مقالات وتقارير

ملاك الرحمة 

ملاك الرحمة

قصة قصيرة…. بقلم مصطفي حسن محمد سليم

– القاهرة

هل الموت جريمة، وماذا سيخسر العالم لو نقص إنسان آخر من الكون، لعنة الله علي كل هؤلاء المرضي المزعجين، طلباتهم الكثيرة لاتنتهي من وقت لآخر، دائما مزعجين يريدون الطعام، أورفع الوسادة التي ينامون عليها، والمصيبة الكبري عندما يقضون حاجاتهم علي أنفسهم، جال كل ذلك في خاطر رشا وهي تغسل أسنانها الناصعة البياض في أهتمام شديد، ثم أبتسمت وهي تلقي قبلة علي نفسها في المرآة، وهي تنظر إلي وجهها مرة أخري وتشعر أنها قد أصبحت في قمة الجمال….

مساء الخير ياحمدية، رفعت حمدية رأسها من علي المنضدة، التي تجلس عليها في تثاقل شديد، وهي تقول لها في عصبية خير أيه، ومنين ح يجي الخير ده يارشا، أنا مانمتش من أمبارح ساعتين علي بعض، ومصدقت عيني غمضت ثواني، إلا وعم اسماعيل اللي ربنا ياخده، نازل رن في الجرس بتاع السرير، عاوز ياكل، قلت له أن لسه وأكل مصدقنيش، الزهايمر عنده مش مبطل شغل، أبتمست رشا وهي تقول لها عارفة يابت ياحمدية، أنا نفسي أطبق معاه نظريتنا، فأشارت لها حمدية برعب قائلة لها لا، وحياة أبوكي ده بالذات مش ح ينفع نطبق معاه نظريتك السودة ده، أبنه في منصب كبير في البلد، وأيده طايلة، وبعدين مش مقصر معانا في أي شيء، كل زيارة بيدينا اللي أحنا عاوزينا وزيادة شوية ،ولوكن ثم قاطعها رنين جرس أسماعيل، فأندفعت رشا بعصبية نحو غرفته، وهي تقترب من سريره، وشعر أسماعيل بأنقباض شديد عندما وجدها تقف أمامه، وحاول أن يرسم البسمة علي ملامحه، وهو يقول لها في ضيق واضح هي ورديتك أبتدت يارشا؟! فقالت له في ضجر لسه ساعة، خير ياعم أسماعيل عاوز أيه، مش حمدية كانت لسه عندك من شوية، فقال لها بلهجة أبوية معلش يابنتي ساعديني عاوز أروح الحمام، فقامت رشا بتوصيله إلي باب الحمام، وهي تلقي بجميع أنواع اللعنات التي تعرفها في الوجود، واليوم الأسود الذي جعلها تعمل في هذا المجال، وعندما أعادته إلي سريره، ذهبت مسرعة إلي زميلتها لتبادل الحديث معها، وهي ترسم في عقلها كيفية التخلص من ذلك الرجل بأي صورة…..

عم أسماعيل نايم ومش بيرد عليا، هزت حمدية جسد رشا في عنف وهي تقول لها يانهار ابوكي أسود، أنت عملتيها تاني يارشا رجعت رشا بجسدها الرشيق للخلف، وهي مازالت تثتاوب في خمول، قائلة لها في أيه علي الصبح ياحمدية، نهرتها حمدية قائلة لها في غضب في مصيبة علي دماغك بإذن الله، عم أسماعيل مش بيرد عليا، وشكله كده مات، فقالت لها رشا في عدم مبالاة، وأنا مالي طيب مايموت ولايغور في ستين داهية، هو من كان بقية أهلي، فقالت لها حمدية في خوف ماينفعش كده يارشا، ده تاني واحد تموتيه الشهر ده، أنتفض جسد رشا في عنف وهي تضع يدها علي فم حمدية قائلة لها أنت مجنونة ياحمدية، عاوزة تودينا في داهية، وبعدين هو أنا وحدي اللي بطبق نظرية التخلص من هؤلاء العواجيز المزعجين، طيب ماأنتي كمان الشهر اللي فات تخلصتي من واحد منهم، شعرت حمدية أنها ستعرض نفسها للوقوع في المشاكل بالجدال مع هذه المجنونة، ولم تجد وسيلة لإنهاء النقاش غير أن تندفع للهروب من أمامها، وهي تحدث نفسها، أحنا أتفقنا اللي يعمل حاجة زي ده، يبقي يعرف التاني، ربنا يسترها، فقالت لها رشا بصوت عالي ليصل إلي مسامع حمدية، المرة ده زي اللي قبلها، ماتخافيش ح تعدي علي خير، وفي أعماقها تمنت ذلك بالفعل….

صافح رافت آخر المعزين، وهو يتابع ببصره عمال الفراشة وهم يجمعون الكراسي المتناثرة داخل الصوان، ونظر إلي ساعته في ضجر وهو يرفع رأسه إلي الرجل الذي يقف أمامه، قائلا له في أمتعاض هو أنت مش قادر تيجي بدري حتي في يوم وفاة أبوك، فقال له شوقي في سخرية وهي كانت ح تفرق كتير يعني، أنت عارف المسئولية الملقاة علي عاتقي، منصب مدير مكتب الوزير مش سهل، فقال له رأفت في خفوت كنت عاوز أقولك حاجة مهمة، أبوك آخر مرة وأحنا في طريقنا للمستشفي كان خايف قوي، وقالي أن الممرضات بيقتلوا المرضي، فألتفت شوقي حوله ليري اذا كان أحد قد سمع كلام رافت وهو يضع يديه علي فمه في عنف، قائلا له أنت مجنون، ازاي تقول كده، ابوك كانت حالته ميؤوس منها، ولو فرضنا مثلا أن كلامك صح هو أنت كنت فاضي له، أنت كنت بتسافر كثير علشان شغلك، وأنا وأنت مكناش مقصرين معاه في ذهابه إلي المستشفي، وتعبنا كثير معاه قبل وفاته، أنفض الفكرة ده من دماغك، لا أنا، ولا أنت عاوزين شوشرة علي مناصبنا الفترة الجاية، وأنا وصيت عليك في الترقيات القادمة بإذن الله يكون لك فيها نصيب، حاول رافت أن يعيد كلامه عن قتل والده مرة أخري، فنهره شوقي وهو يقول له لاأنت أعصابك تعبانة من موضوع الوفاة ده، أطلع نام وأنت ح تنسي كل حاجة في الصبح، ثم ودعه وأنصرف مسرعاً، وجلس رافت وهو يتطلع إلي الفراغ وهو يردد بصوت منخفض، فعلاً معك حق ياشوقي، مناصبنا مش محتاجة شوشرة الفترة اللي جاية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى