هبة صالح
العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود في اليوم السابع من مولده، وهي سنة مؤكدة في الإسلام، عن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وتكون شكراً لله عز وجل، على المولود، ذكرا كان أو أنثى، وهى تكون شاتان مكافئتان عن الغلام، وشاة واحدة عن الأنثى، وقد كانت العقيقة معروفة عند العرب في الجاهلية قبل الإسلام، ويقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة ” رواه أبو داود والنسائي، وأما عن قوله صلى الله عليه وسلم، في الحديث ” فأحب أن ينسك عنه” فهو يدل على عدم الوجوب وإنما هي للأستحباب، فمن أحب يذبح ومن لم يحب لاشيء عليه، ولكن يقال من كان له قدرة واستطاعة فالأولى والأفضل والأكمل والأحسن وخروجا من خلاف أهل العلم هو أن يعق عن المولود.
ومن لا يستطيع فلا يجب عليه للعجز، لعموم قول الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم ( لايكلف الله نفساً إلا وسعها ) ولقوله سبحانه وتعالى ( وما جعل الله عليكم في الدين من حرج ) فالعقيقة يقال لها عقيقة ويقال لها نسيكة ويسميها بعض الناس تميمة، وهي عن الذكر إثنتان وعن الأنثى واحدة من الغنم، وتجزئ في الأضحية يعني جذع ضأن أو إثني من الماعز فما فوق، فهذه يقال لها العقيقة، وهي سنة مؤكدة، لأن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أمر بها، فأمر أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، وقال: كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى، فالسنة لأب الطفل أن يذبح عن ولده الصغير إثنتين إذا كان ذكرا وعن الجارية واحدة في اليوم السابع، فإن لم يتيسر ذبحها بعد ذلك، في الرابع عشر في الحادي والعشرين.
وذلك كما يروى عن السيده عائشة رضي الله عنها أو في غير ذلك، وهى ليس لها حد محدود بعد السبع، وإن تيسر اليوم السابع فهو أفضل ويحلق رأس الطفل الذكر ويسمى وإن سمي عند ولادته فلا بأس، قد سمى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعض أولاد الأنصار يوم الولادة وسمى ابنه إبراهيم يوم الولادة وإن سمي يوم السابع فكذلك كله سنة،
أما العقيقة والحلق يكون يوم السابع، ويحلق رأس الذكر، وأما الأنثى لا، وإذا ذبح العقيقه بعد ذلك بشهر أو شهرين أو سنة أو أكثر كل هذا لا بأس به، والسنة أن يأكل منها ويطعم ويتصدق منها وإن جمع عليها جيرانه وأقاربه أو تصدق بها كلها فلا بأس وكله طيب، وهى ليس فيها حد محدود بحمد الله، الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أمر بها ولم يقل: افعلوا بها كذا وكذا، فدل على التوسعة.
وإن أكل منها أو ادخر منها أو أطعم جيرانه، أو تصدق بها كلها ولكن الأفضل أن يتصدق منها بعض الشيء، وإن وزعها كلها أو جمع الجيران والأقارب عليها والأصدقاء فهذا كله طيب، والعقيقة هي مثل الضحية، ويعني أنها سنها سن الضحية، وهى جذع ضأن أو إثني معز عن الرجل، ويعني عن الذكر يذبح اثنتين وعن الأنثى واحدة، والأفضل يوم السابع وإن ذبحها بعد ذلك أجزأت لكن الأفضل في يوم السابع، وهو مخير إن شاء قسمها على الفقراء والجيران والأقارب، وإن شاء جعلها وليمة ودعا إليها من شاء من أقاربه وجيرانه، وإن شاء قسم بعضها وأكل بعضها مع من حوله من إخوانه وجيرانه، ويسن له أن يعطي الفقراء منها ما تيسر، فالعقيقة هي الذبيحة التي تذبح للمولود، وأصل العق هو الشق، والقطع، وقيل للذبيحة عقيقة لأنه يشق حلقها.
ويقال عقيقة للشعر الذي يخرج على رأس المولود من بطن أمه، والذي تطلب منه العقيقة هو: من تلزمه نفقة المولود، فيؤديها من مال نفسه، لا من مال المولود، ولا يفعلها من لا تلزمه النفقة، إلا بإذن من تلزمه، وهو مذهب الشافعية، وقالوا: إنه عقّ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين، محمول على أن نفقتهما كانت على الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أنه عقّ عنهما بإذن أبيهما، وإذا بلغ المولود، ولم يُعق عنه، عق عن نفسه، وذكر المالكية أن المطالب بالعقيقة هو الأب، وصرح الحنابلة أنه لا يعق غير الأب، إلا إن تعذر، بموت، أو امتناع، فإن فعلها غير الأب، لم تكره، وإنما عق النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين، لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ولا يجزئ فيها إلا ما يجزئ في الأضحية، فلا يجزى فيها عوراء، ولا عرجاء، ولا جرباء، ولا مكسورة.
ولا ناقصة، ولا يجز صوفها، ولا يباع جلدها، ولا شيء من لحمها، ويأكل منها، ويتصدق، ويهدي، فسبيلها في جميع الوجوه سبيل الأضحية، ولا حرج في كسر عظمها، ولا يلتفت إلى قول من قال: إنه لا يكسر، تفاؤلا بسلامة الصبي، إذ لا أصل له في كتاب، ولا سنة صحيحة، وغاية ما احتجوا به هو ما روي عن السيده عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: “السنة شاتان مكافئتان عن الغلام، وعن الجارية شاة، تطبخ جدولا، لا يكسر لهما عظم ” أخرجه البيهقي، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، ولكن قال الإمام النووي رحمه الله، وأما حديثها الآخر في طبخها جدولًا، فغريب، رواه البيهقي، وعلى هذا فالحديث معلول، لا يحتج به، ويؤيد هذا الحكم ما قاله الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل من أن ظاهر الإسناد الصحة.
ولكن له عندي علتان: الأولى: الانقطاع والأخرى الشذوذ، والإدراج، فقولها: ” تطبخ، أو تقطع جدولا، لا يكسر لها عظم ” وهو من كلام عطاء موقوفا عليه، فهو مدرج في الحديث، وأما عن السن المجزئ في الأضحية، والعقيقة، إذا كانت من الإبل، أن تكون مسنة، وهي ما لها خمس سنين، ومن البقر ما له سنتان، ومن المعز ما له سنة، ومن الضأن ما له ستة أشهر، ولا يجوز أن يكون سنها أقل مما ذكر، ولا يشترط أن يرى الوالد دم العقيقة، وليس على ذلك دليل، وقد ذهب جمهور الفقهاء الى أنه يستحب طبخ العقيقة كلها، حتى ما يتصدق به، وإن فرّقها دون طبخ، جاز ذلك، ولكن هناك أسئله فقهيه فى ذلك فهل لو مات المولود قبل اليوم السابع هل يعق عنه؟ فنقول نعم يعق عنه ولو لم يبقى لليوم السابع، بما أنه خرج حياً يعق عنه.
وهل لو خرج المولود حياً ثم مات المولود قبل أن يعق عنه هل يعق أم لا ؟ فنقول بما أنه خرج حياً ومات بعد ذلك سواء كان مات قبل اليوم السابع أو بعده، فإنه يعق عنه، وهل لو خرج المولود ميتاً هل يعق عنه ؟ فنقول أنه إذا خرج ميتاً لا يخلو من حالتين: وهو خرج قبل نفخ الروح فيه وهذا لا يعق عنه، أو خرج بعد نفخ الروح فيه وهذا يعق عنه، ولكن كيف يُعرف أن هذا المولود قد نُفخ فيه الروح أولا ؟ فنقول إذا تم للمولود أربعة أشهر، أي يكون تم له مائة وعشرون يوما، فقد نفخت فيه الروح، فيعق عنه، أو إذا لم يتم للمولود أربعة أشهر، أي أنه لم يتم له مائة وعشرون يوما، فهذا لم تنفخ فيه الروح، فلا يعق عنه، لأن المولود ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر، أي إذا تم له مائة وعشرون يوما، وذلك لحديث عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه.
قال حدثنا رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق فقال ” إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ” متفق عليه، وفى النهايه هل يصح كسر عظم العقيقة أى الذبيحة ؟
فنقول إن بعض أهل العلم قالوا لايكسر عظمها، وقالوا من باب التفاؤل بسلامة الولد وعدم إنكساره، ولكن هذا الكلام ليس عليه دليل من كلام الله عز وجل، ومن كلام رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فيصح كسر عظم العقيقة ولا إشكال في ذلك، وقالوا كذلك الأفضل أن تطبخ بالماء الحلو، أي يوضع فيها سكرا، وقالوا ذلك تفاؤلا بحلاوة أخلاق الطفل، وهذا القول ضعيف وليس عليه دليل من كلام الله تعالى ولا من كلام رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
زر الذهاب إلى الأعلى