسطاط الذي يقال له اليوم مدينة نصر كان فضاء ومزارع في ما بين النيل والجبل الشرقي الذي يعرف بجبل المقطم”
تسميتها :
قال القزويني “انه لما فتح مصر عزم الاسكندريه في سنه ٢٠ه وأمر بفسطاطه أن يقوض فإذا بيمامه قد باضت في اعلاه قال تحرمت بجوارنا أقروا الفسطاط حتي يفقس وتطير فراخها ومضى نحو الإسكندرية وفتحها فلما فرغ القتال قال لأصحابه أين تريدون أن تنزلوا قالوا أيها الأمير نرجع إلى الفسطاط لنكون على ماء وصحراء.
وهذه الرواية شائعة عند المؤرخين المسلمين غير أن بعض المحدثين يعتبرون هذه القصة أسطورة من نسج الخيال ومن نمط الاساطير التي تحاك عادة حول تأسيس بعض المدن.
وكان من أهم معالم الفسطاط وهو أول جامع أقيم في مصر ويعرف “بالجامع العتيق” عندما نزل المسلمين في مكانه حاز موضعه “قيسبه ابن كلثوم التجيبي” ونزله وحينما رجع المسلمون إلى هذا المكان سأل عمرو قيسبه في منزله هذا ان يجعله مسجدا فبني في سنه ٢١ه وقد وقف على تحرير قبلته جمع كبير من الصحابه رضوان الله عليه
قال المقريزي: أنهم ثمانون رجل من اصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم منهم “الزبير بن العوام، المقداد بن الاسود، عباده بن الصامت؛ وأبو الدرداء” وغيرهم وكان طوله خمسون ذراع في عرض ثلاثين ثم توالت زيادات حتى عهد المأمون وولاية “عبد الله بن طاهر” والي مصر الى ٥٠/ ١٢٠م وكانت تقام فيه حلقات الدروس وعلوم القران والأدب.
– الاهميه الاقتصاديه :
كانت الفسطاط التي شيدت بالقرب من حصن بابليون مركزاً رئيسياً للتجارة البحرية الخارجية لوقوعها على النيل في موقع متوسط من الوجهين البحري والقبلي ولاتصالها بثغور مصر الشمالية و مدن الصعيد الجنوبية عن طريق النيل تأكد هذا الدور في العصر الفاطمي لإتصالها بالقاهرة وأصبحت الفسطاط ميناء للتجارة القادمة من الصين والهند واليمن وأوروبا كما أصبحت المركز الرئيسي لحركه النقل المائي وقد وصفها “المقريزي” بإنخفاض أسعارها عن القاهره وجدت المحال التجارية على ساحل الفسطاط وكان يستحيل نقل البضائع على ظهور الدواب نظراً لإزدحام مدينة الفسطاط حتى أن الرحاله “المقدسي” الذي زار مدينه الفسطاط تعجب من كثره السفن والمراكب التي رآها بميناء الفسطاط، كما أن الرحاله “إبن سعيد” الذي زار الفسطاط قال” لئن قلت انني لم أبصر على نهر ما أبصرته ذلك الساحل فإني أقول حقاً”.