تحريف الشرف من مضامينه ثقافة مجتمع
الإعلامية الدكتورة /مها أباظة تكتب :
تحريف الشرف من مضامينه ثقافة مجتمع
*********************************
تعرض مفهوم الشرف في مجتمعنا لتحريفات جوهرية أدت في النهاية إلى تفريغه من مضامينه واستبداله بمفهوم مختلف تماما عن المفهوم الأصلي نتيجة لعدم الوعي الثقافي لدى المجتمع.
فإذا كان مفهوم الشرف مفهوما نسبيا تختلف شروطه من مجتمع لآخر، إلا أن كثيراً من المعاني الإنسانية تندرج تحت هذا المفهوم ولا يستطيع أي فكر إنساني أن يتجاوزه، و يأتي على سبيل ذلك زرع القيم السامية مثل الصدق، والعدل، و الرحمة،. و المساواة.
لا شك أن القيم والأخلاق موجودة في جميع ثقافات الشعوب، ولكن هذه القيم تختلف من مجتمع لآخر و لا يمكن أن نقول أن أي مجتمع ليس لديه أخلاق أو معدوم الشرف.
لذلك كانت النظرة السطحية التي تحيط بالبعض أن معنى الشرف يقتصر على المرأة وتحديدا في جسدها وسلوكها.
إن المجتمع يعرّف الذكر الشريف بكونه الرجل الذي يكسب قوت يومه بعرق جبينه، بينما يعرف الأنثى الشريفة بأنها المرأة التي لم تقم قط علاقات عاطفية مع الرجال؟ تعريفا كهذا للشرف يستقي روافده من القرون الطويلة من التخلف ومن الطقوس التي دعمت.
لنتسائل قليلا من أين جاءت هذه الثقافة؟
إن هذه الثقافة قد تكونت على يد وعاظ السلاطين، لخدمة قوى اجتماعية، ففي العصور الأولى من تاريخ البشرية عاشت المرأة عصراً ذهبيا ضمْن بيئات اجتماعية سُميت مجتمعات الأمومة.، حبث أدرك الإنسان أن المرأة هي منشـأ الأشـياء ومردها ، ولذلك وصلت بها مرحلة التقديس إلى مستوى التأليه “الآلهة المؤنثة” وقد كانت “عشتار” تجسيداً لهذه الثقافة، حسب رأي فراس السواح في كتابه “لغز عشتار”.
و قد ذكر ايام الرسول عن الشرف أنه إذا اتّخذ ذريعة لأغراض غير مشروعة أضلّ صاحبه وأهلكه.. و المقصود من ذلك أن هناك بعض البشر الذين لا يتمتعون بالشرف يضللون الحقائق و يتبعون أهواءهم ثم يلقون الخطأ على غيرهم و يدعون أنهم عديمي الشرف و هم الغاوون..كأن يسرقك أحدهم و يتهمك أنت بالسرقة ، أو يعتدي عليك و يتهمك بالعداء، و باقي الأمثلة مثل الإرهاب و القهر..كل تلك أمثلة قوية لعدم الشرف.
و في قصة المسيح” أُهينَ ظُلماً من أجلنا” إن الإنسان الشريف المحترم يتألم عندما يُخانُ أو يظلم أو يغدر به..
كذلك في الإسلام فإن الشرف حتى في بشاشة القلب و حسن المعاملة.. عن سهل بن سعد- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله- عزّ وجلّ- كريم يحبّ الكرم، ويحبّ معالي الأخلاق، ويكره سفسافها.
إذا شرف المرء بحسن عمله و طيب أصله..و كان لنا أسوة حسنة في رسول الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم أفضل الخلق وأشرفهم بحسن خلائقه وكرم أصله.
لماذا نستمريء الكذب والغش والخداع في حياتنا ؟
إن روح الرسالة الإسلامية ونصوصها واضحة فكل من يسعى في الأرض فسادا رجل كان أو امرأة يهين أو يحرق أو يظلم فهو إنسان بلا شرف.