بقلم /السيد سليم
علا شأن أهل الإيمان باستسلامهم لدعوة نوح وعلت بهم السفينة وانجاهم الله وهلك بالغرق من اعرض ولم يعتصم بالله وظن أن الاعتصام بغير الله ينجي من الغرق ثم يأتي أمر الله لجنوده بالتوقف وإنهاء المهام
( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي)
أمر الله الماء المنهمر من السماء بالإمساك، وأمر الله الأرض بالابتلاع..
قال ابن العربي: التقى الماءان على أمر قد قدر، ما كان في الأرض وما نزل من السماء؛ فأمر الله ما نزل من السماء بالإقلاع، فلم تمتص الأرض منه قطرة، وأمر الأرض بابتلاع ما خرج منها فقط. وذلك قوله تعالى: { وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء} وقيل: ميز الله بين الماءين،.
{ وقضي الأمر} أي أحكم وفرغ منه؛ يعني أهلك قوم نوح على تمام وإحكام. ويقال: إن الله تعالى أعقم أرحامهم أي أرحام نسائهم قبل الغرق بأربعين سنة، فلم يكن فيمن هلك صغير. والصحيح أنه أهلك الولدان بالطوفان، كما هلكت الطير والسباع. ولم يكن الغرق عقوبة للصبيان والبهائم والطير، بل ماتوا بآجالهم. وحكي أنه لما كثر الماء في السكك خشيت أم صبي عليه؛ وكانت تحبه حبا شديدا، فخرجت به إلى الجبل، حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى بلغت ثلثيه،
فلما بلغها الماء استوت على الجبل؛ فلما بلغ الماء رقبتها رفعت يديها بابنها حتى ذهب بها الماء؛ فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي. قوله تعالى: { واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين} أي هلاكا لهم
. الجودي جبل بقرب الموصل؛ استوت عليه في العاشر من المحرم يوم عاشوراء؛ فصامه نوح وأمر جميع من معه من الناس والوحش والطير والدواب وغيرها فصاموه، شكرا لله تعالى؛
وقيل إن الجودي من جبال الجنة؛ فلهذا استوت عليه
ويقال: أكرم الله ثلاثة جبال بثلاثة نفر: الجودي بنوح، وطور سيناء بموسى، وحراء بمحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.