اسلاميات

وقفه مع عُبادة بن الصامت

ومازال الحديث موصولا عن الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وعن أصحاب بيعة العقبة الأولى، وكان من بين هؤلاء الصحابة الكرام هو الصحابى عُبادة بن الصامت وهو صحابي من بني غنم بن عوف من الخزرج، وقد شهد العقبتين، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم شارك في الفتح الإسلامي لمصر، وسكن بلاد الشام، وتولى إمارة حمص لفترة، ثم قضاء فلسطين حتى توفي في الرملة بفلسطين رضى الله عنه، وهو الصحابى الجليل عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرجي الأنصاري، وقد شهد بيعة العقبة الأولى وهو أحد الخمسة الأول من الأنصار الذين شاركوا في جمع القرآن الكريم في عهد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد اشتهر بأنه لا يخاف في الحق لومة لائم، فقد خالف معاوية بن أبى سفيان في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان عندما ذهب إلى الشام يثقف أهلها، وقد أسلم عبادة بن الصامت قبل هجرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب.

وقال ابن إسحاق أنه شهد بيعة العقبة الأولى، ولكن المؤكد أنه كان أحد نقباء الأنصار الذين بايعوا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في مكة بيعة العقبة الثانية، وبعد الهجرة النبوية، قد آخى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بينه وبين أبي مرثد الغنوي، وقد شهد الصحابى الجليل عبادة بن الصامت مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، المشاهد كلها، كما استعمله النبي صلى الله عليه وسلم، على بعض الصدقات، وكان عبادة حافظا للقرآن الكريم، فكان يُعلم أهل الصفة القرآن الكريم، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وتوسع الفتوح الإسلامية، انتقل عبادة بن الصامت إلى الشام، وقال محمد بن كعب القرظي، جمع القرآن الكريم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، خمسة من الأنصار، وهم معاذ وعبادة وأبيّ وأبو أيوب وأبو الدرداء، فلما كان عمر بن الخطاب، كتب يزيد بن أبي سفيان إليه، إن أهل الشام كثير، وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم، فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه “أعينوني بثلاثة” فقالوا، هذا شيخ كبير ويقصد أبو أيوب الأنصارى.

وهذا سقيم وهو يقصد أبيّ بن كعب، فخرج الثلاثة إلى الشام، فقال لهم ابدءوا بحمص، فإذا رضيتم منهم، فليخرج واحد إلى دمشق، وآخر إلى فلسطين، وقال خليفة بن خياط في تاريخه أن أبا عبيدة ولاه إمارة حمص، ثم عزله، وولى عبد الله بن قرط، فسكن عبادة بيت المقدس، وزعم الأوزاعي أن عبادة أول من ولي قضاء فلسطين، كما قيل أنه شهد الفتح الإسلامي لمصر حيث كان من أمراء المدد الذي بُعث لعمرو بن العاص، ولما ولي معاوية بن أبي سفيان الشام، ساءت العلاقة بين عبادة ومعاوية لأشياء أنكرها عليه عبادة، فقال لمعاوية ” لا أساكنك بأرض ” فرحل إلى المدينة المنورة، فقال له عمر بن الخطاب “ما أقدمك؟” فأخبره بفعل معاوية، فقال له ” ارحل إلى مكانك، فقبّح الله أرضا لست فيها وأمثالك، فلا إمرة له عليك” ثم حدث أن كان عبادة بن الصامت مع معاوية يوما، فقام خطيب يمدح معاوية، ويثني عليه، فقام عبادة بتراب في يده، فحشاه في فم الخطيب، فغضب معاوية بن أبى سفيان فقال له عبادة ” إنك لم تكن معنا حين بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالعقبة على السمع والطاعة.

في منشطنا ومكرهنا ومكسلنا، وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم بالحق حيث كنا، لا نخاف في الله لومة لائم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا رأيتم المداحين، فاحثوا في أفواههم التراب” فكتب معاوية بن أبى سفيان إلى الخليفة عثمان بن عفان ” إن عبادة بن الصامت قد أفسد عليّ الشام وأهله، فإما أن تكفه إليك، وإما أن أخلي بينه وبين الشام” فكتب إليه عثمان أن يُرحّل عبادة حتى يُرجعه إلى داره بالمدينة المنورة، وقيل أنه مات بالرملة سنة أربعه وثلاثين من الهجرة، وكان عمره اثنين وسبعين سنة، وكان رجلا طويلا جسيما جميلا، وكان لعبادة بن الصامت من الولد الوليد وأمه جميلة بنت أبي صعصعة وهى أخت الصحابي قيس بن أبي صعصعة، ومحمد وأمه أم حرام بنت ملحان، وداود وعبيد الله، ولم تذكر أمهاتهم، وقد روى الصحابى الجليل عبادة بن الصامت عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد روى عنه أبو أمامة الباهلي وأنس بن مالك وأبو مسلم الخولاني والكثير والكثير من رواة الحديث، وقد أورد له بقي بن مخلد في مسنده مائة وواحد وثمانون حديثا.

وله منها ستة متفق عليها، وانفرد الإمام البخاري بحديثين، والإمام مسلم بحديثين، وكما روى له باقي الجماعة في كتبهم، وعبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم من بني سالم بن عوف من الخزرج، وقد ولد عبادة بن الصامت في المدينة قبل الهجرة بثمانى وثلاثين سنة، فهو أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخمسة عشر عاما، وكان أبوه الصامت بن قيس، وهو لم يدرك الإسلام، وقد توفى أبوه على دين قومه، وأما عن أمه فهى السيدة قرة العين بنت عبادة بن نضلة بن مالك من الخزرج، وقد أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبادة بن الصامت رضى الله عنه، من أوائل الذين أسلموا من الأنصار، وذلك في السنة العاشرة من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، أي قبل الهجرة بثلاث سنوات، ومنذ أن أسلم عبادة بن الصامت رضى الله عنه، فقد ارتبط برسول الله صلى الله عليه وسلم، ارتباطا وثيقا، وتعلق به تعلقا شديدا، فلم يكن من مشهد من مشاهد الإسلام إلا وحضره، ولم يغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم،غزوة، ولم يسر إلى مكان إلا وكان معه.

وقد رُوي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مائة وواحد وثمانون حديثا، وعبادة بن الصامت رضى الله عنه، من الرعيل الأول الذي عاش خير حياته وأعظمها وأثراها مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو الرعيل الذي صهره النضال وصقلته التضحية، وعانق الإسلام رغبا لا رهبا، وباع نفسه وماله، وقد استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الصدقات، وقال له “اتقِ الله، ألا تأتي يوم القيامة ببعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها ثُؤاج” فقال عبادة رضى الله عنه، فوالذي بعثك بالحق، لا أعمل عمل اثنين وبايع النبي صلى الله عليه وسلم،على ألاَ يخاف في الله لومة لائم، وأما عن بطولة عبادة بن الصامت العسكرية فقد تجلت في مواطن كثيرة، فعندما طلب عمرو بن العاص رضى الله عنه مددا من الخليفة لإتمام فتح مصر، فقد أرسل إليه أربعة آلاف رجل، على رأس كل منهم قائد حكيم، وصفهم الخليفة قائلا “إني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجل منهم رجل بألف رجل” وكان عبادة بن الصامت رضى الله عنه واحدا من هؤلاء الأربعة الأبطال.

وكان عبادة بن الصامت رضى الله عنه، ممن بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بيعة العقبة الأولى، أو كما عُرفت ببيعة النساء، قال عبادة بن الصامت “كنت ممن حضر العقبة الأولى، وكنا اثني عشر رجلا، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، على بيعة النساء، وذلك قبل أن تفترض الحرب، على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، فقال صلى الله عليه وسلم ” فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم ذلك فأمركم إلى الله ، إن شاء عذَب وإن شاء غفر” وقد تمت بيعة العقبة الثانية التي فيها النصر والحماية، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم” فقالوا يا رسول الله، نبايعك، فقال صلى الله عليه وسلم “تبايعوني على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والنفقة في العسر واليسر، لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة” فبايعوه على ذلك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى