من هو المختار الثقفى
إعداد / محمــــد الدكـــرورى
هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عفرة بن عميرة بن عوف بن ثقيف الثقفي، وهوقائد عسكري طالب بدم الامام الحسين بن علي وقتل جمعاً من قتلته، ممن كان بالكوفة وغيرها أمثال عمر بن سعد، وعبيد الله بن زياد، وحرملة بن كاهل، وشمر بن ذي الجوشن، وغيرهم، وقد سيطر على الحكم بالكوفة ورفع شعار يا لثارات الحسين، وكان يخطط لبناء دولة علوية في العراق، وقد قُتل في الكوفة عام سبعه وستين من الهجرة على يد جيش مصعب بن الزبير.
وقد قتله أخوان من بني حنيفة أحدهما طرفة والآخر طراف ابنا عبد الله بن دجاجة، وقد دفن في الكوفة قرب مسجدها وكان لثورة المختار دور كبير في نشر التشيّع وتوسيع رقعته، وقد ولد المختار بن أبى عبيد الثقفي، بالطائف، في السنة الأولى للهجرة، ووالده الصحابى أبو عبيد الثقفى، وكان أبوه أبي عبيد الثقفي قائد المسلمين في معركة الجسر، وقد أسلم أبوه في حياة الرسول وانتقل مع والده إلى المدينة في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وتوفي والده عندما كان عمره ثلاث عشرة سنة، وكان مصاحبًا لوالده وأخيه.
ونشأ في المدينة متأثرًا بالخليفة علي بن أبي طالب وأصبح من محبيه، وعُرف عنه أنه كان فارسًا شجاعًا، وقد ورث هذا عن أبيه، وهناك بعض رواة الحديث يتفقون على أنه كان ناصبيًا يبغض عليًا بغضًا شديدًا، وقد نشأ المختار، بالمدينة وكان من محبي الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، وبعد استشهاد الإمام علِى، بايع المختار الإمام الحسن بن على، ثم ما لبث أن اختلف معه مع من انفضوا عن الإمام الحسن قبل مصالحة معاوية، ويقال إنه أراد أن يسلم الإمام الحسن لمعاوية، والبعض يشكك في هذه الرواية.
ويقال أنه قبل فاجعة كربلاء، سجنه زياد بن عبيد الله، وفقأ عينه بقضيب حديد، وعقب وساطة عبد الله بن عمر، تم إطلاق سراح المختار وذهب إلى الحجاز، حيث بايع عبد الله بن الزبير، ثم ما لبث أن انفض عنه كعادته، وعاد إلى الكوفة، التى كانت تحت حكم عبد الله بن الزبير، حيث ولى عليها إبراهيم بن محمد بن طلحة، إذ قام الأخير بحبس المختار مرة أخرى تخوفًا من مشاركته في جيش التوابين، وجيش التوابين هو ذاك الذى خرج يطالب بثأر الإمام الحسين، وبعد هزيمة ذلك الجيش.
وقد كتب المختار إلى بعض الناجين من ذاك الجيش يطلب منهم أن يبايعوه على ثأر الحسين، والحقيقة أن المختار لم يكن يعرف بالصلاح أو بالتعقل، فكان يبايع ويرجع في بيعته، كما أن البعض يروى أن جيش التوابين حين خرج كان لا يرغب في مشاركة المختار، نظرًا إلى ما عرف عنه من رعونة، ولكن المختار كان يقول: أما ورب البحار والنخيل والأشجار والمهامة والقفار والملائكة الأبرار والمصطفين الأخيار، لأقتلن كل جبار بكل لدن خطار ومهند بتار بجموع الأنصار ليس بمثل أغمار ولا بعزل أشرار حتى إذا أقمت عمود الدين
وزايلت شعب صدع المسلمين، وشفيت غليل صدور المؤمنين وأدركت ثار النبيين، لم يكبر على زوال الدنيا، ولم أحفل بالموت إذا أتى، فكان عزم المختار على الثأر للإمام الحسين مبعثًا لتشجيع الموالين لأبي الشهداء على التحالف مع المختار على الرغم من معرفتهم بكل مثالبه، وقد أرسل المختار لعبد الله بن عمر مرة أخرى ليتوسّط له عند عبد الله بن الزبير ليخرجه من السجن، فأمر عبد الله بن الزبير عامله في الكوفة بإطلاق سراح المختار الذى كون على فور جيشه للقصاص من قتلة الإمام الحسين.
وكان شعار المختار: يالثارات الحسين، ثم قام المختار بتتبع كل مَن شارك في قتل الإمام الحسين، أو خان الإمام، وقتلهم جميعًا شر قتلة، وقبل أن يشرع المختار في الانتقام للإمام الحسين أرسل يطلب الإذن من أخى الإمام لأبيه، محمد بن الحنيفية، فقال محمد لرسل المختار: وأما ما ذكرتم ممن دعاكم إلى الطلب بدمائنا، فوالله لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه، ولكن المختار حين شرع في قتل مَن خانوا ومَن قتلوا، فقد تعمّد أن يقتص من كل مَن شارك بمبدأ الجزاء من جنس العمل.
فكان العقاب أنه من قطع رقبة الإمام، قام المختار بقطع رقبته، وكل من شارك في التمثيل بجثمان الإمام الشريف، قام المختار بالتمثيل بجثته، ولما تدفّق الدم، أخذته شهوته فلم يعد يسيطر على رغباته الانتقامية، أفعال انتقامية ما كان لآل البيت أن يأتوا بها بأيديهم، وإن كان آل بيت النبى لم يقروا أفعاله، فهم لم يحملوا عليه، وإنما تعاملوا معه بوصفه قضاء الله الذى كتبه للانتقام ممن قتلهم وخانهم، وكان هناك من الناس من حمل بشدة على أفعال المختار، مبتدئا من ثانيا، ومتجاهلًا ما حدث أولًا.
ولا يحسب أن ما يفعله المختار من فظائع ما هو إلا رد فعل لما فُعل بإمامه من قبل، وكانوا هؤلاء ممن لم يكويهم قتل الحسين والتمثيل به وبذويه، وهناك أيضًا من تطرف في التحمس للمختار ونهمه للانتقام، وكانوا هؤلاء ممن فزعهم قتل الحسين بهذا الشكل، ولكن الحكمة التى علمها لنا أولياء دم الحسين وآل بيته وبيت النبي، أن الله يستخدم من خلقه من يقتص به ليثبت أركان عدله، ويحدث التوازن في كونه.
وفى في عام سبعه وستين من الهجره، ولى عبد الله بن الزبير أخوه مصعب بن الزبير على العراق، بعد أن عزل الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي عن ولايتها، وطلب منه أن لا يبقي للمختار وأصحابه باقية في العراق، وقد كان كل من كان المختار يطلبه قد فر من الكوفة إلى البصرة، وأرسل مصعب بن الزبير في طلب المهلب بن أبي صفرة، فاستجاب المهلب لذلك، وجاء إلى البصرة في جيش كبير لمساندة جيش مصعب المتوجه لقتال المختار في الكوفة.
أما المختار فقد أرسل جيشًا بقيادة أحمر بن شميط، وسار جيش أحمر بن شميط حتى ورد المذار قرب الكوفة، وعسكر جيش مصعب بن الزبير بالقرب منها، فالتقى الجيشان فيها، وفي اليوم الأول من القتال، قتل كيان أبو عمرة ومعه جمع كبير من الموالي، بعدما أمرهم أحمر بن شميط بالترجل عن جيادهم، والنزول إلى ساحة المعركة راجلين، فهجمت عليهم خيل جيش مصعب بن الزبير بقيادة عباد بن الحصين، فقتلوا منهم جمعًا كبيرًا، ثم أمر مصعب بن الزبير بالهجوم على جيش المختار.
فهجم جيش مصعب وقتل أحمر بن شميط ومن معه، وبعد ذلك، سار جيش مصعب بن الزبير إلى الكوفة لقتال المختار، فحوصر المختار في قصره لأربعة أشهر، ثم أراد من أصحابه أن يخرجوا للقتال معه خارج أسوار القصر، فرفضوا، ولم يعد أمام المختار من خيار سوى الخروج من القصر لمقاتلة محاصريه، فاغتسل وتحنط ثم وضع الطيب على رأسه ولحيته وخرج في تسعة عشر رجلاً للقتال، كان منهم السائب بن مالك الأشعري، فقاتل حتى قتل.
وقد قتله أخوان يدعى أحدهما طرفة والآخر طرافًا ابنا عبد الله بن دجاجة من بني حنيفة، ثم قطعت كفه وسمرت بمسمار إلى جانب المسجد، وقطع رأسه، وقد كان مقتله في الرابع عشر من رمضان سنة سبع وستين، وله من العمر سبع وستون سنة، وقد دُفن المختار بعد مقتله في داره وكان قبره مخفي وهناك آراء مختلفه نحو إكتشاف مكان قبره، ويعتقد المسلمون السنة أنه الكاذب الذي قصده النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
في الحديث الذي قال فيه: ” إن في ثقيف كذابًا ومُبِيرًا “، وكما يعتبرونه صاحب مذهب الكيسانية، ويروون عن رفاعة القباني بأنه دخل على المختار يومًا، فألقى المختار له وسادة، وقال “لولا أن أخي جبريل قام عن هذه لألقيتها لك” وكذلك يروون عن أنيسة بنت زيد بن أرقم ان اباها دخل على المختار فقال له المختار يا أبا عامر لو سبقت رأيت جبريل وميكائيل فقال له زيد حقرت وتعست أنت أهون على الله من ذلك كذاب مفتر على الله ورسوله.
إلا أن بعض رواة الحديث من الشيعة ذهبوا إلى أن الكذاب المقصود بالحديث هو الحجاج الثقفي وليس المختار الثقفي، وهكذا فإن المقصود بهذا الحديث مختلف عليه بين طوائف المسلمين، وقيل أن بعض الشيعة يؤكدون أن الأئمة كانو لايبينون تأييدهم للمختار علانية خوفاً من جواسيس الدولة الاموية إذ لم يكن لهم لا حامي ولا نصير في المدينة وكانوا يظهرون مدح المختار وتأييده امام خواص أصحابهم فقط.