مقالات وتقارير

التسامح بقلم / أشرف فوزى

التسامح بقلم / أشرف فوزى
تعريف التَّسامح

يُشيرُ لفظ التّسامح -المُشتقّ من الفعل تسامَح الخماسيُّ اللازم المعتدِّي- إلى

التَّساهل والتَّهاون واللين، ومن مدلولاته اللغويَّةُ الحِلمُ والعفوُ والمُسامحة؛ أي غُفرانُ

الحقوقِ، والعفوِ عن الخطأ، والموافقة على الصَّفحوتدلُّ السَّماحةُ لُغةً على السَّلاسة،

والمُساهلة، والتهاونِ، والحِلم، والرِّفق، وفي النُّظم الفلسفيَّة العالمية يُنظر إلى

التسامح على أنَّه احترامٌ تبادليٌّ بين الأفرادِ والآراء، وإظهار اللطف والأدب فيما يُعبِّر عنه

الآخرون لفظيّاً أو سلوكيّاً، مهما كان مستواه صحيحاً كان أم خاطئاً.

أمَّا في اصطلاح اللغةِ والعلوم فيجتمعُ الفلاسفة وأهل اللغة والاجتماع على وصف

التَّسامح كقيمةٍ بأنَّه العطاءُ والبَذلُ المُتفضِّلُ الذي لا إجبار فيه ولا واجب، وهو السُّهولة

في المعاملات، وإنفاذ الأمور وتيسيرها وفي اللينِ
قيمة التَّسامح
يعدُّ خُلُق التَّسامح من أهمِّ القِيم الإنسانيَّة الحياتيَّة العالميَّة؛ إذ يُنظَر إليه على صعيد

الفرد كمُكتسَبٍ قِيَميّ راقٍ؛ يُعزِّز احترام الفردِ لذاته وارتباطه بالآخرين، كما يُنظَر إلى

التَّسامح مجتمعيّاً على أنَّه تشريعٌ ذاتيٌّ مُستحَقٌّ؛ يضمن تحصيل الحقوقِ وأداء الواجباتِ

ليخلق مجتمعاً مُتراحماً مُلتحماً، وتُشكِّل هذه النَّظرة تجاه التَّسامح مسؤوليَّةً سياسيَّةً

وكياناً قيميّاً، يُحتِّم على الجميع احترامه والالتزام بمضمامينه وأخلاقيَّاته.

وقد نصَّت العديد من البيانات والإشعارات والتَّقارير الحديثة على أهمية تعميم التَّسامح

كسمة جماهيريَّة عالميَّة؛ لما يترتَّب عليها من حفظ الأرواح والحريات والحقوق، وتجنيب

العالم ويلات الحروب والتَّشريد، والتَّركيز على المنجزات، والسعي إلى تطوير الشعوب

بدلاً من صناعة الأزمات، ومن ذلك ما تضمَّنه الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان سنة ألفٍ

وتسعمئةٍ وثمانيةٍ وأربعين في معرض سعيه لتعميم التَّسامح؛ حيث ضمَّن الإعلان في

بنده الأوَّل تأكيداً على حريَّةِ الأفراد منذ ولادتهم، وحقِّهم في حفظِ حياتهم وكرامتهم،

وأشار في مادّته السّادسة والعشرين إلى أنَّ تنمية التَّسامح لدى الأفراد كلّهم على

اختلاف جنسيَّاتهم وأعراقهم ودياناتهم هو أحد أهداف التّربية.

أثر التسامح في حياة الفرد والمجتمعات
لا تتوقَّف أهميَّة التَّسامح وقيمته على المعاملات الفرديَّة البسيطة وأنماط العلاقات بين

الأفراد، بل إنَّ التَّسامح حاجةٌ مجتمعيَّة مُلحَّةٌ وأساسٌ تقومُ عليه كافَّةُ المجتمعات

البشريَّة، فالصورة الأخلاقيَّة والواقعيَّة للتَّسامح تنعكس على جميع أنظمة المجتمعات

وتقدُّمها وتطوّرها، وعلى فرض انتفاء هذه القيمة المجتمعية ستنتشر مفاهيم العنف

والتعصُّب والتطرّف، فتتعطَّل المصالح، وتنهدم الحضارات وتتزعزع عوامل أمنها واستقرارها، وتظهر سيادة الآراء المفروضة.

مفهوم التسامح في الحضارات
يتعلَّقُ مفهوم التَّسامح عند الغرب برُكنَين مترابطين، هما الحقوق والواجبات؛ إذ يتعيَّن

على الإنسان أن يعرف حقوقه ومبرِّرات الحصول عليها من جهة، ويفهم واجباته ودوافعه

تجاه تحقيقها من جهة أخرى، ويشيرُ تعريف التَّسامح بناءً على هذه المرتكزات إلى

تدشين المعاملات بما يتناسب مع الاختلافات؛ فالتَّسامح هو نوعٌ من القدرات التي تُحتِّم

على الإنسان العيش مع المتغيِّرات، والتصرُّف السويّ مع كافَّة الاختلافات والتداخلات مع

تعميم ثقافة احترام تلك الاختلافات، ممّا يُنتج بيئةً تكامُليَّة من التعاملات البشرية القائمة

على مبادئ المساواة واحترام الآخر،.

التسامح بقلم / أشرف فوزى

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى