مع موسوعة عالم المعرفة
بقلم : سمير إبراهيم
“رابعا ” .. متى صنع الإنسان أول خريطة جغرافية ؟
لم يكتشف حتى الآن مايشير إلى أن أحدا قبل قدماء المصريين صنع خريطة جغرافية .وكان ذلك منذ أكثر من 4000 سنة . أما هذه الخريطة فكانت تصنع من الطين ثم تحرق فى النار لتكتسب صلابة . وقد أستعملت الخريطة فى الأزمنة القديمة . ليحدد بها ملاك الأرض أراضيهم . والملوك حدود بلادهم . وعندما أراد الإنسان أن يحدد على الخرائط الأماكن البعيدة , صادف مشاكل عديدة بسبب كروية الأرض , وصعوبة قياس المسافات البعيدة بدقة , لكن علماء الفلك أسهموا فى تذليل تلك العقبات لعلاقة علمهم بشكل الأرض وحجمها .
– ويعتبر العالم الأغريقى ” أراتوسثينس ” الذى ولد عام 276 قبل الميلاد , قدر طول محيط الأرض تقديرا إلى الحقيقة , وإستطاع بأسلوبه أن يقدر المسافة بين القطبين ,الشمالى والجنوبى بدقة , وفى العصر تقريبا أقترح العالم ” هيبا كوس ” … تقسيم الأرض إلى خطوط عرض متوازية , وخطوط طول ,
وقال إن قاعدة رسم هذه الخطوط هى المعرفة المستمدة من دراسة السماء ..وجاء بطليموس فى القرن الثانى بعد الميلاد فأستخدم نفس الفكرة ورسم خريطة محسنة , عليها خطوط الطول والعرض وظل كتاب الجرافيا الذى ألفه مرجعا حتى بعد إكتشاف أمريكا .
– وأدت إكتشافات كولومبس وغيره إلى زيادة الأهتمام برسم الخرائط والطرق البحرية .
– ونشرت أول مجموعة خرائط كبيرة بواسطة ” إبراهام أرتليوس ” عام 1570 , وأصبح ” جيرادوس مير كاتور ” راعى الخرائط الحديثة , عندما رسم المنحية مستقيمة على خرائطه لأول مرة فأبرزت خرائطه خطا مستقيما بين مكانين طبقا لحركة البوصلة .
دور الإدريسي في جغرافيا العصور الوسطى
الإدريسي هو أبو عبدالله محمد بن محمد بن عبدالله بن إدريس الحسني الطالبي، وقد لُقّب بالشريف لأن نسبه يمتد إلى الحسن بن علي بن أبي طالب، وأما الإدريسي فهو نسبة إلى جدّه طالب، إدريس الأول بن عبد الله مؤسس دولة الأدراسة في المغرب العربي، وقد وُلد محمد في مدينة سبتة بالمغرب، عام 1100 ميلادي.
في بداية شباب الإدريسي ارتحل إلى قرطبة، وكانت من أكبر مراكز الثقافة العربية الأندلسية، هناك تلقى علومه، كما سافر إلى دول كثيرة منها سواحل فرنسا الغربية والجنوبية، وإنجلترا الجنوبية، وآسيا الصغرى، وكانت لديه عادة هي أخذ ورقة وقلم، يُسجّل عليها كل ما رآه وسمعه، وأصبح عالماً في الجغرافيا وعمره 37 عاماً.
بعد سقوط الدولة الإسلامية، اختار الإدريسي جزيرة صقلية للعيش بها، والتي كان ملكها هو روجر الثاني، كان معروف عنه حبه للعلم والمعرفة، ومن المواقف الشهيرة بينهما هي شرح الإدريسي للملك أولى نظرياته، كانت بخصوص موقع الأرض بالنسبة للفضاء الخارجي، حيث أتى الإدريسي ببيضة كمحاولة لتبسيط المعلومة، فالبيضة تنقسم إلى صفار وبياض، الصفار هو كوكب الأرض، أما البياض المحيط فيُمثل الفضاء الخارجي الذي تسبح فيه الأرض.
حينما طالب ملك صقلية من الإدريسي القيام بكتاب عن الأرض لم يرفض، وافق مباشرة، وأشار عالم الجغرافيا على الملك إلى أن يبث في نواحي العالم فريق من الرجال ومجموعة من الرسامين يقومون بجمع معلومات عن تلك البلاد، ويرسمون ما يشاهدونه لتسهيل مهمة الإدريسي، وبالفعل حدث ذلك، ومع انتهاء الفريق من مهمته رجعوا إلى الإدريسي بجميع المعلومات التي يحتاجها، واعتمد في تأليف الكتاب على ثلاث نقاط هي: المعلومات التي جمعها الإدريسي خلال ترحاله، والتقارير التي وصلته، وثالثًا المراجع والمؤلفات الجغرافية الموثّقة.
وفي عام 1145 ميلادي، ظهر للعالم كتاب أسماه الإدريسي “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق”، واشتهر بسببه الإدريسي.
داخل الكتاب كانت هناك خريطة عامة للأرض، بالإضافة إلى سبع خرائط تُمثل أقاليم العالم السبعة المعروفة وقتها، وحرص فيها الإدريسي على استخدام خطوط الطول والعرض، بجانب الكتاب تمكّن الإدريسي من تجسيد أول خريطة تتميز بالدقة على كرة من معدن الفضة، وكان يُطلق على هذا العمل اسم “لوحة الترسيم”، وفيها استخدم عالم الجغرافيا على الوصف الدقيق من أصحاب الأماكن للمناطق التي يعيشون فيها، وقد نجح الإدريسي في رسم دولة السودان، وهي شديدة الشبة بشكل السودان على خريطة اليوم، كما استطاع أن يميز موقع مصر تماماً، وحددها بنهر النيل، وقام بتحديد الفروع التي تمد نهر النيل بالمياه، كالنيل الأبيض والأسود في السودان.
عاش الشريف الإدريسي في صقلية مدة 40 سنة، كان مقرباً فيها من الملك روجر الثاني، والذي توفي عام 1154 ميلادي، وقتها كان عمر الشريف 55 عاماً، بعدها بأحد عشر عاماً مات الإدريسي .
زر الذهاب إلى الأعلى