مقالات وتقارير
وجاء وقت الحصاد
وجاء وقت الحصاد ..
كتب/ أحمد حافظ
يأتي رمضان في كل عام مرة واحدة ضيفا خفيفا لطيفا وكعادة هذا النوع من
الضيوف فإنه يأتي للخير حاملا ، للنصر جالبا، للجنة داعيا، يأتي رمضان بعد أحد
عشر شهر يذوق فيهم الإنسان كل معاني البعد عن الرحيم المنان ليجلبك الله إليه فيه ركضا .
رمضان شهر الحصاد، هذا الموسم المقسم إلى أقسام ثلاث بداية بقسم
الرحمة التي تهبط على نفوس الصائمين بصبرهم على امتناعهم عما أحل الله
طيلة هذا الوقت من اليوم، ويجزون على هذا الصبر من الرحمات والبركات مالاحصر لها ولاعدد .
أما القسم الثاني فهو المختص بالمغفرة، ذلك الحين الذي يختص فيه أمر
السماء بالمرابطين المقاومين للأعداء الداخلية البتارة من هوى للنفس
وشيطان إنس ولذات أنس ، فيغفر لهم خطاياهم ويعني بأمور دنياهم وأخراهم
ويرفع عن كاهلهم كل كرب وضيق بما قدموه لأنفسهم.
ويختتم الشهر سريعا بعشر العتق من النار ، فماذا بعد الرحمة والمغفرة سوى
الجنة ؟! ، ماذا بعد كرم الله ونظرة بعين رضاه سوى خلود في النعيم بلا فناء
وبقاء في جوار رب الأرض والسماء! ورعاية وعناية بعيني خالق الأكوان وأرحم الرحماء!
ثم يرتحل عنا رمضان بهداياه ومقتبساته ونعيمه واجتماعاته وانتصاراته واتحاده
وروحانياته يرتحل مهنئا ومعزيا ، يرتحل عنا رمضان بين مبشر ونذير ، فيبارك لكل
مقبول سعى وحفى وأدرك هبة الله وفضله فارتقى وظل في جواره طيلة
الشهر الفضيل فتنقى واعتق، وينذر كل ذا قلب قتلته الدنيا بقسوة حالها ونار شهواتها وعذاب ملذاتها.
فينذر الذي غفل او تغافل وتحمل ما كاد أن يتحامل ، وصبر رغما عن طعام
وشراب فحسب فكان ممن لانصيب لهم من صيامهم غير الجوع والعطش ، لم
يكن له من نصيب في هذا الموسم من استغفار فيغفر له أو من تلاوة فينظر له
أو من صدقة فيقبل منه أو من صلاة يتقرب بها فيجبر كسره وترفع نفسه وتحط خطاياه وذلله.
فإن كنت ذا قلبي خال قد قتلته الشهوة أو ذلته الحاجة أو جارت عليه محبته
لمن لا يليق به فاملأ هذا القلب بربك في هذا الشهر يملأ عليك كل حياتك ،
ويفيض عليك من بحور السعادة وأجور الخير ومصاب العفو والرحمة والاحسان .
فرغ قلبك من كل ما عاداه فإني والله أبشرك إن فعلت بروح وريحان ورب راض
غير غضبان، وإن صبرت فإني أبشرك بيقين زائد وعلم نافع وروح مرضية ونفس
مستقرة وراحة بعد عناء وهدوء بعد شقاء فإنك إن ملأت القلب بخالقه شغلك قلبك بما ملأت عمن سواه ولا يبالي .
ضع محبتك في أرض خضرا منبتة فيها الزرع والورود والماء فإن لم تنبت شيئا
فستسعدك حين زيارتها بما حولها وإن أنبتت شيئا فلك ما تمنيت من نصيب بين الزارعين للحصاد المحتوم المؤكد ليس بعد اليقين منه يقين.
فاسع ياصديقي إلى أن تكون في صفوف الفائزين فوالذي لا اله الا هو لا فوز
تناله إن فاتك هذا الفوز ولا راحة ترتجيها إن عبرتك تلك الروحانيات ولا رضا
ترتضيه إن فاتتك كل تلك المرضيات ، هذا الموسم لايخسره إلا خاسر ولا يرتجيه
إلا ناج ولا يطلبه إلا عاقل ولا يفوز منه إلا من هو بحق نال لقب ” الفائز”
كل عام أنتم بخير .. كل عام والأمة الإسلامية والعربية تتمتع بالخير كل الخير
واليمن والنعيم والبركات والنصرة .. كل عام وكل ذي فضل علينا صنيع كل فضل
ورفيق كل توفيق نبل .. كل عام وأنتم في موسم الحصاد مسرورين مبتهجين
وأسأل الله أن نكون فيه جميعا من الفائزين.