لا تبكي علي الرجل المسكوب
بقلم الكاتب/ وليد خيري
الرجل المسكوب هو رجل سقط من نظرك.. رجل لا يستحق أن تبكي عليه فهو من جعل من نفسه بتصرفاته رجلا مسكوبا لا يستاهل أن تلتفتي خلفك من أجله، ولا تسكبي دمعة واحدة من دموعك حزنا لفراقه. يظل الرجل مالي مركزه في عين حبيبته إلى أن تجيء تصرفاته الناقصة واحدة تلو الأخرى حتى ينقص في عيني امرأته فيصبح رجلا ناقصا، ويتضاءل وينكمش وينكمش حتى يخرج من مجال الرؤية فيصبح هو والعدم سواء، والرجل من هذا النوع يشبه تماما اللبن المسكوب الذي لا يستحق البكاء عليه، فلا فائدة مرجوة منه بعد أن ينسكب وبيَن عكاره، لا قيمة للبن انسكب فتعكر، ولا قيمة لرجل عِكر، أصبحت تشوبه الشوائب وكل شائبة قدددد كده، فالرجل في الحقيقة لا تعيبه سوى شوائبه وتنتقص من رجولته حتى لو كانت شواربه يقف عليها الصقر، ولو كانت الرجولة بالشوارب لكان الصرصار سيد الرجال وعمهم أيضا.
فلا تحاولي يا مليحة أن ترفعي من قدر رجل اندلق من رأسك وخرج من قلبك وسقط من عينك، فهو مثل البنطلون الواسع المبهوق كلما رفعه صاحبه إلى وسطه عاد وسقط من جديد، فلا جدوى من المعافرة والمهابرة، واستبدلي البنطال المبهوق بواحد على مقاسك وبالمازورة، وإلا سيعيش صاحب البنطلون الواسع يجيب بنطلونه من الأرض ويصح فيكي قول عدوية بتأيف بسيط” ويا عيني البنطلون بيسقَط.. ما تشيل البنطلون م الأرض”
هذا زمن عز فيه الرجال وكثر فيه الذكور فهم كغثاء السيل، فلا تميلي كل الميل لتجيبي واحد منهم من على الأرض، لا تنظري للأسفل، دائما اجعلي اختيارك للرجل الذي يقع نصب عينيكي، أو الرجل الذي يجعلك تتطلعين للأعلى، لا للرجل الذي يجبرك أن تنحني كل فترة حتى تحوشي اللي وقع منه.. ليست مشكلتك أنه جعل من نفسه شخصا رخيصا، كلما حاولتي أن تعملي له قيمة وسيما جعل هو من نفسه أضحوكة، فلا يسعد المرأة أن ترى رجلها ذليلا صاغرا أمامها بسبب فضائحه، فمرة تضبطه متلبسا بالخيانة، ومرات يقع بلسانه ليبين كذبه، ومرات ومرات يخذلها في مواقف لا تتحمل الخذلان، المرأة لا يسعدها دور شارلوك هولمز أو المخبر السري الذي يكتشف الجرائم، هي تود لو كانت صفحة حبيبها الجنائية بيضاء كاللبن الصافي، لكن بعض الذكور يسعد بكون سجل حياته حافل بجرائم مخلة بالشرف والرجولة.
والآن أصبح من المهم أن تعرفي سمات الرجل المسكوب.. هو رجل رأسه مليء بالعيوب والثقوب، حتى لو كان في الظاهر رجل حسن الشكل والهيئة والمنظر والمظهر، فهو إن كان كذلك ودماغه مش تمام وعششت في رأسه طيور الغباء، سيصير الأمر ساعتها أشبه بثوب جميل مثقوب مهما غلا ثمنه وعلا شأنه سيظل ثوبا مثقوبا لا يُلبس، ويظل الواحد من هذا النوع مثل ذلك الثوب رجلا مثقوبا، لا يستحق أن تضعيه على شماعة دولابك ولا حتى شماعة أفكارك، فلا تنشغلي برجل رأسه مليء بحشرات الأفكار، يمنعك من فعل الشيء ثم يأتي مثله وضعفه مثلين، لأنه يرى المرأة كائنا أقل، فهو يبيح لنفسه الموبقات والمبهجات، ويظن أن الرجل كائن أرقى له حقوق لا يحصل عليها سواه، ويأتي من الصغائر ما يجعله قد النملة في عين المرأة التي تنتظر منه أن يكون كبيرها الذي علمها سحر الحب، لكن هيهات لصرصار أن يكون حصانا سيظل مهما حاولت أن ترقيه صرصارا حتى لو ببدلة اسموكن ، ويظل يرى الدنيا من منظور بلاعة أفكاره وتصوراته التي يعيش فيها، فالرجل المسكوب لا يرى الست إلا ثقبا، آسف على التشبيه، لكن بعض الذكور الذين لا يحملون داخل رؤوسهم سوى براطيش ونعال قديمة لا يملكون تجاه المرأة سوى هذه الرؤية المخرومة.. وعليه فهذا النوع لا يصح معه غير إنك تقلبيه.. فمبجرد أن ينقلب الصرصار على ظهره يصبح لا حول له ولا قوة، ويظل يرفس إلى أن ينفق بجوار كابينه حمام بلدي.
الرجل المسكوب رجل يعرف أخطاءه ويكررها، يعرف ما يزعجك جيدا ويفعله مجددا.. زعلك لا يمثل له أي اعتبار، يعرف أنك نمتي باكية بسببه فلا يهتز له جفن ولا رمش ولا بؤبؤ العين لأنه يغط في نوم عميق، ذكر حين تخرجين معه يقع منك لأن عينه وقعت على امرأة جميلة مرت بالجوار، فما بالك بالحوار لو كان يمشي وحده، فهو غير مأمون الجانب، ويضرب بمشاعرك عرض الحائط وطوله، وإذا طلبتي منه وسألتيه للمرة المليون أن يراعي مشاعرك، لماذا يفعل ذلك؟ متمنية في قرارة نفسك أن يربح ويجيب عن السؤال المليون، فلسوف يتسنفذ كل الوسائل المساعدة فلا جمهور الحضور من الكافيه أو المول سيشفع له ويساعده، ولن يحذف له الكمبيوتر إجابتين لإن الويندوز بتاعه واقع مثله، ولا الاتصال بصديق انتيم ولا انتيخ سينجيه، فكل أصحابه عارفين بطبعه غير النظيف، فهو رجل تستطيعين أن تقولي عنه بكل أريحية: موكوس.. مثقوب.. مسكوب.