كتب / محمد مطر الثويبت العنزي
وبدأت سنة ميلادية جديدة .. وانتهت سنة .. وهذه سنة الله في خلقه .. تمضي السنوات على الجميع ، فيستفيد منها من يستفيد ، ويتراجع من يتراجع ، فالزمن ليس له أي تأثير ، إنما نحن فقط المعنيّون في التقدم أو التأخر .. وكما يقول الامام الشافعي :
نعيب زماننا والعيب فينا ..
وهذا الذي يحزّ في قلبي وقلب كل كويتي مخلص وقلبه على وطنه ، ويفديه بأغلى ما يملك .. ويتمنى لوطنه ان يكون له شأن عظيم بين الأمم ..
وهذا الذي يحتّم علينا جميعاً ان نقف وقفة متأنية من أجل تشخيص الداء ووضع الدواء الناجع لكل ما يمرّ بِنَا من أمور سلبية .. وكما يقول الشاعر :
تُهدى الأمور بأهل الرُّشد ما صلحت ..
نعم أهل الرأي الراجح مدعوون اليوم من أجل وضع الحلول العاجلة لبلدنا التي كنّا نفاخر بها في الستينيات والسبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي ، حيث كانت دولة الكويت هي السباقة بل والرائدة لكل دول المنطقة في شتى المجالات ، حيث كانت تجربتنا الديمقراطية مثالا يُحتذى ولا زالت ولله الحمد .. وحيث كانت مسارح الكويت رمز إشعاع وتنوير .. وحيث كانت ” مجلة العربي” سنة ١٩٥٨ سفيرة دولة الكويت للدول العربية والإسلامية ، بل وصل صداها للعالم أجمع ، وكان المثقفون في العالم العربي يقفون صفوفاً طويلة من أجل الحصول على عددها الجديد الذي يصدر بداية كل شهر ..
وقد استحقت دولة الكويت وبكل جدارة أن تلقب بـ “لؤلؤة الخليج” و “درة الخليج” .. وحيث كان الجميع يعملون بروح الفريق ، وكأنهم خلية نحل ، كل في موقعه ، بل ويتسابقون من أجل بنائها والنهوض بها لتأخذ مكانتها الرائدة بسواعد أبنائها والمخلصين من الوافدين إليها ..
ولكن وبعد كل هذه السنوات وبدلا من المزيد من التقدم والرقي ، بدأت أرى بلدي _ والحسرة تقطع قلبي _ لا يتقدم للأمام بل يتراجع وبشكل مخيف ..
إنني أتكلم باعتباري فرداً من المواطنين البسطاء الذين يفتخرون بوطنهم ويريدون له كل الخير والتقدم ..
إن هؤلاء المواطنين البسطاء لم يقصّروا مع وطنهم ، حيث لبُّوا نداء صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد حفظه الله ورعاه من أجل اختيار أعضاء مجلس الأمة ، ووقفوا صفوفاً طويلةً مُتحدّين ” كورونا” والتعب والإرهاق من أجل أن يوصلوا من يستحق لقبّة عبد الله السالم طيب الله ثراه ..
ولكن وبعد أن انتهى العرس الديمقراطي الرائع ، نتفاجأ بمشاحنات بين الأعضاء مع بعضهم ، ومع الحكومة من جهة أخرى ، والكثير منهم يهمه تسجيل موقف إعلامي فقط .. ولكن هذه المساجلات الكلامية لا تجدي نفعاً ، فالمواطن الكويتي يريد أفعالا وليس أقوالا ..يقول تعالى : “فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال ”
إن الخدمات في بلدي في الحضيض ، وقد سبقتنا بعض الدول التي كنّا متقدمين عليها ، وهم بلا شك تقدموا بجهدهم الدؤوب ، ونحن تأخرنا لأسباب كثيرة ..
وإنني أدعو في هذا المقال الحكماء من بلدي وأهل الرأي الصائب وما أكثرهم بأن يقفوا وقفة حازمة ليوضحوا لنا مواطن الخلل .. ومن ثَم يضعون الحلول الناجعة لسدّ هذا الخلل .. وكذلك يضعون الأهداف الواضحة من أجل استعادة الكويت مكانتها الرائدة ..
وإنني أدعو حكومتنا الرشيدة لكي تتبنى هذا الطرح المهم ليكون هو القضية الأولى .. وذلك بالعمل الجاد على تشكيل اللجان المتخصصة في هذا المجال وتكون تابعة مباشرة لسمو رئيس مجلس الوزراء ، وأن تنهي تقاريرها بأسرع وقت ممكن ، وأن تكون توصياتها نافذة فوراً، وليست حبراً على ورق ..
كما أنه يحق لي أن أتساءل أين هي وزارة التخطيط ..؟! هذه الوزارة التي نسمع عنها ولا نراها ، فهي بلا لون ولا طعم ولا رائحة .. والذي أعرفه أن وزارة التخطيط في الدول المتقدمة هي من أهم الوزارات ..وعلى الحكومة الاهتمام بهذه الوزارة ، وأن يناط بها التخطيط السليم لكل وزارات الدولة من أجل النهوض بدولة الكويت .. كما أنه يجب عليها أن تساهم في تشكيل اللجان التي أشرت إليها سابقا .. ولا نريدها مثل اللجان في الماضي حيث أصابتنا التخمة من كثرتها بلا أية فائدة تذكر ..
وختاما أؤكد على دعوتي للحكماء ليضعوا “خارطة طريق ” لينهضوا ببلدنا والذي يستحق منا كل تضحية وتقدير ، ونتابع العمل الدؤوب والمثمر ، وليس الأمر صعباً حين تكون الإرادة الصادقة لنسترجع ماضينا التليد ، وتكون لنا الريادة بمستقبل زاهر تنتظره منا
أجيالنا القادمة ..
زر الذهاب إلى الأعلى