صحة

جراحة التجميل وخطأ الطبيب

بقلم  / أحمد طلعت

من الملاحظ في الآونة الأخيرة ازدياد عدد المرضى الذين يشتكون من الإهمال الطبي الواقع بسبب بعض الأطباء لاسيما أطباء التجميل مما دفع هؤلاء المرضى المتضررين الى تقديم بلاغات ضد بعض الأطباء اللذين يتورطون في هذا الاتهام ، حيث يمكن أن يصل الامر الى احداث عاهة مستديمة .
والجدير بالذكر ان قانون العقوبات ينص على عقوبة جنحة الإهمال الطبي والتي تتراوح عقوبتها بين الحبس سنه الى 3 سنوات بحد اقصى بحسب ظروف الواقعة المعروضة على القاضي.

أولا: معيار الخطأ الطبي في الجراحة التجميلية.
يعتبر التزام الطبيب في الجراحة التجميلية من حيث الأصل هو التزام ببذل عناية خاصة، ويتلخص الالتزام بعناية في بذل الجهود الصادقة اليقظة التي تتفق والظروف القائمة والأصول العلمية الثابتة، بهدف تحسين حالة المريض، وأي إخلال بهذا الالتزام يشكل خطأ طبيا قد يترتب عليه مسؤولية الطبيب.
وهذا ما عبرت عنه محكمة النقض المصرية: “بأن التزام الطبيب ليس التزاما بتحقيق نتيجة وإنما هو التزام ببذل عناية، إلا أن العناية المطلوبة منه تقتضى أن يبذل لمريضه جهودا صادقة يقظة تتفق – في غير الظروف الاستثنائية- مع الأصول المستقرة في علم الطب، فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسؤول.
وجراح التجميل وإن كان كغيره من الأطباء لا يضمن نجاح العملية التي يجريها، إلا أن العناية المطلوبة منه أكثر منها في الأحوال الأخرى اعتبارا بأن جراحة التجميل لا يقصد منها شفاء المريض من علة في جسمه و إنما إصلاح تشويه لا يعرض حياته لأي خطر”
وتعبر المحكمة الإدارية العليا عن ذات المبدأ بقولها: “إن التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية، فيسأل عن كل خطأ يقع منه جسيما كان أو يسيرا طبقا للأصل العام الذي رددته المادة 164من القانون المدني المصري، وهو أن يسأل الشخص عن خطئه أيا كانت درجته دون تفرقة بين درجة هذا الخطأ، وإنما المعيار في تقدير خطأ الطبيب وتعيين مدى واجباته يكون إما بمقارنة مسلك طبيب عادي إذا وجد في مثل ظروفه الظاهرة، أو بمقارنة مسلك طبيب أخصائي مثله إذا وجد في مثل هذه الظروف، لأن الأخصائي محل ثقة خاصة لها وزنها عند تقدير معيار الخطأ نظرا لتخصصه، كما أنه إذا كانت المحكمة تتطلب من القاضي ألا يوغل بنفسه في فحص النظريات العلمية المختلف عليها ومناقشتها و أن يوازن هو بينها ويرجح إحداها على الأخرى ترجيحا يبني عليه حكمه في خطأ الطبيب ومساءلته عن هذا الخطأ، إلا أنه ليس معنى هذا أن القاضى ممنوع من تقدير الخطأ بمعياره القانوني الواجب، أو أن الطبيب لا يسأل عن خطئه الثابت ولو كان يسيرا، بل المقصود من ذلك أن القاضي يجب أن يستخلص الخطأ بمعياره المحدد آنفا من وقائع واضحة ثبت منها أن مسلك الطبيب عاديا كان أو أخصائيا بحسب الأحوال كان مسلكا يتنافى مع الأصول الثابتة المقررة في المهنة والتي لا يحتاج القاضي في التثبت منها إلى الخوض في مناقشة نظريات علمية أو أساليب مختلف عليها، فإذا ما ثبت خطأ الطبيب على هذا النحو، وجب مسائلته عنه، أيا كانت درجته جسيما كان أو يسيرا “
وخلاصة القول أن معيار الخطأ الذي يستقر عليه القضاء في تحديد مسؤولية جراح التجميل يرتكز على ثلاثة أسس:
1- تقدير سلوك جراح التجميل على ضوء سلوك جراح تجميل آخر من نفس المستوى.
2- الظروف الخارجية التي تحيط بالعمل الجراحي، توافر الإمكانيات من عدمه فالوحدة الريفية تختلف عن العيادة والمستشفى المجهز
3- مدى اتفاق العمل الجراحي مع تقاليد المهنة والأصول العلمية المستقرة .
ثانيا: صور الخطأ الطبي في الجراحة التجميلية :
تتعدد الصور التي يظهر فيها الخطأ الطبي، وحصر هذه الصور يبدو أمرا مستحيلا ويتناقض مع ظروف الواقع المتغيرة والمتطورة، وقد رأينا أن نعرض لأهم صور الخطأ الطبي في الجراحة التجميلية وهي الإهمال وعدم الحيطة، عدم التحكم في التقنية، وعدم التناسب بين مخاطر العملية وفوائدها
1-الإهمال وعدم الحيطة:
إن دراسة أحكام الإجتهاد القضائي تؤكد أن الجراح التجميلي يقع عليه التزام بالحيطة والحذر أشد من الالتزام الذي يتحمله الجراح في الجراحة العامة ، وبهذا الصدد أدانت محكمة النقض الفرنسية في عام 1963جراحا قام بعملية شفط الشحم على مستوى الظهر، إنتهت هذه العملية بالفشل وإحداث مضاعفات، فقررت المحكمة مسؤولية هذا الأخير، مستندة في ذلك أن هذا الجراح لم يقم بالمراقبة الطبية الكافية، رغم بقاء المريض في العيادة، ذلك أن بقاء المريض في العيادة لمدة طويلة ليس عاملا حاسما في الوقاية من المضاعفات التي أصيب بها المريض، وعليه يعتبر إهمال الطبيب في هذه الحالة خطأ مفترضا في جانبه، ولكي يدفع عن نفسه المسؤولية يحب أن يثبت قيام السبب الأجنبي.
ولكن رغم تشدد القضاة في موقفهم هذا، إلا أن الثابت حسب الاجتهاد القضائي يؤكد على أن التزام جراح التجميل هو التزام ببذل عناية، ولكن مجرد الإهمال يشكل خطأ.
2-عدم التحكم في التقنية:
يعتبر التحكم في تقنية الجراحة التجميلية عنصرا إضافيا مطلوبا من الجراح التجميلي، وفي هذا السياق أكدت محكمة استئناف ليون في قرارها الشهير الصادر في عام 1981على ما يلي: “على الجراح التجميلي التحكم الكامل من التقنية الجراحية خاصة وأن تدخله لا تفرضه الضرورة ولا الحالة الاستعجالية .
3- عدم التناسب بين مخاطر العملية وفوائدها:
ينبغي على جراح التجميل أن يظهر حرصا زائدا ودقة بالغة وهو بصدد تقرير المخاطر المتوقعة و الفوائد المرجوة، ومن ثم ينبغي عليه أن يكون واثقا من تدخله ودقة عمليته ومدى النتائج المتوقعة منها، بحيث يجب أن يكون هناك قدر من التناسب بين الغاية المرجوة والمخاطر المحتملة من وراء الجراحة
ثالثا: إثبات الخطأ الطبي في الجراحة التجميلية:
من المعلوم أن كيفية إثبات الخطأ تتوقف على تحديد مضمون الالتزام، هل هو التزام بتحقيق نتيجة أم التزام ببذل عناية، فإذا تعلق الأمر بالتزام بتحقيق نتيجة، كان الخطأ مفترضا بمجرد عدم تحقق النتيجة المرجوة، ويقع على المدين بالالتزام إذا أراد التخلص من المسؤولية إثبات السبب الأجنبي، أما إذا تعلق الأمر بالتزام ببذل عناية فإنه على الدائن إثبات خطأ المدين المتمثل في التقصير أو الإهمال في بذل العناية اللازمة.
وفى النهاية ما يمكن أن نخلص إليه من خلال هذا الموضوع أن للخطأ الطبي في الجراحة التجميلية طابع خاص من عدة جوانب أهمها التشدد في تقدير إهمال وعدم حيطة جراح التجميل، التشدد في تقدير مراعاة جراح التجميل لقاعدة التناسب بين مخاطر العملية وفوائدها كما يظهر التشدد في اشتراط تحكم جراح التجميل في تقنية الجراحة التجميلية…الخ.
كما انه من الملاحظ هو غياب النص الصريح الذي ينظم هذا النوع من الجراحة والاستئناس بالنصوص العامة المنظمة للمهن الطبية ،على الرغم من التقدم العلمي الذي عرفته الجراحة التجميلية في العالم.بقلم أحمد طلعت
:جراحه التجميل وخطأ الطبيب

من الملاحظ في الآونة الأخيرة ازدياد عدد المرضى الذين يشتكون من الإهمال الطبي الواقع بسبب بعض الأطباء لاسيما أطباء التجميل مما دفع هؤلاء المرضى المتضررين الى تقديم بلاغات ضد بعض الأطباء اللذين يتورطون في هذا الاتهام ، حيث يمكن أن يصل الامر الى احداث عاهة مستديمة .
والجدير بالذكر ان قانون العقوبات ينص على عقوبة جنحة الإهمال الطبي والتي تتراوح عقوبتها بين الحبس سنه الى 3 سنوات بحد اقصى بحسب ظروف الواقعة المعروضة على القاضي.

أولا: معيار الخطأ الطبي في الجراحة التجميلية.
يعتبر التزام الطبيب في الجراحة التجميلية من حيث الأصل هو التزام ببذل عناية خاصة، ويتلخص الالتزام بعناية في بذل الجهود الصادقة اليقظة التي تتفق والظروف القائمة والأصول العلمية الثابتة، بهدف تحسين حالة المريض، وأي إخلال بهذا الالتزام يشكل خطأ طبيا قد يترتب عليه مسؤولية الطبيب.
وهذا ما عبرت عنه محكمة النقض المصرية: “بأن التزام الطبيب ليس التزاما بتحقيق نتيجة وإنما هو التزام ببذل عناية، إلا أن العناية المطلوبة منه تقتضى أن يبذل لمريضه جهودا صادقة يقظة تتفق – في غير الظروف الاستثنائية- مع الأصول المستقرة في علم الطب، فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسؤول.
وجراح التجميل وإن كان كغيره من الأطباء لا يضمن نجاح العملية التي يجريها، إلا أن العناية المطلوبة منه أكثر منها في الأحوال الأخرى اعتبارا بأن جراحة التجميل لا يقصد منها شفاء المريض من علة في جسمه و إنما إصلاح تشويه لا يعرض حياته لأي خطر”
وتعبر المحكمة الإدارية العليا عن ذات المبدأ بقولها: “إن التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية، فيسأل عن كل خطأ يقع منه جسيما كان أو يسيرا طبقا للأصل العام الذي رددته المادة 164من القانون المدني المصري، وهو أن يسأل الشخص عن خطئه أيا كانت درجته دون تفرقة بين درجة هذا الخطأ، وإنما المعيار في تقدير خطأ الطبيب وتعيين مدى واجباته يكون إما بمقارنة مسلك طبيب عادي إذا وجد في مثل ظروفه الظاهرة، أو بمقارنة مسلك طبيب أخصائي مثله إذا وجد في مثل هذه الظروف، لأن الأخصائي محل ثقة خاصة لها وزنها عند تقدير معيار الخطأ نظرا لتخصصه، كما أنه إذا كانت المحكمة تتطلب من القاضي ألا يوغل بنفسه في فحص النظريات العلمية المختلف عليها ومناقشتها و أن يوازن هو بينها ويرجح إحداها على الأخرى ترجيحا يبني عليه حكمه في خطأ الطبيب ومساءلته عن هذا الخطأ، إلا أنه ليس معنى هذا أن القاضى ممنوع من تقدير الخطأ بمعياره القانوني الواجب، أو أن الطبيب لا يسأل عن خطئه الثابت ولو كان يسيرا، بل المقصود من ذلك أن القاضي يجب أن يستخلص الخطأ بمعياره المحدد آنفا من وقائع واضحة ثبت منها أن مسلك الطبيب عاديا كان أو أخصائيا بحسب الأحوال كان مسلكا يتنافى مع الأصول الثابتة المقررة في المهنة والتي لا يحتاج القاضي في التثبت منها إلى الخوض في مناقشة نظريات علمية أو أساليب مختلف عليها، فإذا ما ثبت خطأ الطبيب على هذا النحو، وجب مسائلته عنه، أيا كانت درجته جسيما كان أو يسيرا “
وخلاصة القول أن معيار الخطأ الذي يستقر عليه القضاء في تحديد مسؤولية جراح التجميل يرتكز على ثلاثة أسس:
1- تقدير سلوك جراح التجميل على ضوء سلوك جراح تجميل آخر من نفس المستوى.
2- الظروف الخارجية التي تحيط بالعمل الجراحي، توافر الإمكانيات من عدمه فالوحدة الريفية تختلف عن العيادة والمستشفى المجهز
3- مدى اتفاق العمل الجراحي مع تقاليد المهنة والأصول العلمية المستقرة .
ثانيا: صور الخطأ الطبي في الجراحة التجميلية :
تتعدد الصور التي يظهر فيها الخطأ الطبي، وحصر هذه الصور يبدو أمرا مستحيلا ويتناقض مع ظروف الواقع المتغيرة والمتطورة، وقد رأينا أن نعرض لأهم صور الخطأ الطبي في الجراحة التجميلية وهي الإهمال وعدم الحيطة، عدم التحكم في التقنية، وعدم التناسب بين مخاطر العملية وفوائدها
1-الإهمال وعدم الحيطة:
إن دراسة أحكام الإجتهاد القضائي تؤكد أن الجراح التجميلي يقع عليه التزام بالحيطة والحذر أشد من الالتزام الذي يتحمله الجراح في الجراحة العامة ، وبهذا الصدد أدانت محكمة النقض الفرنسية في عام 1963جراحا قام بعملية شفط الشحم على مستوى الظهر، إنتهت هذه العملية بالفشل وإحداث مضاعفات، فقررت المحكمة مسؤولية هذا الأخير، مستندة في ذلك أن هذا الجراح لم يقم بالمراقبة الطبية الكافية، رغم بقاء المريض في العيادة، ذلك أن بقاء المريض في العيادة لمدة طويلة ليس عاملا حاسما في الوقاية من المضاعفات التي أصيب بها المريض، وعليه يعتبر إهمال الطبيب في هذه الحالة خطأ مفترضا في جانبه، ولكي يدفع عن نفسه المسؤولية يحب أن يثبت قيام السبب الأجنبي.
ولكن رغم تشدد القضاة في موقفهم هذا، إلا أن الثابت حسب الاجتهاد القضائي يؤكد على أن التزام جراح التجميل هو التزام ببذل عناية، ولكن مجرد الإهمال يشكل خطأ.
2-عدم التحكم في التقنية:
يعتبر التحكم في تقنية الجراحة التجميلية عنصرا إضافيا مطلوبا من الجراح التجميلي، وفي هذا السياق أكدت محكمة استئناف ليون في قرارها الشهير الصادر في عام 1981على ما يلي: “على الجراح التجميلي التحكم الكامل من التقنية الجراحية خاصة وأن تدخله لا تفرضه الضرورة ولا الحالة الاستعجالية .
3- عدم التناسب بين مخاطر العملية وفوائدها:
ينبغي على جراح التجميل أن يظهر حرصا زائدا ودقة بالغة وهو بصدد تقرير المخاطر المتوقعة و الفوائد المرجوة، ومن ثم ينبغي عليه أن يكون واثقا من تدخله ودقة عمليته ومدى النتائج المتوقعة منها، بحيث يجب أن يكون هناك قدر من التناسب بين الغاية المرجوة والمخاطر المحتملة من وراء الجراحة
ثالثا: إثبات الخطأ الطبي في الجراحة التجميلية:
من المعلوم أن كيفية إثبات الخطأ تتوقف على تحديد مضمون الالتزام، هل هو التزام بتحقيق نتيجة أم التزام ببذل عناية، فإذا تعلق الأمر بالتزام بتحقيق نتيجة، كان الخطأ مفترضا بمجرد عدم تحقق النتيجة المرجوة، ويقع على المدين بالالتزام إذا أراد التخلص من المسؤولية إثبات السبب الأجنبي، أما إذا تعلق الأمر بالتزام ببذل عناية فإنه على الدائن إثبات خطأ المدين المتمثل في التقصير أو الإهمال في بذل العناية اللازمة.
وفى النهاية ما يمكن أن نخلص إليه من خلال هذا الموضوع أن للخطأ الطبي في الجراحة التجميلية طابع خاص من عدة جوانب أهمها التشدد في تقدير إهمال وعدم حيطة جراح التجميل، التشدد في تقدير مراعاة جراح التجميل لقاعدة التناسب بين مخاطر العملية وفوائدها كما يظهر التشدد في اشتراط تحكم جراح التجميل في تقنية الجراحة التجميلية…الخ.
كما انه من الملاحظ هو غياب النص الصريح الذي ينظم هذا النوع من الجراحة والاستئناس بالنصوص العامة المنظمة للمهن الطبية ،على الرغم من التقدم العلمي الذي عرفته الجراحة التجميلية في العالم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى