الكاتب : لؤي الغول
تحل على شعبنا الفلسطيني العظيم الذكرى ال16 لرحيل الزعيم ياسر عرفات الذي استشهد في العام 2004، ولازال الشعب الفلسطيني يزداد حب يوما بعد يوم للزعيم الذي سكن في القلوب والوجدان، كيف لا وهو الأب والأخ والقائد الشجاع المحنك المقدام .
وفي هذه ذكرى استشهاده ينظم شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات فعاليات جماهيرية حاشدة ثقافية ومسيرات ويتم وضع أكاليل الزهور على ضريح أبو عمار بمدينة رام الله إحياء لذكرى استشهاد الزعيم ابو عمار.
و ارتبط اسمه بالقضية الفلسطينية وكرس معظم حياته لقيادة النضال الوطني الفلسطيني مطالبا بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. ولقد أبصر النور محمد عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني، في مدينة القدس المحتلة في الرابع من آب من عام 1929، وهو واحد من بين سبعة أشقاء وشقيقات، وشاء القدر أن يفقد والدته زهوة أبو السعود، وهو في سن الخامسة، وانتقل للعيش مع والده في القاهرة، ويلتحق بإحدى المدارس الخاصة، وكان ذلك عام 1937.
شارك في تهريب الأسلحة والذخيرة من مصر إلى الثوار في فلسطين، وفي عام 1948، قاتل ضد العصابات الصهيونية ليعين بعدها ضابط استخبارات في “جيش الجهاد المقدس” الذي أسّسه عبد القادر الحسيني، ويلتحق عقبها بكلية الهندسة في جامعة فؤاد الأول، المعروفة حاليا بجامعة القاهرة، ويؤسس “رابطة الطلاب الفلسطينيين” التي انتخب رئيسا لها عام 1950.
تخرج الشهيد أبو عمار في الجامعة عام 1955، ليؤسس بعدها رابطة الخريجين الفلسطينيين، والتي كانت محط اهتمام كبير من الإعلام المصري.
شارك أبو عمار إلى جانب الجيش المصري في صد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وعمل ضابطا احتياطيا في وحدة الهندسة في بور سعيد.
وفي أواخر عام 1957، سافر الشهيد ياسر عرفات مع عدد من رفاق دربه ومنهم الشهيد خليل الوزير “أبو جهاد” إلى الكويت للعمل مهندسا، لكنه أولى معظم وقته وجهده للأنشطة السياسية، وحمل هم القضية الفلسطينية، وشهدت تلك المرحلة تأسيس خلية ثورية أطلق عليها اسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح، وأصدر مجلة تعبر عن هموم القضية الفلسطينية أطلق عليها اسم (فلسطيننا)، وحاول منذ ذلك الوقت إكساب هذه الحركة صفة شرعية فاتصل بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها، ونجح بالفعل في ذلك فأسس أول مكتب للحركة في الجزائر عام 1965 مارس عبره نشاطا دبلوماسيا.
برز اسم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بقوة عام 1967 حينما قاد بعض العمليات الفدائية ضد إسرائيل عقب عدوان 1967 انطلاقاً من الأراضي الأردنية. وفي العام التالي اعترف به الرئيس المصري جمال عبد الناصر ممثلا للشعب الفلسطيني.
تعرض الشهيد ياسر عرفات لمحاولات اغتيال عدة، أبرزها عام 1981 عندما أقدمت عصابات الإحتلال الإسرائيلية على قصف مبنى مقر قيادته في “الفاكهاني” ببيروت، والتي نتج عنها تدمير المبنى بالكامل، ويدفن تحت أنقاضه أكثر من مئة شهيد.
وفي بيروت أيضا، حاصر جيش الاحتلال الإسرائيلي مكاتب منظمة التحرير والعديد من كوادر المقاومة على رأسهم الشهيد ياسر عرفات، طيلة 80 يوما، أبدى خلالها صمودا ومقاومة وتصديا لم يسبق لها مثيل، وبعد وساطات عربية ودولية خرج أبو عمار ورفاقه إلى تونس المقر الجديد لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في المنفى.
وهناك لاحقته إسرائيل قاصدة اغتياله، وقصفت 8 طائرات إسرائيلية مقر قيادته في حمام الشط بتونس في الأول من تشرين الأول 1985، ودمرته بالكامل.
عارض ابو عمار منذ البداية الوجود الإسرائيلي ولكنه عاد وقبل بقرار مجلس الأمن الدولى رقم 242 فى أعقاب هزيمة يونيو 1967 وموافقة منظمة التحرير الفلسطينية على قرار حل الدولتين.
ألقى الزعيم الفلسطيني أبو عمار خطابا تاريخيا هاما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 1974، أكد فيها أن القضية الفلسطينية تدخل ضمن القضايا العادلة للشعوب التي تعاني من الاستعمار والاضطهاد، واستعرض الممارسات الإسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، وناشد ممثلي الحكومات والشعوب مساندة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعودة إلى دياره. وفي ختام كلمته قال “إنني جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية الثائر، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي.. الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين”.
ففي عام 1974، تم قبول “خطة المراحل”، حيث أعلنت منظمة التحرير أنها مستعدة لإقامة دولة فلسطينية على أية أراضٍ فلسطينية يتم تحريرها.
شرع أبو عمار ومنظمة التحرير الفلسطينية فى آخر فترات حياته فى سلسلة من المفاوضات مع إسرائيل لإنهاء عقود من الصراع الإسرائيلى الفلسطينى. ومن تلك المفاوضات مؤتمر مدريد 1991، واتفاقية أوسلو، وقمة كامب ديفيد 2000.
اتخذ المجلس الوطني الفلسطيني في نوفمبر/ تشرين الثاني 1988 قراراً بقيام الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف استناداً إلى الحقوق التاريخية والجغرافية لفلسطين، وأعلن كذلك في العاصمة الجزائرية عن تشكيل حكومة مؤقتة.
انتخب المجلس الوطني الفلسطيني الزعيم ياسر عرفات لرئاسة الدولة الفلسطينية المستقلة في إبريل/ نيسان من عام 1989، ولدفع عملية السلام أعلن أبو عمار أوائل عام 1990 أنه يجري اتصالات سرية مع القادة الإسرائيليين بهذا الخصوص.
عاد أبو عمار بعد 27 عاما من المنفى لتحتضنه أرض الوطن، استهلها بزيارة إلى قطاع غزة، ومدينة أريحا وكان ذلك عام 1994 قبل عودته النهائية للاستقرار في الوطن ليبدأ بعدها معركة بناء مؤسسات السلطة ٠
عام 1996 انتخب أبو عمار رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية بحصوله على نحو 88% من أصوات الناخبين التي جرت للمرة الأولى في الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس الشرقية. و تم منحه جائزة نوبل للسلام عام 1994 بسبب مفاوضات أوسلو.
وبعد التعنت الإسرائيلي بحقوق شعبنا الفلسطيني أعطى أبو عمار التوجيهات لاندلاع انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية)، في سبتمبر/ أيلول 2000، واتهمت إسرائيل أبو عمار ، بالتحريض على أعمال العنف.
وفي 29 مارس/آذار من ذلك العام، حاصرته القوات الإسرائيلية داخل مقره بالمقاطعة في مدينة رام الله مع 480 من مرافقيه ورجال الشرطة الفلسطينية الأبطال.
ودمرت الدبابات الإسرائيلية أجزاء من مقر القيادة الفلسطينية، ومنعته من السفر لحضور القمة العربية في بيروت، عام 2002، ومن المشاركة في أعياد الميلاد بمدينة بيت لحم.
فى أواخر اكتوبر عام 2004 تم تسميم أبو عمار بعد سنتين من حصار الجيش الإسرائيلى له داخل مقره فى رام الله ودخل فى غيبوبة.
تم نقل أبو عمار بطائرة مروحية إلى الأردن، ثم أقلته أخرى إلى مستشفى بيرسي في فرنسا، يوم 29 من الشهر نفسه، بعد تدخل الرئيس الفرنسي حينها، جاك شيراك.
ورسميا، أعلنت السلطة الفلسطينية، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، وفاة الزعيم أبو عمار.
ودُفن في مبنى المقاطعة برام الله، بعد أن رفضت إسرائيل أن يُدفن في القدس كما كانت رغبته قبل وفاته.
زر الذهاب إلى الأعلى