بقلم/ ساره جمال
في تجربة علمية تم صنع غرفة زجاجية biosphere حسب أحسن المواصفات العلمية والتقنية لزراعة أشجار بداخلها ولكن هذه الاشجار عندما تكبر وتعلو تسقط وتموت، احتار العلماء وقتها عن سبب هذا وبعد الأبحاث توصلو إلى حقيقة أن هذه الغرفة لا تتضمن رياح وهي عنصر مهم في الطبيعة، لأنه بوجود الرياح تغرس الشجرة جذورها بشكل أقوى وتنمو بثبات حتى تنجو من الرياح، وبالتالي تصمد، أما عندما تختفي هذه الأجواء فإنها تنمو بطريقة هشة وأقل ضغط أو حمل يسقطها.
أنت نفس تلك الشجرة وتلك الغرفة هي منطقة الراحة التي تضع نفسك بها بعيدة عن المجازفات والتجارب الصعبة والمجهول حتى تحمي نفسك ولذلك تنمو روحك وذاتك بطريقة هشة؛ بمعنى أن أقل عائق او تجربة او كلمة او تصرف شخص أو فشل تضعفك تتعبك تكئبك وقد تسقطك، أما لو كبرت خارجا مع كل الرياح والتجارب لتعلمت كيف تقف، كيف تغرس جذورك، كيف تنمو أوراقك كلما تسقط، كيف انك لن تهتم بالأشخاص التي تمر في حياتك وتضفي عليك تجارب قاسية او كلمات جارحة، فجذروك هي ذاتك وجذعك هي روحك وشموخك يتبع الشمس والنور وليس الظلمة.
منطقة الراحة هي أفكار من نسج عقولنا نرى من خلالها الكون، حالة نفسية ترضينا ونتوقع ما يحدث بها، لذلك فهي تختلف من شخصٍ لآخر، المشترك أنها حالة يرتاح فيها العقل من التوتر والقلق وعدم اليقين، ويعيش حالة من الروتين الذي يصل حتى لحد الملل.
الخروج من منطقة الراحة يبدأ من أفكارنا، ومشاعرنا، وبمجرد الانطلاق سنكتشف أن الخوف المحيط لم يكن سوى وهم. الخوف مما لا نعرفه ينطوي على خوفٍ من الفقد، من فقد ذاواتنا وما نحن عليه، وعلينا دائمًا التفكير مليًا فيما إذا كانت مخاوفنا من التغيير، حقيقة، أم مجرد أوهام نسجن فيها أنفسنا.
الشجرة كائن حي مثلك ورغم انه ليس لديها عقل ولكنها فضلت ان تكون خارجا فماذا يوقفك أنت ولديك العقل والقدرة على التعلم ؟ أنظر لتلك التجارب التي تمر بها كالرياح للشجرة استخدمها لمصلحتك واعتبر منها لتغرس جذورك أقوى في الأرض والحياة.
حياتك الحقيقية ستبدأ بمجرد خروجك من هذه المنطقة، والخروج منها أمر أساسي لإكتشاف شغفك وإيجاد السعادة التي تبحث عنها، حيث يبدأ التطوير والتغيير فيها لجعلك أكثر تميزا، وكما يُقال “الأشياء العظيمة لا تأتي أبدا من منطقة الراحة .. فالحياة تبدأ من نهاية منطقة الراحة الخاصة بك”.
