اخبار عربية

التيجراي ولعها في إثيوبيا،، وبني شنقول يترقب، هل سينفصل إقليم بني شنقول الذي يعود للسودان،

كتب : سيد يمني

يقع سد النهضة بأراضي إقليم بني شنقول قمز وهي أرض تمتد جذورها للسودان وحصلت عليها إثيوبيا.. وأغلب قياداتها تقيم خارج إثيوبيا ويناضلون من أجل عودة الإقليم للسودان.

بعد تكثيف العملية الأمنية في منطقة تيغراي في شمال إثيوبيا، والذي يطالب سكانه بالانفصال عن البلاد، خرج رئيس الوزراء آبي أحمد، أمس الاثنين، ليطمئن الإثيوبيين أنه لا مخاوف من انزلاق البلاد في فوضى، مشيرا إلى أن عمليات إنفاذ القانون ستنتهي قريبا، الأمر الذي زاد المخاوف من تصاعد التوتر واندلاع حرب أهلية وتقسيم البلاد إلى ولايات.

وتجاهل رئيس وزراء إثيوبيا دعوات من الأمم المتحدة للتفاوض مع القادة المحليين في الإقليم، الذي يعد موطن جماعة عرقية ظلت تقود الائتلاف الحاكم على مدى عقود إلى أن تولى أبي أحمد السلطة عام 2018، وقرر قصف أهداف في الإقليم المتاخم للحدود مع السودان وإريتريا، لقي خلاله ستة على الأقل مصرعهم وأصيب العشرات.

وزاد من تفاقم الأحداث قيام رئيس الوزراء بتعيين قادة جدد للجيش والمخابرات والشرطة الاتحادية ووزير جديد للخارجية، وهي تغييرات يقول محللون إنها جمعت حلفاء مقربين في مناصب عليا مع تصاعد حدة الصراع.

وسط ذلك كله أين سد النهضة الذي يشهد خلافات بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، من هذه الاضطرابات؟وهل تؤثر تلك الأحداث على الملف الآخر الذي تفتح فيه أديس أبابا جبهة نزاع ممتد مع مصر والسودان؟ وهل ستواصل مفاوضاتها في هذا الملف متسلحة بالتعنت الدائم والمتواصل من جانبها طيلة تلك السنوات أم ستؤدي الاضطرابات الداخلية إلى قيام إثيوبيا بتخفيف حدة التوتر مع مصر والسودان وتهدئة الأمور والتفاوض بإيجابية لحسم هذا الملف حتى تستطيع التركيز في احتواء مشكلاتها الداخلية؟

إن في إثيوبيا عدة أقاليم وعرقيات يجب النظر تفصيليا إليها قبل الإجابة عن الأسئلة الخاصة بسد النهضة حتى نفهم طبيعة الأوضاع هناك وطبيعة الصراع، أن إثيوبيا مكونة من 9 أقاليم فيدرالية، هي تيغراي وأمهرة وبني شنقول قمز وأورمو واوجادين وهي متنازع عليها مع الصومال واحتلتها إثيوبيا في العام 1948 ثم هرري وهي ذات طابع إسلامي وكامبلا وديرة داوا.

أن الأورمو أكبر جماعة عرقية في البلاد، وتحتل مساحة كبيرة من أراضي إثيوبيا حتى الحدود الكينية، ويندرج تحت لوائها أكثر من 24 جماعة فرعية، ويسيطرون على أغلب المناصب، ومنهم رئيس الوزراء الإثيوبي الحالي أبي أحمد، فيما تمتد جذور أقاليم عفر وتيغراي إلى إريتريا وهم أقلية، بينما تمتد جذور إقليم أوجادين إلى الصومال.

إن إقليم تيغراي وإن كان من الأقلية إلا أنه الأكثر نفوذا وتسليحا، وكان ينحدر منه رئيس الوزراء السابق ميليس زيناوي، وخرج من المنصب ليتولاه أبي أحمد الذي ينتمي إلى الأورمو، ولدى الإقليم جيش وجبهة تسمى جبهة تحرير تيغراي، وكانوا وراء الإطاحة بإمبراطور إثيوبيا السابق هيلا سيلاسي، وهناك صراع كبير بينهم وبين الأمهرة.

أن كل إقليم لديه جبهة تحرير وجيش، وتوحدوا جميعا للإطاحة بالإمبراطور، وعقب وصول زيناوي ميليس للسلطة حاول تفتيت كل جبهات التحرير في كافة الأقاليم، وسحب السلاح منهم، ونجح مع بعض الأقاليم وفشل مع الآخرين، فيما ينتظر كل إقليم الفرصة للاستقلال الذاتي عندما تسنح له الظروف بذلك، وهو ما يخشاه أبي أحمد رئيس الوزراء الحالي، لأنه مع استقلال كل إقليم ستتفتت إثيوبيا، ومع تفتتها لولايات مستقلة لن تكون هناك دولة فيدرالية، وتصبح كل ولاية مسؤولة عن مواردها وأراضيها.

إن رئيس الوزراء الإثيوبي ونتيجة تأخره في إجراء الانتخابات الفيدرالية التي ينادي بها حكام الأقاليم بحجة كورونا أدى وفقا للدستور إلى أن تقوم كل ولاية بانتخاباتها، وهو ما حدث في تيغراي التي أجرت انتخابات، ووفقا للدستور يتبقى لها خطوة لإعلان الانفصال رسميا، لذا يحاول رئيس الوزراء الحالي إجهاضه، واستخدم الجيش الإثيوبي لضرب الإقليم ومنشأته، واصطدم برفض وزير الخارجية وقائد الجيش وقائد المخابرات، لذا أطاح بهم، وهو ما قد يعمق الصراع ويدخل البلاد في حرب أهلية.

في حالة دخول حرب أهلية، وهو متوقع ، فإن إقليم الأورمو الذي يرفض كذلك سياسات أبي أحمد بعد مماطلته في إجراء الانتخابات وقيامه باعتقال المعارض الأشهر جوهر محمد، وهو من أبناء الإقليم، والمنافس الأول لأبي أحمد، واغتيال المغني الأورومي هاكالو هونديسا، ومقتل عشرات المتظاهرين سيدخل المعركة بقوة وسيطالب بالانفصال.

الدستور يحدد طريقة انفصال كل إقليم، ومنها إجراء الانتخابات بشكل مستقل، وهو ما فعله إقليم تيغراي، وقد يلحق بهم الأورمو، نظرا للاحتقان داخل الإقليم من أبي أحمد، وبعدهما إقليم بني شنقول، وهو الإقليم الذي يقع في أراضيه سد النهضة، مشيرة إلى أن سياسات رئيس الوزراء الإثيوبي الحالية واستخدامه للحل العسكري لاحتواء أزمات الأقاليم سيدفعها لا شك للانفصال والتمرد على الدولة الفيدرالية وإعلان الاستقلال عنها، وهو ما سيؤدي لحروب أهلية قد لا تنتهي إلا بتفتت إثيوبيا لدويلات وولايات صغيرة.

نأتي لسد النهضة فهو يقع بأراضي إقليم بني شنقول قمز، وهي أرض تمتد جذورها للسودان وحصلت عليها إثيوبيا، وأغلب قياداتها تقيم خارج إثيوبيا، ويناضلون من أجل عودة الإقليم للسودان، خاصة أنه كان في الأصل تابعا للسودان، مؤكدة أن سكان الإقليم يرغبون في الانفصال.

لو حدث وانفصل إقليم بني شنقول أو عاد للسودان، فمصير سد النهضة سيكون غامضا، فالإقليم فقير الموارد ولن يستطيع إكمال بناء السد، فضلا عن أن السكان يرفضون السد من الأساس، وبالتالي قد يتوقف البناء، أما لو لم ينفصل الإقليم وظل تابعا لإثيوبيا وانشغل رئيس الوزراء في حربه مع إقليمي تيغراي والأورمو فإن الأموال التي كانت تخصص لبناء السد سيتم توجيهها لتمويل الحرب والنزاع، خاصة أن مصر نجحت في وقف التمويل الخارجي للسد، وتقوم إثيوبيا حاليا بإكمال البناء من موازنة الدولة وتبرعات المواطنين، وهو ما قد يتوقف بعد تحويل هذه الأموال لتسليح الجيش وتمويل نفقات الحرب.

الخلاصة أن بناء سد النهضة سيتوقف في كلتا الحالتين، وهو ما قد ينتهي إما بتأجيله لفترة أو صرف النظر عنه تماما وتحوله لأطلال، مؤكدة أن التوجه الحالي لرئيس الوزراء الإثيوبي وبعد التغييرات الأخيرة في الجيش والمخابرات تعني أنه ذاهب للحل العسكري، وأن إثيوبيا ذاهبة للحرب الأهلية لا محالة ما لم تحدث معجزة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى