مقالات وتقارير
من تراثنا فى وداع رمضان واستقبال العيد
من تراثنا فى وداع رمضان واستقبال العيد
كتبت /ايمان العادلي
وفي أواخر شهر رمضان يستعد الناس
لتوديع هذا الشهر الكريم، واستقبال عيد
الفطر في الأيام الثلاثة الأولى، ويستعد
الناس أتم الاستعداد لهذا العيد،
فيسهرون ليلة العيد حتى ساعة متأخرة
من الليل في صقل الملابس وإعداد الزخارف.
مواطن الأنس التي اعتاد المصريون أن
يهرعوا إليها في العيد، فأهما النيل
يقصدون شاطئ النيل حيث يستأجرون المراكب للنزهة.
أما الكعك وغيره من أصناف الحلوى
فصنعها الناس في أواخر شهر رمضان
ليتبادلوا بها التهنئة في العيد ويبدو أن
العادة الموجودة اليوم عند كثيرين من
تفضيل أكل السمك المجفف في عيد
الفطر مستمدة من الأوضاع التي سادت
في العصور الوسطى، عندما كان
المصريون في عصر المماليك يفضلون
أكل «السمك المشقوق»، كما يسميه ابن
الحاج، وفي الصباح المبكر لأول أيام
العيد يجتمع أهل الحي أمام منزل
الإمام الذي سيصلي بهم صلاة العيد في
المسجد، فإذا خرج إليهم زفوه حتى
المسجد وبأيديهم القناديل وهم يكبرون
طوال الطريق، وبعد انتهاء الصلاة
يعودون به إلى منزله على الصورة نفسها التي أحضروه بها.
أما مواطن الأنس التي اعتاد الناس أن
يهرعوا إليها في العيد والتي يستعدون
للخروج إليها من أواخر رمضان، فأهمها
النيل فيخرجون إلى القرافة زرافات
ومعهم نساؤهم وأولادهم أو يقصدون
شاطئ النيل حيث يستأجرون المراكب
للنزهة، وفي كلتا الحالتين كانت تحدث
مفاسد كثيرة تتعارض مع مبادئ الأخلاق
والدين، مما حدا بحكومة المماليك إلى
المناداة في شوارع القاهرة في آخر أيام
رمضان – أي ليلة العيد – بمنع الناس
كافة والنساء خاصة من الخروج وركوب
المراكب بالنيل طوال العيد، ويهدد من
يفعل ذلك بتوسيطه هو والمكاري
والحمار في الحالة الأولى، أو بإحراقه
هو والنوتي والمركب في الحالة الثانية.
كذلك جرى العرف في عصر المماليك أن
يصعد ناظر خاص إلى القلعة في آخر
أيام رمضان ويكون ذلك في موكب كبير
وبصحبة عدد عظيم من الحمالين
يحملون خلع العيد، وفي هذه الليلة –
ليلة العيد – يدخل الأمراء جميعًا على
السلطان «للتهنئة وتقبيل يده» على
حد تعبير المقريزي، فإذا ما أصبح الصباح
واستهل أول أيام العيد نزل السلطان
إلى الحوش السلطاني لتأدية صلاة
العيد وذلك في موكب من أفخم المواكب
السلطانية، وبعد أن يصل السلطان صلاة
العيد ويسمع الخطبة يعود إلى الإيوان
الكبير بالقلعة، حيث يعد سماطًا حافلاً
بلغت تكاليفه في بعض السنوات خمسين
ألف درهم، وأخيرًا يخلع السلطان على
الأمراء وأرباب الوظائف كما يفرج عن
بعض المساجين «بمناسبة العيد
المبارك» على حد تعبير أبي المحاسن.
وهكذا اعتاد المسلمون في مصر أن
يعتبروا شهر رمضان والأيام الثلاثة
الأولى من شوال أعيادًا متصلة
يحتفلون بها ويمجدونها ويحرصون
على إضفاء هالة خاصة من الفرح
والسرور عليها، ونخن إذا حرصنا اليوم
على إحياء بعض التقاليد الخاصة بشهر
رمضان وتمسكنا أحيانًا بتناول ألوان
معينة من الطعام والشراب، فضلاً عن
أعمال البر والإحسان والزلفى فإننا في
كل لك إنما نحافظ على تراث كبير من
العادات والتقاليد والإخلاق ورثناها عن
آبائنا وأجدادنا منذ قرون بعيدة.