بقلم مصطفى سبتة
أَلَا قُلْ لِمَن يَرْجُو مَقَامَ الْمَحَبَّةِ
وَقُرْبَاً وَعِرْفَانَاً بِسِرِّ الشَّرِيعَةِ
عَلَيْكَ بِقَوْمٍ قَدْ جَلَا نُورَ سِرَّهُمْ
غَيَاهِبَ آفَاقٍ بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ
وَنِسْبَتُهُمْ لِلشَّاذُلِيِّ طَرِيقَةٌ وَقَدْ
ظَفِرُوا بِالْقُرْبِ مِنْ فَيْضِ رَحْمَةِ
وَقَدْ مُنِحُوا عِلْمَاً وَكَشْفَاً مُقَدَّسَاً
وَنُورَاً وَبُرْهَانَاً بِفَضْلِ الْمَشِيئَةِ
فَقُمْ فِي رِضَاهُمْ تَارِكَاً كُلُّ شَهْوَةٍ
وَجَاهِدَ بِعَزْمِ كُلِّ نَفْسٍ غَوِيَّةِ
وَاعْرِضْ عَنِ الدُّنْيَا بِزُهْدٍ فَإِنَّهَا
حِجَابٌ عَظِيمٌ عَنْ إِلَهِ الْخَلِيقَةِ
وَهَذَا طَرِيقُ الْحَقِّ فَاسْلُكْ سَبِيلَهُ
لِتَحْظَى بِأَنْوَاعِ الْعُلُومِ الْجَلِيلَةِ
وَدَاوِمْ عَلَى ذِكْرِ الْجَلَالَةِ مُحْكِمَاً
تِلَاوَتِهَا تَظْفَرْ بِكُلِّ مَزِيَّةِ
تَرَى كُلُّ أَسْرَارِ الطَّرِيقَةِ تَنْجَلِي
وَتَنْمَحِقُ الْأَغْيَارِ عَنْكَ بِوِحْدَةِ
وَفَرِّغْ لِذِكْرِ اللهِ قَلْبُكَ جَامِعَاً
لِفَرْقٍ تَرَاآى فِي صِفَاتٍ بَدِيعَةِ
وَفِي هَذِهِ الْحَالَ الَّتِي جَلَّ قَدْرُهَا
تُبَادِرْ لِذِكْرِ الصَّدْرِ مِنْ غَيْرِ رِيبَةِ
فَتُدْرَجَ فِي سِرٍّ عَظِيمٍ مُنَزَّهٍ
عَنْ الْغَيْرِ حَقَّاً فِي شُؤُونٍ بَهِيَّةِ
وَتُصْبِحَ مَخْطُوبَاً وَقَدْ كُنْتَ خَاطِبَاً
وَتَشْهَدَ فَيكَ الْكَوْنَ فِي كُلِّ صُورَةِ
وَتَظْهَرَ فِي الْأَكْوَانِ إِذْ حَالُكَ الْبَقَا
بِنُورِ وُجُودٍ جَلَّ عَنْ كُلِّ شُبْهَةِ
فَسِرُّ حَبِيبِي فِي ضَمِيرِ مُحِبِّهِ
تَبَدَّى فَصَارَ الْكُلُّ طَيَّاً بِقَبْضَةِ
وَأَفْنَى وُجُودِي فِي مَظَاهِرِ حُسْنِهِ
وَأبْقَى بِهِ حُكْمُ التَّعَيُّنِ فَأنْصَتِ
فَيَسْرَحُ طَرْفِيَّ فِي رِيَاضِ جَمَالِهِ
وَذَكَرَ ضَمِيرِي آهٌ فِي كُلِّ لَمْحَةِ
فَأَلِفٌ فَهِمْنَا وَاحِدَاً وَمُنَزَّهَاً
وَقَامَتْ بِهِ الْأَشْيَاءُ حَقَّاً بِرَحْمَةِ
وَهَاءٌ سَرَتْ فِي الْكَوْنِ أَنْوَارُ سِرِّهَا
فَكَانَتْ بِهَذَا الْوَصْفِ هَاءُ الْهُوِيَّةِ
وَذَا ذِكْرُ أَرْبَابِ الْقُلُوبِ وَقَدْ سَمَا
عَلَى فَهْمِ مَحْجُوبٍ بِنَفْسٍ بَعِيدَةِ
فَلَا تَلْتَفِتْ يَوْمَاً إِلَى قَوْلِ قَائِلٍ
بِتَحْرِيمِهِ فِي حُكْمِ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ
فَقَدْ جَاءَ عَنْ أَهْلِ الطَّرِيقِ بِجَمْعِهِمْ
كَأَحْمَى حَمِيثَاً يَا كَرِيمَ السَّجِيَّةِ
وَدَائِرَةُ الْقُطْبِ الْإِمَامُ أَبِي الْحَسَنْ
حَوَتْ كُلُّ سِرٍّ فِي الْوُجُودِ وَحِكْمَةِ
وَعِنْدَ السُّبَاعِيِّ جَاءَ إِسْمٌ وَمِثْلَهُ
بِدَوْحٍ وَ أَهْيَا عَنْ كِرَامٍ أَئِمَّةِ
وَأَوَّاهٌ فِي الْقُرْآنِ جَاءَكَ مُعْلَنَا
كَذَاكَ حَدِيثٌ فِيهِ أَعْظَمُ حُجَّةِ
رَأَى عُلَمَاءُ الدِّينِ هَذَا جَمِيعُهُ
أَتَى عَن رِجَالٍ خُصِّصُوا بِالْوِلَايَةِ
أُفِيضَ عَلَيْهِمُ مِن مَوَاهِبِ رَبِّهِمْ
بُحُورُ عُلُومٍ عَنْ سِوَاهُمْ خَفِيَّةِ
فَمَا أَنْكَرُوا هَذَا وَلَكِنْ تَأَدَّبُوا
وَأَذْعَنَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي كُلِّ بَلْدَةِ
وَذَاكَ لِأَنَّ الْقَوْمَ أَهْلُ عَدَالَةٍ
وَقَدْ عُرِفُوا بِالْفَضْلِ فِي كُلِّ حَالَةِ
فَحَقَّ عَلَيْنَا أَنْ نُحْسِنَ ظَنُّنَا
وَنَأْخُذَ أَقْوَالَاً لَهُمْ بِمَحَبَّةِ
وَنَعْلَمَ هَذَا مِن مَشَايِخِ شَرْعِنَا
وَقَدْ بَلَغُوا فِي الْعِلْمِ أَرْفَعُ رُتْبَةِ
أَتَوْا كُلَّ أُمِّيٍّ مِن مَشَايِخِ عَصْرِنَا
لِيَغْتَرِفُوا مِنْ بَحْرِ عِلْمِ الْحَقِيقَةِ
وَنَالُوا بِذَا كُلِّ التَّرَقِّيَ وَأَدْرَكُوا
بِنُورِ هُدَاهُمُ كُلُّ حَالٍ جَلِيلَةِ
فَهُمُ أَهْلُ فَهْمٍ فِي الْعُلُومِ بِرَبِّهِمْ
كَمُجْتَهِدٍ فِي الْعِلْمِ شَرْعَاً بِفِكْرَةِ
وَمَا دُمْتَ لَا تُرَدِّدَ عَلَى الْغَيْرِ شُهْرَةً
بِوَصْفِ اجْتِهَادٍ فِي الْعُلُومِ بِهِمَّةِ
كَذَلِكَ تَرْضَى عَنْ رِجَالٍ تَلَقَّنُوا
عُلُومَاً بِفَهْمٍ عَنْ إِلَهِ الْبَرِيَّةِ
عَلَى أَنَّهُمُ لَمْ يُنْكِرُوا قَوْلَ قَائِلٍ
بِعِلْمِ حُرُوفٍ قَدْ أَتَانَا بِشُهْرَةِ
فَسَلِّمْ لِقَوْمٍ فِي الطَّرِيقِ تَفَوَّهُوا
بِسِرٍّ عَظِيمٍ فِيهِ كُلُّ فَضِيلَةِ
وَكُنْ خَاِدمَاً فِي حَضْرَةِ الْقُرْبِ طَالِبَاً
رِضَاهُمْ لِتَرْقَى فِي سَمَاءِ الْكَرَامَةِ
وَقُلْ عَبْدُكُمْ يَرْجُو الْوُصُولَ لِرَبِّهِ
فَأَنْتُمُ كِرَامُ أَهْلُ حَيِّ الْفُتُوَّةِ
فَيَا رَبِّ أَوْصِلْنَا إِلَيْكَ بِجَاهِهِمْ
وَجَاهِ رَسُولِ اللهِ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ
عَلَيْهِ صَلَاةُ اللهِ مَعَ آلِهِ الْأُولِي
حَبَاهُمُ إِلَهَ الْعَالَمِينَ بِمِنَّةِ
وَأَصْحَابُهُ الْغُرُّ الْكِرَامُ وَمَنْ بِهِمْ
غَدَا يَقْتَدِي فِي كُلِّ وَقْتٍ وَسَاعَةِ