لبنان: إِعتصامٌ داعمٌ “للبطل” صوّان والحريري يتحصّن قبل العُقوبات
مدير مكتب لبنان – رزق الله الحلو
بات المُواطن في لُبنان يشعر يومًا بعد يومٍ بثقل الملفّات الضّاغطة على صدره، حتّى لتكاد أَن تقطع عنه أَنفاسه المُتقطّعة أَصلًا… مَن الضّيقة الاقتصاديّة إِلى الفساد السّياسيّ مِن دون أَن ينسى اللبنانيّ “جائحة العصر” الّتي تزامنت بدورها مع كُلّ هذه الصُّعوبات وزادت عليها صُعوبة عيشٍ تُلامس في أَطرافها عتبة اليأس والانتحار!. فكيف كان الوضع اليوم الاثنَين في لبنان؟.
سياسيًّا، أَعلن “تيّار المُستقبل” إِعادة تشكيل هيئاته التّنفيذيّة والتّنظيميّة، بعد تأجيل “المُؤتمر العامّ الثّالث”، حيث أَصدر رئيس التيّار سعد الحريري سلسلة قراراتٍ تنظيميّةٍ تتضمّن إِعادة تشكيل “المكتب التنفيذي”. وقد علّقت مصادر مُطّلعة على هذا الأَمر، بأَنّ التّعيينات أَتت قبل أَوانها، إِذ إِنّ موعد صُدورها في نيسان (أَبريل) المُقبل. وأَمّا الإِسراع في إِعلانها فقد أَتى – بحسب هذه المصادر – بعد ورود معلوماتٍ عن صُدور عُقوبات أَميركيّةٍ ستُطاول كلًّا من وزير الإِعلام السّابق جمال الجرّاح و”نائب رئيس تيّار المُستقبل” السّابق سمير ضومط، إِضافة إِلى عددٍ مِن الشّخصيّات المُقرّبة مِن التيّار وأَبرزهم: النّائب نهاد المشنوق، وجهاد العرب، ونادر الحريري.
التّحقيق في انفجار المرفإِ
وفي إِطار الانقسام داخليًّا في التّحقيقات القضائيّة الجارية في شأن انفجار مرفأ بيروت في 4 آب (أُغسطس) الماضي، نفّذ مُحتجّون اعتصامًا اليوم الاثنَين، أَمام “قصر العدل” في بيروت، تضامُنًا مع المُحقق العدليّ في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان. وأَلقت حياة إِرسلان كلمةً أَكّدت فيها “الدّعم المُطلق للقاضي صوّان”، وقالت: “يجب أَن يستدعي كُلّ مُرتكبٍ، وعليه أَلَّا يتراجع لأَنّ سلطته مِن الشّعب. نُراهن عليه لأَخذ موقفٍ تاريخيٍّ، ويجب أَن يعود القضاء سلطةً مُستقلّةً. نطالب بأَن يُسجّل له كبطلٍ، لأَن المسؤولين في هذا البلد يُحاولون أَخذ الأُمور إِلى طوائفهم مِن أَجل مصالحهم الخاصّة”.
وأَكّد رئيس “جبهة السّيادة اللبنانيّة” بهجت سلامة مِن جهته، “دعم القاضي صوّان وكُلّ قاضٍ مُستقلٍّ”. وقال: “إِذا كانت الدّولة ضدّه فيجب أَن يعرف أَنّ الشّعب معه. فالعدالة لا تتجزَّأ وليس لها مذهبٌ أَو طائفةٌ، وكُلّ مُرتكبٍ لجرائم كُبرى أَو صُغرى، يجب أَن تطبّق العدالة في حقّه، بخاصّةٍ وإِنّ إِحدى نتائج هذه الجرائم كانت تفجير المرفإِ”.
وكان صوّان، ادّعى في سابقةٍ لم تحصل في تاريخ لُبنان، على رئيس الحكومة حسّان دياب، كما وعلى ثلاثة وزراء، بجُرم الإِهمال والتّقصير والتّسبُّب بوفاة وإِيذاء مئات الأَشخاص. وهي سابقةٌ لأَنّها الأُولى مِن نوعها في الادّعاء على رئيس حكومةٍ، ليس فقط وهو ما زال يُمارس صلاحيّاته في السّرايا الكبيرة، وإِنّما أَيضًا على رئيس حكومةٍ، بينما هي ليست الأُولى مِن نوعها بالنّسبة إِلى الادّعاء على وزراء.
وفي كُلّ مرّةٍ تُطرح قضيّةٌ مِن هذا النّوع، تبرز إِشكاليّة دور “المجلس الأَعلى لمُحاكمة الرُّؤساء والوزراء”، وأَزمة تفسير عبارة “الإِخلال بالواجبات المُترتّبة عليهم” في المادّة 70 مِن الدُّستور، وهُنا المقصود “الوزراء”. وفي هذا الإِطار اقترح المُدّعي العامّ التّمييزيّ السّابق القاضي حاتم ماضي “تشكيل لجنة تحقيقٍ برلمانيّةٍ مِن مجلس النُّواب، لكي تنظر وتُحقّق بما نُسب إِلى رئيس الحُكومة والوزراء”. غير أَنّ ماضي ذكّر بسابقة “لجنة تحقيق طائرات البوما” وغيرها، مُؤَكّدًا أَنّه مع “بقاء المجلس الأَعلى لمُحاكمة الرُّؤساء والوزراء، لأَنّه يتولّى بحسب الدُّستور النّظر في بعض الجرائم”.
قرض البنك الدّوليّ
إِقتصاديًّا، واستنادًا إِلى التّفويض المُعطى إِلى وزير الماليّة في حُكومة تصريف الأَعمال غازي وزني بتاريخ 3/12/2020، وقّع الأَخير في 10/12/2020 على محضر التّفاوض في شأن بُنود مشروع “اتفاق قرض البنك الدّوليّ لشبكة الأَمان الاجتماعيّ – أَزمة الطّوارئ في لبنان”، بقيمة 246 مليون دولار، على أَن يُعرض المشروع على “مجلس أُمناء البنك الدّوليّ” المُقرّر في 17/12/2020.
جائحة العصر
وفي أَملٍ صحيٍّ يأتي مِن بعيدٍ… وبعدما وضعت “مُنظمة الصحّة العالميّة” برنامج “كوفاكس” للقاحات، وهو برنامجٌ عالميٌّ للقاح المُشترك ضد “فيروس كورونا”، يضمّ 19 دولةً في إِطار تيسير مُتابعة تطوّرات مشاريع إِنتاج لقاحاتٍ مُضادّةٍ لوباء “كورونا المُستجد”، وتيسير حُصول كُلّ الدُّول الأَعضاء عليه، في شكلٍ عادلٍ وآمنٍ وبالأَسعار المثلى، ومع التزام توفير الكميّات الضّروريّة لكُلّ الدُّول ومِن دون تمييزٍ… تنفّس اللّبنانيّون اليوم الصُّعداء وعلّلوا النّفس بالآمال الموعودة!.
فالبرنامج المذكور يأتي مِن مُنطلقٍ عالميٍّ تضامُنيٍّ للحدّ من انتشار الوباء عالميًّا، فيما شُكّلَت في لُبنان، لجنةٌ وزاريّةٌ مختصّةٌ برئاسة الدّكتور عبد الرّحمن البزري مُمثّلًا وزارة الصحّة، بهدف وضع برنامجٍ آمنٍ وفعّالٍ للحفاظ على فعاليّة اللقاح خلال عمليّة النقل والحفظ وصولًا إِلى المُواطنين. وفي أَولويّة المهام المُوكلة إِلى اللّجنة، اختيار نوع اللُقاح الّذي سيتمّ استيراده، بالعودة إِلى خُبراء عالميّين، كما ووُضِعت خطّة عملٍ في آليّة الاستيراد ونقل اللقاح وحفظه وتحديد المراكز المُؤَهّلة، وتحديد توزيع اللُقاح على الفئات المُستهدفة وبخاصّةٍ تلك الأَكثر عرضةً للإصابة بالوباء، كالعاملين في القطاع الصّحيّ والمُسنّين والّذين يعانون أَمراضًا مُزمنة مُستعصية…
وتزامُنًا، أَجرى وزير الصحّة العامّة في حُكومة تصريف الأَعمال حمد حسن مُحادثات وقد سعى إِلى تأمين اللُقاح بأَفضل الأَسعار ما شكّل عاملًا إِيجابيًّا بحجز اللُقاح ومنع احتكاره تحت أَيّ ظرفٍ كان. وسيتسلّم لُبنان الدُّفعة الأُولى في الأَوّل مِن آذار (مارس) المُقبل، ويبلغ عددها حوالى المليوني لُقاحٍ ستُوزّع مجّانًا على الفئة المُستهدفة.
وعلى خطّ آخر، وُقِّع اتفاقٌ مُباشر مع “مصرف لبنان” وشركة “فايزر” للحرص على أَلّا يكون ثمّة طرفٌ ثالثٌ في الاتفاق، لتخفيف الأَعداد والنّسب الرّبحيّة الّتي قد ترفع من سعر استيراد اللُقاح. وقد تأَمّن التّمويل مِن موازنة وزارة الصحّة واحتياط الموزانة العامّة وقرض البنك الدّوليّ وجهات عدّة مُتبرّعة، لتتمّ عمليّة تلقيح القسم الأَكبر مِن المواطنين.