اخبار عالميةعاجلة

لماذا يراهن نتنياهو على عرب إسرائيل

“نحن لسنا ضد العرب، استطعت التوصل إلى 4 اتفاقات تطبيع مع دول عربية، والآن نرى اليهود يلتقون مع العرب في دبي، لماذا لا يمكن لهذا الأمر أن يحصل هنا”.. كلمات مؤثرة وربما تظهر مدى تودد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للكتلة العربية في إسرائيل قبل نحو شهرين من الانتخابات.

وتشتعل الساحة السياسية داخل دولة الاحتلال قبيل الانتخابات الإسرائيلية، المقررة في الثالث والعشرين من مارس المقبل، على خلفية استقالات جماعية تضرب الأحزاب في وقت تولد فيه أحزاب أخرى، مثل حزب “أمل جديد” اليميني بقيادة المنشق عن حزب “الليكود” جدعون ساعر، و”الإسرائيليون” اليساري بقيادة رئيس بلدية تل أبيب رون حولدائي.

ووفق تقارير إعلامية، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لتجميل صورته أمام الناخبين العرب في إسرائيل بعد عاصفة الانشقاقات التي اجتاحت حزبه، بالإضافة لتحول القائمة العربية (تحالف 4 أحزاب عربية مركزية داخل إسرائيل) التي حصلت على 15 مقعداً بالكنيست في آخر انتخابات، إلى رقم يصعب تجاوزه في الخارطة السياسية بإسرائيل.

ونقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” المقربة من نتنياهو، عن مقربين منه، قولهم إن لديه نية للمنافسة على أصوات العرب داخل إسرائيل. وأشارت إلى أنه يفكر في تعيين عضو كنيست عربي بقائمة الليكود، وتنصيبه وزيراً عن الحزب في الحكومة القادمة.

وبحسب الصحيفة، علّل نتنياهو توجهه نحو الوسط العربي، بأنه خصص خلال الأعوام الماضية 15 مليار شيكل للبلدات العربية بهدف سد الفجوات بينها وبين باقي المناطق الإسرائيلية.

وأضاف: “أنا أفكر بإيجابية نحو الاعتقاد السائد بأني سأعين في قائمة الليكود عضو كنيست عربي، قد يكون أول وزير مسلم من قبل الحزب، سننطلق بقوة نحو الجمهور العربي وسنحصل على الكثير من الأصوات”.

واستعرض نتنياهو، ما اعتبر أنها جهود لمحاربة الجريمة في المناطق العربية، على غرار افتتاح 9 مراكز شرطية، لافتاً إلى أنه لم يفعل ذلك للحصول على الأصوات، إنما لأن “هذا ما يؤمن به وما يمليه عليه واجبه”، وفق تعبيره.

وتابع: “نحن لسنا ضد العرب، نحن ضد الأحزاب التي تُنكر الصهيونية ولا تعترف بدولة إسرائيل، واستطعت التوصل إلى 4 اتفاقات سلام مع دول عربية، والآن نرى اليهود يلتقون مع العرب في دبي. لماذا لا يمكن لهذا الأمر أن يحصل هنا؟”.

وتساءل نتنياهو: “لماذا لا يكون العرب جزءاً من الحزب الحاكم؟ لماذا عليهم دعم الأحزاب المتطرفة التي لا تعمل لصالحهم؟ عندما حذّرت من أن العرب يهرولون للصناديق قصدت أنه لا يجب عليهم التصويت لهذه الأحزاب، تعالوا وصوتوا لنا”.

بدوره، قال وزير الاستيطان الإسرائيلي عن حزب الليكود، تساحي هنغبي، إن “هناك ازدياد في قبول المصوتين العرب داخل إسرائيل لأفكار زعيم الحركة الإسلامية الجنوبية، منصور عباس، الذي دعا الأوساط العربية إلى التوقف عن قول (لا) طوال الوقت، والتحول إلى جزء من الحكم”.

وأضاف هنغبي، في مقابلة مع قناة “كان” الإسرائيلية: “نحن لا ننتظر منصور عباس.. بل سنخطف هؤلاء المصوتين وننقلهم إلى الليكود”.

أما وزير التعاون الإقليمي، أوفر أكونيس (عضو في الليكود)، فقال في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية إن الحزب “لا يُغازل الأحزاب العربية، وإنما يتوجه مباشرة إلى الناخبين العرب للحصول على أصواتهم في الانتخابات المقبلة يوم 23 مارس”.

المحلل السياسي الإسرائيلي والباحث في معهد القدس للسياسات والاستراتيجية، يوني بن مناحيم، قال في تصريحات صحفية، إن “نتنياهو يعيش حالة ضغط مصدرها الانشقاقات داخل معسكر اليمين، فلأول مرة، هناك مرشحون يتحدّون قيادته للمعسكر، ويصرحون بأنهم يرون في أنفسهم مرشحين لرئاسة الحكومة”.

وأشار بن مناحيم، إلى أن محاكمة نتنياهو ستبدأ في فبراير المقبل، وسيكون حينها مضطراً أن يدخل قفص الاتهام 3 مرات أسبوعياً.

وتابع: “نتنياهو بحاجة إلى تجنيد 61 صوتاً لإقرار القانون الذي يمنع تقديم رئيس وزراء للمحاكمة طالما هو على رأس عمله، وإقرار القانون يعني تأجيل المحكمة 4 سنوات على الأقل، وبعدها يمكن التفكير بأمور أخرى لإلغائها أو تأجيلها مجدداً، ولذلك بات بحاجة لتجميع الأصوات من كل زاوية ممكنة”.

ويعتقد الكاتب الإسرائيلي، أوري تل شير، أن الهدف من تصريحات نتنياهو وكبار حزبه حول التغيير الجوهري في تعاطي الليكود مع العرب في إسرائيل، ينبع من نتيجة الاستطلاعات الداخلية الأخيرة في الليكود، والتي أظهرت أن القيادي الأسبق المنشق عن الحزب، جدعون ساعر، والذي شكل حزباً سياسياً جديداً، يُمثل منافساً قوياً لنتنياهو على زعامة اليمين، ورئاسة الحكومة.

وكتب تل شير، في مقال بصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية: “من المتوقع أن ينتزع حزب ساعر 4 أعضاء كنيست من الليكود، في وقت يرى نتنياهو أصوات العرب في الداخل فرصةً لتعويض الخسائر أو جزء منها في قواعد اليمين التي قد تصوت لمنافسه”.

من جهة أخرى، قد يُنقذ تعويض هذه المقاعد نتنياهو والليكود ويحافظ على حجم الحزب في الانتخابات القادمة، ويُقلص، من جهةٍ أخرى، جبهة المعادين له والتي باتت تُشكل، وفق الاستطلاعات الأخيرة سداً مانعاً ذا أغلبية تتراوح بين 62و63 صوتاً، تحول دون أن يُشكل نتنياهو حكومة يمينية جديدة برئاسته.

وتُهدد تلك الجبهة، في الوقت نفسه، تحالف نتنياهو مع الأحزاب اليهودية المتدينة التي لم ترد على طلب وجّهه لهم الأسبوع الماضي، بالتعهد بدعمه لرئاسة الحكومة.

وذكر يوني بن مناحيم، أن نتنياهو حصل على معلومات من جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي عن المشاكل داخل المجتمع العربي والغضب على القائمة المشتركة، وهي تحالف 4 أحزاب عربية مركزية داخل إسرائيل، استطاعت رفع التمثيل العربي لأول مرة داخل الكنيست إلى 15 عضواً، ومنع نتنياهو من الحصول على أغلبية 61 صوتاً لإقامة ائتلاف يوافق على تمرير “القانون الفرنسي” الذي يمنع اخضاع رئيس حكومة للتحقيق أثناء فترة ولايته، خلال 3 انتخابات مضت.

وقال بن مناحيم، إن نتنياهو يحاول استغلال الوضع القائم بين المواطنين العرب والقائمة المشتركة، للحصول على بضعة آلاف من الأصوات.

وتابع: “هناك في الوسط العربي مقاولي أصوات، وإذا استطاع نتنياهو الدفع لهم بطريقة مناسبة فإنهم سيجلبون له بضعة آلاف من الأصوات التي قد تنقذه.”

في الغضون، ذكر مقربون من نتنياهو لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، أنه رصد انخفاضاً في شعبية القائمة المشتركة، وبالتالي، يحاول العمل على رفعها من خلال توثيق علاقاته مع رئيس الحركة الإسلامية، منصور عباس، والتوجه بخطاب جاذب للمصوتين العرب.

من جانبه، هاجم رئيس الحركة الإسلامية منصور عباس، الأصوات المنتقدة لعلاقته مع نتنياهو، وقال في مقابلة، الأحد، مع “راديو الناس” الذي يبث من مدينة الناصرة: “أُفضّل رئيس حكومة يبحث عن الصوت العربي بدلاً من التحريض على العرب، وهذا تُقدم إيجابي وأدعو الأحزاب لوقف المزايدات السياسية”.

وفي رد على تصريحات نتنياهو، حول نيته إقرار خطة لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي داخل إسرائيل، اعتبر رئيس القائمة المشتركة، عضو الكنيست، أيمن عودة، أن الشرطة الإسرائيلية تسعى لاستغلال الأوضاع المأساوية للفلسطينيين، بغية زيادة قوتها.

ولفت عودة عبر صفحته بـ”فيسبوك” إلى أن الخطة تحتاج 10 سنوات لتحقق غايتها، ما يعني مصرع ألف مواطن عربي إضافي”، وفق قوله، مضيفاً “احذروا هذا النصاب”، في إشارة إلى نتنياهو.

وشدد رئيس القائمة المشتركة، على أهمية أن تحافظ القائمة على توحدها، وعدم منح نتنياهو فرصة لتفتيتها، لأن هذا “ما يريده شعبنا منا”، بحسب تعبيره.

واعتبر عودة أن وحدة الأحزاب هي التي رفعت تمثيل القائمة إلى 15 مقعداً، وأن نجاح نتنياهو في انقسامها، سينعكس سلباً على التمثيل العربي داخل الكنيست.

ولم يتأخر زعيم حزب “أمل جديد”، جدعون ساعر، في الرد على مساعي نتنياهو نحو التقارب مع الوسط العربي في إسرائيل، إذ قال في تغريدة عبر “تويتر”، إن رئيس الوزراء فجأة تذكر وضع خطة للقضاء على الجريمة في المجتمع العربي بعد سنوات من التجاهل.

وأضاف: “المؤسف أن هذا الموضوع لم يعنه بتاتاً من قَبْل، نتنياهو وحكومته منعت في الفترة الأخيرة، تمرير اقتراح قانون تقدمت به، لرفع الحد الأدنى للعقاب المفروض على أصحاب السلاح غير المرخص والمتاجرين به.”

أما نفتالي بينت، رئيس حزب “يمينا”، فقد وصف أي تعاون بين أحزاب اليمين والقائمة المشتركة بأنه “ضرب من الهذيان”.

وتفرض التركيبة الجديدة للكنيست القادم تحديات عديدة على نتنياهو إذا ما أراد تشكيل حكومة نظرا لوجود العديد من الأحزاب القوية التي ترفض توليه المنصب.

ويسبق الانتخابات الإسرائيلية انطلاق أعمال المحكمة المركزية الإسرائيلية بالقدس بالنظر في الملف الموضوع أمامها ضد نتنياهو بتهم الاحتيال والرشوة وإساءة الأمانة.

ويرى مراقبون إسرائيليون أن نتنياهو سيعى بكل قوة إلى تأجيل أعمال المحكمة حتى لا يخسر المزيد من الأصوات في إسرائيل.

وستكون الانتخابات القادمة في مارس المقبل الرابعة في غضون عامين بعد الانتخابات التي جرت في مارس 2019 ثم سبتمبر ولاحقا في إبريل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى