بقلم/ أشرف فوزى
حبُّ الوطن والانتماء إليه ضرورة شرعيَّة، وعقليَّة، وإنسانيّة، على حدٍ سواء، وهناك عدة مظاهر يتبلور خلالها حبُّ الانسان لوطنه والانتماء إليه، وتتحقق بهذا الانتماء الوطنيّة الصحيحة في إيجابيَّة علاقة الانسان بوطنه، وكذلك يترتب على هذه الروح آثار عظيمة على الفرد، وعلى المجتمع والوطن بشكل عام، وهناك سبل لتحقيق الانتماء للوطن، متى تضافرت فأنّها تنتج آثارها الطيِّبة والإيجابيّة بشكل تصاعدي ومتدرّج.
مظاهر تحقق الوطنية
الوعي بقيمة الوطن، ورفع شأنه، وإعلاء قيمته على كل المحاور.
حماية مكاسبه، وصيانة خيراته ومقدراته، والارتقاء بقيمه وعاداته وتراثه.
إبداء النصح لأبنائه، والاهتمام بهم وتفقد أحوالهم.
حماية مؤسساته وتطويرها والارتقاء بها.
حفظ مرافقه العامّة، وتنميتها باستمرار.
الدفاع عن أرضه، والذود عن حياضه، والوقوف في وجه الطامعين والغزاة.
تحقيق الوحدة والترابط بين أبنائه، وتغليب لغة الحوار عند النزاعات، ووأد الفتنة الداخليّة، والقضاء على مسبباتها.
تحقيق قوته ومنعته داخلياً وخارجياً على حد سواء.
الارتقاء بالتعليم فيه، وتحقيق كفايته من أبنائه في كافة التخصصات.
رفع وإعلاء شأنه بين الامم والشعوب.
دعم اقتصاده والارتقاء به باستمرار.
حفظ قيمه وعاداته وتراثه.
حفظ بيئته، والمحافظة على جماله، بزراعته وتشجيره.
محبّة أبنائه، والسعي في خدمتهم، بكل جهد مستطاع.
حسن الانتماء له
الإسلام والوطنية
وقف الإسلام موقفاً إيجابياً في علاقة المسلم بوطنه، فقد عبر صلى الله عليه وسلم أعظم تعبير عن عمق مشاعر الحب للوطن، فمن ذلك ما ظهر منه من عاطفة جياشة بحبه لوطنه مكة، عندما خرج منها فاراً بدين الله عزّ وجل، حيث وقف مخاطباً إياها: (ما أطيبَكِ من بلدٍ وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنَّ قومي أخرجوني منكِ ما سَكَنتُ غيرَكِ) [صحيح الترمذي] وكذلك دعاؤه: (اللهمَّ حَبِبْ إلينَا المدينةَ كحُبِّنَا مكةَ أو أَشَدَّ)[صحيح البخاري]، فهذه عاطفة جياشة عظيمة في حبِّ الوطن، علماً أنّ وطن المسلم بشكل عام هو حيث دينه وعقيدته، فحيثما وجد الايمان والعقيدة فثمت وطن المسلم، ولا تعارض بين هذه الحقيقة وبين انتماء المسلم لوطنه الذي يعيش فيه وينتمي اليه وينتفع بخيراته.
سبل تعزيز الوطنية
قيام الإعلام بدوره الإيجابي والفاعل في هذا الاتجاه.
التربية الأسرية السليمة التي تجعل من تعزيز عاطفة حب الوطن والانتماء إليه هدفاً لها.
الدور العظيم الذي تقوم بها المدارس في هذا الاتجاه، من خلال الأنشطة الصفيَّة، والأعمال التطوعيّة المختلفة.
المخيَّمات والمعسكرات الصيفية، التي تعزز مفهوم الانتماء للوطن، ومن خلال أنشطة عملية تقوم بها.
: الوحدة في الإسلام
يقول المولى عزّ وجلّ في محكم تنزيله: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”، وذلك تعبيراً منه سبحانه وتعالى عن الدور الذي تلعبه الوحدة الوطنيّة في بناء الأفراد، والجماعات، والمجتمعات، وكذلك الدول، ونظراً لهذه الأهميّة سنقوم بتسليط الضوء في هذا المقال بشكل مفصّل حول مفهوم الوحدة الوطنيّة وأهميتها كركيزة أساسيّة وأداة لإنارة مستقبل الشعوب.
مفهوم الوحدة الوطنيّة
قبل الحديث بشكل مفصل عن أهميّة الوحدة الوطنيّة سنقوم بصياغة مفهوم واضح ومحدّد لها، حيث يُشير ينقسم هذا المصطلح إلى قسمين رئيسين يتمثّلان في الوحدة وهي اجتماع الأشياء أو الأفراد ضمن مجموعة واحدة، أمّا الوطنيّة المشتقّة من كلمة وطن فهي اجتماعهم تحت جنسيّة دولة واحدة ويدينون لها بالولاء والانتماء والحب، وتندمج هذه الكلمات مع بعضها البعض لتشكّل موضوعاً غاية في الأهميّة من شأنه أن يكون أحد الركائز الأساسيّة لبناء أيّ دولة.
الوحدة الوطنيّة هي أحد أبرز الركائز الوطنيّة وأحد أهم دعائمه ومقوّماته التي تجمع وتربط بين أبناء الوطن الواحد، وتقوم بشكل أساسي على حبّهم لهذا الوطن وانتمائهم له ودفاعهم عنه ضدّ أيّ قوّة خارجيّة تحاول إيذائه أو السيطرة عليه بأيّ شكل من الأشكال، كما وتوحّدهم على نفس المبادىء والعادات والتقاليد ضمن المساحة التي يعيشون فوقها من الأرض، وأينما تحلّ الوحدة الوطنيّة تختفي كافّة الشرور، والخلافات، والأحقاد، والعنف، والعنصرية، وتسود أجواء المحبة، والتسامح، والتكاتف، والتآخي، والتعايش.
أهمية الوحدة الوطنيّة
تتمثل أهميّة الوحدة الوطنيّة على صعيد الفرد والمجتمع فيما يلي:
إنّ الوحدة بين أبناء الوطن الواحد ووقوفهم جنباً إلى جنب من شأنه أن يمنحهم قّوة كبيرة تمكنهم من صد أي عدوان خارجي أو داخلي متمرّد أو متطرّف وحماية أنفسهم وأوطانهم من شرور الآخرين، حيث لا يستطيع أن يقف فرد واحد في وجه جماعة ولكن من شأن مجموعة أن تقف أمام مجموعة أخرى وتسيطر عليها من خلال الوحدة.
تقلّل من نسبة المشاكل الداخليّة الاجتماعيّة التي تعاني منها المجتمعات المتفرّقة، والتي تعود بالضرر وتلحق أذىً كبيراً بالمصلحة العامّة، وذلك من خلال سيادة مفاهيم المحبة والود والتعاون التي تقف في وجه التخريب والجرائم وتتصدى له.
تساهم في النهوض بكافة قطاعات الدولة
تساهم في النهوض بكافة قطاعات الدولة وبالتالي تمهد الطريق نحو مستقبل مشرق لكافة فئات المجتمع، حيث إنّ الوحدة الوطنيّة تولد لدى الشخص شعوراً بالانتماء نحو وطنه وأبناء شعبه، وبالتالي تدفعه لأن يخلص في عمله ويطوّر من نفسه وبالتالي ينهض بدولته.