(وكان القمرُ مُختبئاً)قصة
‘
***************
بقلم الأديب:أحمد عفيفى
************
باغته معانقاً بشدة , تراجع للخلف مندهشاً, وسرعان ما تبدلت دهشته بفرحةٍ عارمة.. تذكّر الرجل صاحب الابتسامة التى يصعب نسيانها, تداعى شريط الذكريات
لطالما قضيا الساعات الطوال بين شوارع وأرصفة المدينة الغارقة فى الضوء , والمكتظة بالواجهات والفاترينات والمحال المتلاصقة,وتذكر يوم أراد المبيت مع هذا-الصياد- بعد أن ارهقهما السير حتى مطلع الفجر ,ودهشته عند انصفاق الباب في وحهه بعد أن مرق -الصياد- للداخل حتى تناهى إلى سمعه صوت أُنثوى غنوج يقول:(كنت فين ياشقى لحدً دلوقتى,تعالى ح ادفًيك ياتعلب يامخمور ح نسًيك العالم)
.ليلتها تكوًر فى سريره الذى وصل إليه بشقِّ الأنفس ,وأخذ يحدق بالسقف ملياً,خُيًل اليه أن شبحا رهيبا يهبط فوقه قائلا:ستموت، أنت ضحيتى الليلة!
*أفاقه قول -الصياد- المباغت:(طبعا أنا ضيفك الليلادى, وكمان عشان تعرفنى على الأولاد).قال:الأولاد وأمهم سافروا عند جدهم,تبدَّل وجه الصياد,بإنبساط مباغت,فدهش من انبساطه ولم يكن قد انتبه لفاتنة تجلس ملاصقة للصياد,أفقدته أنوثتها النطق لبرهة , وكان وقت الترحيب بها قد فقد بهاءه, ارتبك خجلا ,عاجلته الفاتنة بضحكة لها رنين يحفُز على الإقتحام , بدا فستانها الأخضر القانى كقميص نوم من القماش السميك ,ينسجم مع بشرتها الخمرية المتوهجة
*إنطلق صوت جهور من آخر ركنٍ -بالمكتبة-:وقت الإنصراف ياسادة
تلقفهم الشارع بضوضائه, وأضوائه ,وهوائه الرطب, مال الصياد على رأسه موشوشا:(الحلوة لك الليلة),قال مشدوهاً:ماذا؟,قال الصياد:(مش انت لوحدك ف الشقة؟) قال:أنت حيوان بوهيمى,كيف تتخيل أن(…)؟ ثم لماذا تتخلى عنها رغم فتنتها؟, حقاً أنت شيطان ماجن,لا تعبأ بشىْ.
*كان القمر مختبئا , وبصيص من بعض النجوم الكسلى يبين على استحياء, والنصف الآخر من الليل يصحبهما, بمجاملة غير متقنة ,خدش السكوت, تحدًث,ثم تلعثم,تحدًثت هى وأسهبت, ثم ختمت بقصة هروبها من بلدتها بعد أن اغتصبها إبن خالتها المخمور, وأجهشت بصوت مريب..
فتح باب شقته , اتجهت مباشرة إلى غرفة النوم , تخلصت من قطعة الملابس الوحيدة ,مدت يدها خلف رأسها, إلتقطت شيئا رشقته بياقة فستانها ,إنسدل شعرها الغزير فوق كتفيها كشلالٍ أسود ,كاد يُغشى عليه ,تهاوى فوق مقعد الزينة يتفحًص,لم تمهله,إنتشلت – روبه – وفوطته ,واتجهت إلى الحمام..بدا النعاس يشاغله, أفاقه صوت دقٍ متقطعُ فوق الباب, فتح بحرص, إنزلق الصياد مسرعا للداخل ,كان بيمناه لفافةً ينبعث منها رائحة شواء ,وكانت يده الأخرى ممسكة بزجاجة -بيرة- قال للصياد:(مش قلت انك مفلس؟) قال الصياد:(فُرجت) قطعت الحديث بدخولها المباغت ,نفضت الماء عن شعرها , بدت كنمرة تتلوى جوعاً, وظمأً, لمحت الصياد,أُشرق وجهها,إرتمت فوق صدره, تسلل هو إلى المطبخ ترافقه ابتسامة ساخرة..أشعل الموقد،وجهز الأكواب@
********************************