بقلم أحمد عبدالحكيم
عنصرية ضد أصحاب البشرة السوداء ومقتل مواطن امريكي اسود على يد شرطي بطريقة مهينة وأمام العالم أجمع – احتجاجات في كل البلاد ومظاهرات تطوف كل الشوارع وأعمال شغب وعنف واشتباكات مع الشرطة – انتخابات رئاسية وفوز مرشح , والمرشح الاخر الخاسر يعلن عن تزوير في الانتخابات وينصب نفسه رئيسا لفترة جديدة – ثم تأتى الطامة الكبرى في يوم الإقرار بالرئيس المنتخب والتصديق على فوزه باقتحام انصار الرئيس الخاسر للمبنى الذى يمثل رمز الديمقراطية في العالم أجمع وما تبع هذا الاقتحام من تخريب وفوضى وتدمير ..
عزيزى القارئ كل هذه الأحداث التي ذكرتها آنفا لو كانت حدثت في أي دولة كانت كل الدول المتقدمة وفى مقدمتها أمريكا هاجمت هذه الدولة ووصفتها بالتخلف والرجعية وعدم احترام الديمقراطية بل لا استغرب اذا حدثت هذه الأحداث في دولة من دول العالم الثالث أن تقوم أمريكا باقتحام هذه الدولة سواء اقتحاما عسكريا أو سياسيا بحجة المحافظة على دعائم الديموقراطية وحماية الحرية وتحقيق الاستقرار وغير ذلك من الشعارات التي تصدرها أمريكا الى العالم لتنفيذ مصالحها والتدخل في شئون غيرها من الدول ..
كل ما قرأته من أحداث في بداية المقال حدث في أمريكا .. رمز الديمقراطية ومنبع الحرية , حدث في البلد الذى طالما قام بتصدير نفسه على أنه بلد الاحلام ..
ان ما حدث أقل ما يوصف به أنه ذبح لديمقراطية أمريكا وقتل لحريتها وسقوط لقيم ومبادئ طالما سعت أمريكا الى تصديريها الى كل شعوب العالم ..
تابع العالم أجمع يوم الأربعاء الاف المتظاهرين المؤيدين لترامب وهم يقتحمون مبنى الكونجرس الأمريكي الذى يمثل رمز الديمقراطية في كل العالم , وما تابع ذلك من اعمال عنف وتخريب وفوضى لمنع التصديق على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن .. بل العجيب ان يكون هذا المشهد من صنع الرئيس الأمريكي الخاسر والمنتهية ولايته في سابقة لم تشهدها الولايات المتحدة منذ القرن التاسع عشر .
في اعتقادى أن الأمر لن ينتهى عند هذا الحد , بل سوف يؤدى الى مزيد من الصراعات والانقسامات الواسعة داخل المجتمع الأمريكي , بل ان هذه الانقسامات سوف تتعدى الشعب الأمريكي لكى تطال العديد من القيادات السياسية والتيارات الحزبية وخاصة الحزب الجمهورى الذى دعم التظاهر وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات .. ويجب أيضا ان ننظر بعين الاعتبار الى الجانب الإسرائيلى الذى يرى في استمرار ترامب انه في صالح إسرائيل خاصة بعد أن تبنى ترامب العديد من المصالحات التي قامت بها إسرائيل مع العديد من الدول , ولا أبرئ اللوبى اليهودى أن يكون من أحد أطراف مقتحمى الكونجرس الرافض لتنصيب بايدن .
ما حدث سوف يكون محل دراسة وتقييم من الجميع , وسوف يجعلنا ننظر الى الوضع والسياسة الأمريكية بطريقة مغايرة عما كانت تحاول واشنطن تصديره لنا من مثالية كاذبة وديموقراطية زائفة ..
أمريكا بعد يوم السادس من يناير لن تكون مثل أمريكا قبل هذا اليوم , وسوف تظل هذه المشاهد وصمة عار في جبين الدولة التي نصبت نفسها رمز الديمقراطية والحرية والمدافعة عنها في كل البقاع .
هذا الحدث سوف يكون له تداعيات واثار كبيرة على مستقبل الولايات المتحدة بعد أن حطم الأمريكيون حصن الديموقراطية واسطورة الحرية الأمريكية الواهية ..
ما حدث كشف عن حقيقة الوهم الأمريكي الذى حاولت أمريكا تصدريه لكل شعوب العالم ..
وفى النهاية أنا لا اهاجم أمريكا ولا ألبس ثوب المثالية .. ولكن عندما تقوم بتصدير مبادئ الديمقراطية لكل العالم بل وتقوم بمحاربة ومهاجمة والتدخل في شئون كل من يخالف هذه المبادئ وشن الحروب العسكرية بحجة المحافظة على الديمقراطية ودعم ركائز الحرية وغير ذلك من الشعارات المزيفة التي اتخذتها أمريكا حجة لتحقيق مصالحها واهدافها العسكرية والاقتصادية ..
وبعد كل هذه التداعيات والاحداث يمكننا القول ( أمريكا .. أهلا بكِ في دول العالم الثالث .. ولو بعد حين )
ahmed abdelhkem
زر الذهاب إلى الأعلى