كتب / محمود عمرون
♡
♡
♡
انا الغريب،
تدرك انك تعرفني، شاهدتني ذات مرة
فى احلامك، كنت ازرع البؤس فى ليلتك
فى طريقك، كنت اتجاهل يدك الممدودة نحوى
فى قصة قرأتها، كنت احد ابطالها
انا الغريب، القريب، البعيد
الطيب، الشرير
كلها، حكايات على مر العصور
ولكنني لم اترك لأحد ان يقراني
بخلاف هذه الليلة
انتهى كل شئ، ولم يعد لخوفي مبرر
هذه الليلة، واجهت الحقيقة
حقيقتي!
انهيت حياتي بشجاعة
لم اشعر بالألم، بل بالدهشة!!
كيف تأخرت كل هذا الوقت قبل ان افعلها!
الجبناء وحدهم يعيشون اوضاعا تعسه
لست منهم
انا بطل!
الفصل الاول: النهاية
يترنح، لا يرى شيئا، فى طريقه للنهاية
التي دفعوه لها!
امسك الزجاجة بحرص المدمنين، افرغها فى جوفه و تشجؤ
زجاجة خائنة، انتهت قبل ان يثمل
الكل خان!
هذه المدينة الملعونة، نالت منه فى النهاية، انتصر الشيطان
«الله اكبر، الله اكبر »
الفجر، يمر بجواره شاب ملتحى تعلق به من طرف ثيابه: لا تذهب
استنكر الشاب، ابعده عن ملابسه كالذي يتخلص من كلب: ابتعد عني
كرر: لا تذهب، هم سوف يمتصون دمك…. اشار للمسجد كالعارف به: هناك مصاصوا الدم و دراكيولا نفسه، لا تذهب
الشاب ابتعد، مهرولا، يهرب من الشيطان
نظر الى رفيقته، مرة اخرى، الزجاجة
هزها بعنف ليتأكد، قبل ان يلقى بها بعيدا، ويواصل ترنحه
كأنما يحدث ظله
– السلفية خير، كل ما فيها خير
– قادوك للتهلكة
– لا، هى الفتنة
– اضعت حياتك
– لا، بل هى الفتنة
– الى اين تذهب
– النار!
جلس يستريح، امتدت يده للزجاجة
افاق على فكرة شريرة
ان يترك هذا العالم
حرر نفسه
وهو يبتسم!
الفصل الثاني: من الجاني؟
فى سيارته، فك رابطة عنقه
قال الضابط: اطمئن يا دكتور كمال، لا توجد شبهة جنائية، تمت الوفاة فى الساعة….. يمكنكم استلام الجثة من الثلاجة فورا
شبح اخيه كالجالس بجواره، لا ينظر اليه
مهمة صعبة، العودة الى العائلة التى فقدت فرعا
انتحر!
تم الاتصال به على تليفونه المحمول، ليخبروه بان اخوه وجد منتحرا فى شارع…… وهو فى المستشفى، تلقى الامر بدون انفعال
«سوف احضر»
الطبيب الذى اتصل به كان يتوقع رده فعل غير ذلك، لكن هذا لا يعنيه، تمت المهمة
توصلوا اليه عن طريق سجل الرسائل، حاول ان يتذكر اخر مره ارسل اليه
قبل ثلاث سنوات، تهنئة بالعيد
ترسل للغرباء!
يعود الان، يحمل الخبر المؤلم، كيف يخبرهم ان هذا التعيس قطع شرايين يده، فى شارع مظلم
مات ككلب ضال، دون ان يشعر احد
لقد اساء اليهم، جميعاً، بيت الامام جميعاً، اساء للجميع
الشبح الجالس بجواره يبتسم
قبل هذه الاحداث بعامين
افاق على وجه لا يعرفه، قالت المرأة: دكتور اياد، ماذا تفعل هنا؟
حاول ان يتذكر هذا الوجه
اسيوط، كلية الطب
عام….
فجاءة استعاد كل شئ
– هل تذكرت الان؟
قال باسلوب مهذب: دكتورة عبير جاد الحق؟
ضحكت وهى تشير الى طفل يرافقها: ام محمد، رزقني الله به
لا يبدو مهتما بسماع قصتها، شعرت بالحرج
قالت بجدية: اين اختفيت، لم يعرف احد مكانك، الكل بحثو عنك، اين كنت كل هذه السنين
لن يغامر و يخبرها
انه كان في السجن!
الفصل الثالث: المدينة والغريب
فى القطار، تلفت يمين و يسار،
لا نقود معه، ماذا يفعل؟
خطوة يائسة تماما، ان تلقى نفسك من ناطحة سحاب، دون مظلة
الكمساري الذي استوقفه ليساله عن التذكرة كان رحيما
لما اخبره انه لا يملك اى نقود ليدفع، تركه، قال وهو يخرج ورقة مالية:
«باين عليك ابن ناس»
رفضها بحزم، وهو يقول لنفسه: لم اجئ الى هنا لاتسول
سيطر عليه الضياع الكامل وهو يحمل حقيبته الصغيرة
هذه المدينة لا ترحم غريب
سوف يدرك ذلك، لاحقا!
لست مجنونا ، ابتعدو عني
تدافعوا عليه ، وحوش مفترسة ، وجدت صيدا ضعيفا ، كان يلقى نظرة عتاب ، على والده
لماذا ؟
الطبيب، اخبره ان حقنة المهدئ الذى يحقنوه به ، رغما عنه ، تدمر خلايا المخ
وتساءل من الذى اشار عليكم بها
كان اخي
كيف تخبر طبيبا ان اخاك يقتلك ؟
تطارده الذكريات المؤلمة ، كيف تعاملوا معه ، كيف دفعوه للفرار
تخلى عن كل شئ
وهرب، يحاول انقاذ ما تبقى منه
ثلاثين ابريل
اشعر بانني لست بخير ، اشعر بالهذيان ، سوف تستمر هذه الاعراض ثلاثة ايام
بعد كل حقنة ، اشعر بذلك
لا أدرى لماذا يفعلون ذلك بي ؟
الاول من يونيو
قال لى اخى : يا مجنون
هل اصابني الجنون حقا ؟
الخامس عشر من اغسطس
طلب مني ابي، مغادرة المنزل!
لا اعرف الى اين، ليست معى نقود
لكنني سوف ارحل
ولن اعود
كانت الدائرة تضيق
رفاق المسجد وصفوه بالمجنون
فى مسألة فقهية، تمسك برأيه
هاجموه، و اتهموه بالجنون
ترك المسجد!
يجلس الان فى غرفة ، لا يعرف كيف يدفع ايجارها
ضاقت عليه
لماذا يعيش بعد كل هذا
ماذا ينتظر؟!
تمت بحمد الله