معبد “رمسيس الثاني”.. أهم اكتشاف أثري أسفل مقابر أهالي أخميم
معبد “رمسيس الثاني”.. أهم اكتشاف أثري أسفل مقابر أهالي أخميم
المنيا/مرثا عزيز
تعتبر مدينة أخميم، الواقعة شرق مدينة سوهاج، من أهم المحطات الأثرية فى محافظة سوهاج، لوجود معبد الملك رمسيس الثانى بها، الذى لم يكتمل اكتشافه بعد، كما أنها من أهم محطات قطار الإهمال، الذى يضرب قطاع الآثار، لعدم استكمال الاكتشافات الأثرية فى المعبد القابع أسفل مقابر الأهالى، ولعل الزائر لمدينة أخميم ينجذب لسحر الاكتشافات الأثرية بها، على الرغم من أنها لا تمثل سوى 10% فقط من الآثار المدفونة فى باطن الأرض، ويكفى المنطقة أن بها أطول تمثال لسيدة فى العالم، وهو تمثال الملكة الفرعونية ميريت آمون، ابنة الملك رمسيس الثانى.
ولعبت المصادفة وحدها دورها فى اكتشاف معبد رمسيس الثانى، بعدما أصدرت الدولة قرارها ببناء معهد أزهرى فى منطقة كانت تستخدم كمقلب للقمامة، وعندما تسلم المقاول الأرض فى عام 1981، وشرع فى أعمال حفر الأساسات لبناء المعهد، فوجئ العمال بجزء من تمثال أثرى قديم، وعلى الفور تم إبلاغ هيئة الآثار، التى أصدرت قرارها بوقف العمل فى إنشاء المعهد، واستكمال الحفر لإظهار التمثال، الذى تبين أنه للملكة ميريت آمون، ويبلغ ارتفاعه حوالى 11.5 متر، ووزنه 35 طناً، وهو أكبر تمثال لسيدة فى العالم.
هذا الكشف كان كفيلاً بأن يضع المنطقة فى بؤرة اهتمامات الدولة، لأن الاكتشاف يؤكد أن المنطقة غنية باكتشافات ضخمة لا مثيل لها فى العصر الحديث، وواصلت الدولة عملية الاكتشافات فى مقلب القمامة، حيث تم الكشف عن عدة تماثيل أخرى، منها تمثال للملك رمسيس الثانى، ولكنه كان محطماً إلى نحو 70 قطعة، فتم تجميع التمثال وتركيبه وإعادته إلى صورته الأصلية، ويبلغ طوله 15 متراًَ، وتم نقل الحدث عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية، فى أبريل الماضى، بحضور وزير الآثار وعدد من السائحين.
الأجهزة المعنية وضعت العديد من الخطط لاستكمال اكتشافات معبد رمسيس الثانى بمدينة أخميم، الذى يقع أسفل مقابر الأهالى، وتم وضع خطة لإخلاء المقابر وإيقاف عمليات الدفن بها، وتم تخصيص مكان بديل كمدافن يستخدمها الأهالى فى منطقة الكوثر، وتكلف بناء تلك المقابر أكثر من 150 مليون جنيه، كما تم وضع خطة أخرى لإخلاء الأهالى من منازلهم، والتى تقع أيضاً فوق المعبد، ولكن بسبب أحداث ثورة 25 يناير 2011، ذهبت كل هذه الجهود أدراج الرياح، حيث عاد الأهالى لدفن موتاهم من جديد فى المقابر القديمة، ما سمح لبعض اللصوص وعصابات التنقيب باستغلال الوضع للبحث عن الآثار داخل المقابر، تحت جنح الظلام، ورغم مطاردة رجال شرطة السياحة والآثار لتلك العصابات، فإن عمليات التنقيب ما زالت مستمرة بصورة سرية، باستخدام وسائل ومعدات حفر متطورة.
باحث: المدينة تضم معابد تمتد على مساحة 100 فدان واكتشافاتها تفوق “الكرنك”
أحد الباحثين الأثريين بمنطقة آثار أخميم يؤكد أن المنطقة تُعتبر من أكثر الأماكن الأثرية الهامة فى مصر وتضم معابد على مساحة 100 فدان، فهى عاصمة الإقليم التاسع من أقاليم الصعيد، وكانت تسمى قديماً خنت مين، بمعنى مقر الإله مين، وهو إله الخصب والنماء والتكاثر عند المصريين القدماء، وكان كل إقليم من أقاليم مصر يخصه إله محلى، كما كانت أخميم فى العصر اليونانى الرومانى تسمى بانو بوليس، وفى العصر القبطى سُميت شيمين، وتم تحريفها بعد ذلك لتصبح أخميم، وتخضع المدينة لقانون الآثار رقم 117 لعام 1983، الذى يحظر إقامة أى حفائر أو منشآت بدون ترخيص، وبدون إشراف من المجلس الأعلى للآثار.
وبحسب الباحث الأثرى، فقد أظهرت الاكتشافات أن المعبد بناه رمسيس الثانى مقراً لإقامته، وتقرباً للإله مين، كما تم الكشف عن عدة تماثيل أخرى بالمنطقة للملك رمسيس، بالإضافة إلى تمثال لإلهة الجمال عند الإغريق فينوس، وهو تمثال مصنوع من الألباستر، ولكنه مقطوع الرأس، كما تبين وجود أجزاء من كنيسة قديمة فى الجزء الجنوبى للمعبد، لم يتم الكشف عنها بعد، لافتاً إلى أن هذه الاكتشافات لا تقل أهمية عن اكتشافات منطقة الكرنك فى الأقصر، وربما تتفوق عليها.
ويشير الباحث إلى أن الجزء الأكبر من المعبد يقع أسفل مقابر الأهالى، التى تتجاوز مساحتها 10 أفدنة، بينما يقع باقى المعبد أسفل منازل الأهالى، وقد وضعت الدولة خطة لإزالة المقابر، والكشف عن المعبد، حيث تم بناء مقابر جديدة للقرية بمنطقة الكوثر، وبالفعل التزم الأهالى بدفن موتاهم فى تلك المقابر، تمهيداً لنقل رفات الموتى من المقابر القديمة، إلا أنه بعد ثورة يناير عاد الأهالى لدفن الموتى بالمقابر القديمة مرة أخرى.
على عبدالعال محروس، موظف وأحد سكان أخميم، أكد أن أعمال التنقيب عن الآثار لم تتوقف يوماً بالمنطقة، مشيراً إلى أن لصوص الآثار استخرجوا مئات القطع الأثرية، ولا تزال أعمال الحفر مستمرة، رغم التشديدات الأمنية والحملات التى تشنها شرطة السياحة والآثار، وأضاف أن أهالى أخميم ينتظرون اليوم الذى يتم فيه الكشف عن معبد رمسيس الثانى بالكامل، لوضع المدينة ومحافظة سوهاج على الخريطة السياحية، لافتاً إلى أن أكبر عمليات التنقيب عن الآثار كانت مع بداية أحداث ثورة 25 يناير، حيث أصبحت أخميم محط أنظار عصابات الآثار، بسبب غياب الأمن واختفاء رجال الشرطة من المنطقة، وترك منطقة المقابر دون حراسة، ما تسبب فى سرقة قطع أثرية لا حصر لها، من داخل المعبد المدفون فى باطن الأرض، كما أن العديد من المنازل شهد أعمال حفر وتنقيب واسعة، وما زالت تلك العمليات جارية حتى الآن، تحت جنح الظلام.
من جانبه، يقول محافظ سوهاج، الدكتور أحمد الأنصارى، إن المحافظة ووزارة الآثار ومجلس الوزراء حريصون على استكمال الصورة التاريخية والمشهد الأثرى لمعبد رمسيس الثانى بمدينة أخميم، معتبراً أنه يعكس عبقرية القدماء المصريين، وأكد أن المحافظة لديها خطة طموحة يجرى تنفيذها حالياً، ضمن برنامج التنمية المحلية لمحافظات الصعيد، لتطوير ورفع كفاءة المناطق الأثرية، ووضع المحافظة على خريطة السياحة العالمية، حيث يجرى العمل حالياً فى تطوير مناطق أبيدوس بمركز البلينا، وأتريبس بمركز سوهاج، مشيراً إلى أنه تم أيضاً تطوير مقابر الحواويش بمركز أخميم.
ويضيف الأنصارى أن المحافظة حريصة كل الحرص على استكمال الاكتشافات الأثرية فى معبدرمسيس الثانى، بالتنسيق مع وزارة الآثار، لافتاً إلى أنه تم تجميع وتركيب تمثال للملك رمسيس الثانى، ووضعه بمكانه الأصلى، بجوار تمثال ابنته الملكة ميريت آمون، بمدينة أخميم، معتبراً أنه يُعد بمثابة البداية لتكملة الاكتشافات فى المعبد، وأوضح أنه تم العثور على التمثال عام 1981، وكان مقسماً لأجزاء مختلفة الأحجام من الحجر الجيرى، ويتراوح وزن قطع التمثال، التى تم تجميعها، من طن إلى 5 أطنان، ويبلغ الوزن الإجمالى للتمثال 45 طناً، وأكد أن أعمال ترميم وتجميع التمثال تمت من قبل خبراء الآثار والترميم بالأقصر وسوهاج.