أدب

ورحلت 2020

بقلم/  خالد البليسى

مرت أيام عام 2020 وانطوت شهورها وانقضت بكل ما فيها من ذكريات الماضي التي تلاحقنا كسراب ، تختلف المشاعر والأحاسيس بين البشر لما قدموه خلال العام ، فمن هو راض ومقتنع عما قدم ، ومن هو لا يعير اهتمام ولا يترك أي اثر في نفسه ، ومن لا ينسى الذكريات المؤلمة التي مرت عليه ، ومن يذكر الأيام الجميلة من أفراح ومناسبات سعيدة شارك فيها ، ومن يتذكر اتراح مر بها وفقد قريبا أو صديقا ، مضى به قطار الحياة وطوى الزمان صفحته ، أو حضن فقده ، وصوت لا ينساه فودعه ورحل ، ترك له بقايا الماضي ولم يبقي له إلّا الذكريات ، فيدعوا له بالرحمة والمغفرة .
أحداث صارت ذكريات تثير الشجون ، يزداد مع ذكراها خفقان القلب ولهيب في الصدر ، منازل خالية من الاحباب مليئة بالذكريات ، دموع أصحابها لا تجف ، وشوق لا يبرد ، وألم لا ينتهي ، فتلك الغيمة السوداء جاء بها الزمان وشبح مخيف يحمل اسم الرحيل والهجرة والنزوح لينزع الأحباء من موطنهم ويرميهم على سواحل المحيط جثث هامدة ، لبس الكون السواد وترك للأحبة ذكرى دامعة . وآخرون شدوا الرحال إلى ديار الغربة لتحميهم وتعطيهم الامن والأمان ، فهم بين الإشتياق لضحكات الطفولة البريئة التي هي جزء من كيانهم ، وذكرى المكان الذي ولدوا فيه وترعرعوا وارتووا من مائه ، والنسيان الذي لا تبقى في مخيلتهم غير أطلال الوطن .
سنة نودعها ولا تستأذن بالرحيل ، رحلت بدقائقها وساعاتها وأيامها وشهورها رحلت مع مرها وحلوها بسوادها وبياضها ، حفرت في قلب الكثير من الذكريات وأخذت من الكثيرين ، سنة مرت من عمرنا لا تعود ولا قابلة للتكرار ولا ينفع الندم والحزن ، لن يتوقف العمر في محطة السعادة ولكنه يمضي ويجري كأنه حلم يأخذ معه الأشياء الجميلة التي تركت في حياتنا بصمتها الجميلة .
علقنا على جدار غرفتنا التقويم الجديد الذي يحمل معه الايام القادمة المجهولة ورمينا التقويم القديم الذي يحمل معه ملامح من ذاكرتنا ، تذكرنا الكثير من الاصدقاء الذين رحلوا من هذه الدنيا دون وداع ، تذكرنا أصدقاء كانوا أوفياء وآخرين فجأة تحولوا وأصبحوا اعداء ، تذكرنا الذين مازالوا أوفياء أصدقاء كالزهور .
من هذا الزمان تعلمنا أن هناك أشخاص لا يستحقون الأمان بعد ما اعطيناهم ثقتنا خدعونا ، ومن اعطيناهم حياتنا قتلونا ولغيرنا يعيشون نحن نعيش لأجلهم ، فمن يملك قلب حنون يحتار العيش بين بشر تخون .
على صعيد العلاقات الإنسانية والشخصية فقد تراجعت أكثر من أي وقت مضى ، وأصبحت العلاقة والصداقة بين الناس تبنى على أساس الماديات والمصالح وتدهورت إلى أدنى مستوياتها ، وأصبحت الصداقة الحقيقية عملة نادرة تغيرت نفوس الناس وفقد الإنسان احترامه للآخر ، وامتلئ المجتمع بمجموعة آفات وعلل عاصية على الإستئصال والعلاج ، وانتشرت البسمة الكاذبة والخبث والفتن ونشر الأخبار الكاذبة وإثارة الشائعات وفقدت العلاقة الإنسانية التي مضمونها المتمثل بالمحبة وباتت قائمة على الخداع والمظاهر الفارغة . وهكذا مرت الايام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى