أدب

ناسيا ما قد مضى

بقلم/ ساره جمال

يسكنك صوت فيروز الملائكى الأثير .. وكلام جبران يحلق بك بعيدا عن قبح الواقع .. يحملك إلى الأفق البعيد .. تشعر وكأنك تطير سابحا فى الفضاء الرحب.. تتخفف من ثقل هموم .. تسبح فى عالم آخر أكثر رقيا ونقاء وهدوءا.

هل فرشت العشب ليلا وتلحفت الفضا
زاهدا فيما سيأتى ..ناسيا ماقد مضى

تصبح أسيرا لتلك اللحظة التى تعيشها و تسكنك حالة من الرضا طالما حلمت بها وتمنيتها.. لم يعد لآلامك ذلك الوخز الموجع الذى اعتدته .. تتطاير الآلام مثل ذرات رماد .. تنسى كل ما مر بك من متاعب وهموم ومشاكل؛ فلم يعد لها أى أثر فى ذاكرتك يمكن أن يكدر صفوك ويجرح سكينتك.

أحلامك المجهضة أيضا تمر أمام ناظريك لكنك لاتتوقف عندها ولا تزعجك بعدما تيقنت أنها مجرد سراب؛ فلم يعد لها أى أثر فى نفسك .. تتساوى إنتصاراتك القليلة وإنكساراتك العديدة .. تمتزج ابتسامتك بألمك وضحكك بوجعك وحزنك بفرحك تقبض على مشاعرك المتناقضة الممتزجة بقوة ثم تطيح بها جميعا وراء ظهرك “ناسيا (أو متناسيا) ما قد مضى “.

هل من الغباء أن نقف على حافة نهاية عام، ونبدأ العد العكسي لنستقبل التالي بكل الفرح والبهجة؟ ما الفرق بين الأمس واليوم كي تختلف المشاعر؟ ومن قال إن الغد سيكون أجمل، وإن عام 2021 سيحقق الأمنيات؟. ليس غباء أن نتمنى وأن نحلم. فأمس كان يوماً انتظرناه بشوق لأننا نحيا بالأمل، وتطلعنا إلى الغد ونحن مدركين أن لا ضمانات لوجود الأفضل فيه. لكنها النفس البشرية التواقة إلى الآتي، وهي على أتم الاستعداد لنسيان الماضي في لحظة، ولو أمكنها محوه لما ترددت.

أمس كان بوابة العبور إلى اليوم. عتبة صغيرة تفصل بين عام وآخر، عتبة مرسومة بعقارب الساعة التي تلتحم عند منتصف الليل، فنعبر فوقها إلى دهاليز عام آخر . بين أيدينا حملنا أمانينا، تلوناها كصلاة عند المساء علّها ترافق العام الجديد كإكليل فوق رأسه، يذكره برغبات كل منا حول العالم، ويخفف من حدته وقسوته علينا.

جميل هذا الإحساس بالتفاؤل وتناسي الماضي، و رغبتك – برغم كل شئ- لفتح نافذة على حقل مليء بالألوان؛ والتي إما بإمكانك أن تتركها مغلقة وتتقوقع داخل ذاتك في غرفة مظلمة، تجتر فيها يومك وأفكارك وكل ما فيك، أو أن تفتحها على عالم لا ترى منه إلا السواد وبعض الألوان الرمادية.

التفاؤل خيارك، والابتسامة خيارك أيضاً، فلماذا لا تتخذهما طالما أن الغد آت لا محال؟

لكل منا رغباته وأهواؤه وأمنياته، فليكن الأجمل ما يحمل الخير في معانيه والأمل في رؤياه والتفاؤل في لقياه ولنبدأ عاماً جديداً بكل الحب والتفاؤل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى