الأطفال و صعوبات التعلم
بقلم : نسرين معتوق
بما إن أغلب الأسر الآن تستعد لعام دراسي جديد ، بكافة تفاصيله التقليدية المرتبطة بالعملية التعليمية و غير التقليدية و الطارئة عليه بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها دول العالم أجمع و التي يمكن أن تحول كل البيوت إلي مدارس مصغرة من خلال اللجوء للتعليم عن بعد ، و مما سيؤدي إلي انتقال عبء العملية التعليمية ليكون النصيب الأكبر على عاتق ذوي الطفل .. فضلت كمدرسة أصلاً و كدارسة في مجال التربية الخاصة أن أتناول بالتوضيح و بصورة موجزة – بقدر الإمكان – ما الذي يعنيه مصطلح صعوبة التعلم و ما هي الملامح العامة لطفل صعوبة التعلم .
أولاً اسمحوا لي أن أطلق عليهم أسم ( نجوم على الأرض ) كما أسماهم الفيلم الهندي شديد التميز ( ايشان ) و الذي تناول بعبقرية قصة لأحد هؤلاء الأطفال و أنا أنصح جداً بمشاهدته .
ثانياً فإن لصعوبة التعلم عدة تعريفات و لكني أخترت أكثرهم وضوحاً .. حيث عرف باتمان عام 1965 أطفال صعوبات التعلم بأنهم هؤلاء الأطفال الذين يظهرون تباعداً تعليمياً بين قدراتهم العقلية العامة و مستوى إنجازهم الفعلي و ذلك من خلال ما يظهر لديهم من اضطرابات في عملية التعلم .
ثم جاء تعريف الجمعية الأمريكية لصعوبات التعلم عام 1984 أكثر تفصيلاً ليعرفهم بأنهم الأطفال في سن المدرسة الإبتدائية و الذين يعانون من صعوبة التعلم كحالة مزمنة و تكون ذات منشأ عصبي تؤثر على نمو أو تكامل أو إستخدام المهارات اللفظية أو غير اللفظية ، بالرغم من أنهم أفراد يتمتعون بدرجات عالية إلي متوسطة من الذكاء ، و أجهزة حسية و حركية طبيعية ، و تتوفر لديهم فرص التعلم المناسبة .
و تنقسم صعوبات التعلم إلي نوعين .. النوع الأول هو صعوبات نمائية و تشمل الانتباه و الذاكرة و الإدراك و هي صعوبات نمائية أولية و صعوبات تفكير و لغة شفهية و هي صعوبات نمائية ثانوية ، أما النوع الثاني فهو الصعوبات الأكاديمية و تشمل الكتابة و الهجاء و الحساب و القراءة .
و يمكن أن نحصر أسباب صعوبات التعلم لدى الأطفال في أسباب فسيولوجية و من أبرزها إصابة الأم خلال أشهر الحمل الأولى بالحصبة الألمانية و وزن الطفل غير الطبيعي عند الولادة و الذي يؤدي لمشكلات مستقبلية و تعاطي الأم للمضادات الحيوية القوية أثناء الحمل و نقص الأكسجين أو انقطاعه في مرحلة ما قبل الولادة أو أثناءها أو بعدها بالإضافة إلي عسر الولادة أيضاً و يأتي أيضاً سقوط الطفل على دماغه أو تعرضه للضرب على الرأس و التسمم بالرصاص في مقدمة الأسباب الأخطر بالإضافة إلي الأسباب الوراثية إن وجدت و الأسباب البيئية و الأسباب التربوية و التي من أبرزها نقص مهارات المعلمين التدريبية و المنهج الواحد لكل الطلاب دون مراعاة الفروق الفردية و الأخطر دخول الطفل في العملية التعليمية في سن أقل من أقرانه أو في سن لا يتناسب مع الكم المقدم له علمياً و العوامل النفسية و العقلية للطفل أيضاً .
أخيراً .. فإن الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلم هو طفل يسجل طبقاً لمقياس الذكاء معدل عالي إلي فوق المتوسط كحد أدنى لكنه يعاني من مشكلة و يحتاج إلي تفهم لطبيعة هذه المشكلة ليستطيع تجاوزها و يحتاج لطرق مختلفة للتعلم غير المتبعة مع أقرانه ، فهو أكيد متميز و يبحث عن من يفهم نقاط تميزه .