وقفاتٌ مع القرآنِ الكريمِ ( ٣ ) .
بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي
إنَّ القرآنَ الكريمَ هو كلامُ ربِّ العالمين ، وحبلهُ المتينُ ، وصراطهُ المستقيمُ ، وهو الذكرُ الحكيمُ الذي لا تزيغُ به الأهواءُ ، ولا تلتبسُ به الألسنةُ ، ولا تتشعبُ معه الآراءُ ،
ولا يشبعُ منه العلماءُ ، ولا يملّه الأتقياءُ ، ولا يخلقُ على كثرةِ الردِّ ، ولا تنقضي عجائبه ، من عِلمَ علمه سبقَ ، ومن قالَ به صدقَ ، ومن حكمَ به عدلَ ، ومن عمِلَ به أُجِرَ ، ومن دعا إليه هُديَ إلى صراطٍ مستقيمٍ ، وهو الكتابُ المهيّمنُ ،
فقالَ : استغفروا لأخيكم ، وسلوا له التثبيتَ ، فإنَّه الآنَ يُسألُ ” رواه أبو داودُ ، فلم يقرأ النبيُّ – ﷺ – عليه قرآناً ، ولا أمرَ أحداً بقراءةِ القرآنِ
* شبهةٌ وجوابها :
قد يقولُ قائلٍ : أنا لا أقرأُ للميّتِ القرآنِ ، ولكني أقرؤه لأهِبَ له ثوابَ قراءته .
والجوابُ : أنَّ مدارَ العباداتِ على الاتباعِ لا الابتداعِ ، ولا مجالَ للقياسِ والاستحسانِ العقلي حالةَ وجودِ نصٍ ، وعليه فهذه الشبهةُ باطلةٌ لما يلي :
1- أنَّ من شروطِ قبولِ العملِ عندَ اللهِ المتابعةَ ، أي أن نكونَ متابعينَ فيه لرسولِ اللهِ – ﷺ – ، وإلا كان مردوداً على صاحبه ، قال – ﷺ – : ” من عملَ عملاً ليسَ عليه أمرنا فهو ردُّ ” أخرجه الشيخان ، وردُّ ، أي مرودٌ لمخالفته هديه وسنته – ﷺ – ، وإذا كان ذلك كذلك ، فقراءةُ القرآنِ للميّتِ ، أو هبةُ ثوابه له مرودٌ .
2- أنَّ سنةَ رسولِ اللهِ – ﷺ – تنقسمُ إلى قسمينِ : فعليةٍ ، وتركيةٍ ، فما فعله – ﷺ – سنّةٌ ، وما تركه سنّةٌ ، وقراءةُ القرآنِ للميّتِ ، أو إهداءُ ثوابه للميّتِ مما تركه النبيُّ – ﷺ – ولم يفعله ، ولسنا أعلمَ من رسولِ اللهِ – ﷺ – ، ولا أحرصَ على رضا اللهِ منه ، فلنفعلْ ما فعله – ﷺ –