أدب

لا تحزن ما عند الله خير لك

((لا تحزن ما عند الله خير لك)).

       أعده (باحث)طه أبو بكر

نبتلي بمحبة المال أو محبة الولد أو محبة الأم والأب أو بمحبة حبيب لك فما أن رحل الحبيب تجد حزن وألم شديد لا تستطيع أن تخرج منه إلا باللجوء إلى الله تعالى والصبر على البلاء لكن أبشر أعد الله لك في الجنة مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر علي قلب بشر قال تعالى
: ( فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) يقول تعالى ذكره: فما أعطيتم أيها الناس من شيء من رياش الدنيا من المال والبنين, فمتاع الحياة الدنيا, يقول تعالى ذكره: فهو متاع لكم تتمتعون به في الحياة الدنيا, وليس من دار الآخرة, ولا مما ينفعكم في معادكم.( وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) يقول تعالى ذكره: والذي عند الله لأهل طاعته والإيمان به في الآخرة, خير مما أوتيتموه في الدنيا من متاعها وأبقى, لأن ما أوتيتم في الدنيا فإنه نافد, وما عند الله من النعيم في جنانه لأهل طاعته باق غير نافذ.
( لِلَّذِينَ آمَنُوا ) يقول: وما عند الله للذين آمنوا به, وعليه يتوكلون في أمورهم, وإليه يقومون في أسبابهم, وبه يثقون, خير وأبقى مما أوتيتموه من متاع الحياة الدنيا.قال السعدي في تفسيره: هذا تزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة، وذكر الأعمال الموصلة إليها فقال: { {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ } } من ملك ورياسة، وأموال وبنين، وصحة وعافية بدنية. { {فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} } لذة منغصة منقطعة. { {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ} } من الثواب الجزيل، والأجر الجليل، والنعيم المقيم { {خَيْرٌ } } من لذات الدنيا، خيرية لا نسبة بينهما { {وَأَبْقَى} } لأنه نعيم لا منغص فيه ولا كدر، ولا انتقال. ثم ذكر لمن هذا الثواب فقال: { { لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } } أي: جمعوا بين الإيمان الصحيح، المستلزم لأعمال الإيمان الظاهرة والباطنة، وبين التوكل الذي هو الآلة لكل عمل، فكل عمل لا يصحبه التوكل فغير تام، وهو الاعتماد بالقلب على الله في جلب ما يحبه العبد، ودفع ما يكرهه مع الثقة به تعالى.الله،

((إنَّ الفتنَ سبب للشرور والمحن ))
((والعقوبات الإلهية وفساد البلادِ والعباد،))
إذَا لم تُتقى وتُحذر ويُعمل فيها بما شرعه الله عند وقوعها، يقول الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25].

قال ابن كثير تفسيره: “هذهِ الآية وإن كان المخاطَبُ بها هم صحابةَ رسولِ الله لكنَّها عامّة لكلِّ مسلم؛ لأنّ النبيَّ كان يحذِّر من الفتَن”.

عبادَ الله لقد بينت الشريعةَ الإسلاميّةـ أسباب النجاة والسلامة من الفتن قبل وقوعها، كما أوضحت السبل التي ترفع أضرارها وآثارها بعدَ حُلولِها. ورسمت للأمة المسارَ الصحيحَ للتعامل معها، فينبغي للمسلم أن يعرف هذه الأسباب الشرعية التي تَقِيْهِ بإذن الله من غوائل الفتن وشرورها، ومن هذه الأسباب ما يلي:

الأوّل: محاولةُ الابتعاد عن مواطِن الفتَن، ومجانبة أسبابها، والفِرار عن مواقعِها، خاصّة عامّة المسلمين، كما قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25]، وقال صلى الله عليه وسلم: “يوشِك أن يكونَ خيرَ مالِ المسلم غنمٌ يتبعُ بها شعَف الجبال ومواقِعَ القطر؛ يفِرّ بدينه من الفتن” أخرجه البخاري.

والبعد عن مواطن الفتن أسلم للإنسان؛ فإنه لايأمن على نفسه حينما يقترب منها ويرى بريقها، قال صلى الله عليه وسلم “ستَكون فتنٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائِم، والقائم خيرٌ من المَاشي، والمَاشي فيهَا خير من السَّاعي، من تَشرَّف إليها تستَشرِفه، ومن وجَد فيها ملجأً أو معاذًا فليعُذ به” أخرجه مسلم
السبب الثاني: الاعتصامُ بالكتاب والسنّة، فإن الاعتصام بهما سبب للنجاة من الفتن، والسلامة من الشقاق الافتراق، كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].
قال ابن كثير: “قال مجَاهد وغيرُ واحد من السلف: “أن يُردَّ التنازُع في ذلك إلى الكتاب والسنّة”.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطَب النبيّ في حجّة الودَاع فقال: “يا أيّها النّاس، إنّي تركتُ فيكم ما إن اعتصَمتُم به فلن تضلّوا أبداً: كتابَ الله وسنّتي” أخرجه البيهقي.
عبادَ الله، ومِن تَمَام هذا الاعتصَام ولوازمِه تحقيقُ تقوَى الله جلّ وعلا والإنابة إليه والثبَات على دينه والاستقامَة على شرعِه، فالتقوَى سبيلٌ للمخارج من الأزماتِ والمحَن ومن القلاقل والفتن، قال تعالى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، ويقولصلى الله عليه وسلم: ((بادِروا بالأعمالِ فتنًا كقِطَع الليل المظلم، يصبِح الرجل مؤمناً ويمسِي كافراً، ويمسِي مؤمناً ويصبِح كافراً، يبيع دينَه بعرضٍ من الدنيا)) رواه مسلم
والفتنُ إنّما يقوَى تأثيرُها وتظهَر آثارُها على ضِعاف الإيمان ومتَّبعي الشهوات، فلا تجِد الفتَن حينئذ مقاوِماً ولا مدافعاً، وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهأنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلمقال: “إنَّ أمّتكم هذه جُعل عافيتها في أوّلها، وسيصيب آخرَها بلاء وأمورٌ تنكِرونَها، وتجيء فتنٌ يرقّق بعضُها بعضاً، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكَتي، ثم تَنكشِف، ثم تجيء الفتنة فيقول: هذِه هذه، فمَن أحبَّ أن يُزحزَح عن النار ويُدخَل الجنّة فلتأتِه منيّتُه وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليَأتِ إلى الناس الذي يحبُّ أن يُؤتَى إليه”. أخرجه مسلم
السبب الثالث: من أسباب النجاة من الفتن عباد الله: أن يلزَم المسلمُ حالَ الفتنِ جماعةَ المسلمين وإمامَهم، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]، وقال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الله يرضَى لكم ثلاثاً، ويكرَه لكم ثلاثاً. فيرضَى لكم أن تعبدُوه ولا تشرِكوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً، ولا تفرَّقوا. ويكرَه لكم قيلَ وقال، وإضاعةَ المال، وكثرةَ السؤال”. أخرجَه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم”ثلاثُ خصالٍ لا يَغِلُّ عليهنّ قلبُ مسلمٍ أبداً: إخلاصُ العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإنَّ دعوتَهم تحيط بهم من ورائِهم) أخرجه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
قال ابن عبد البر: “مَعْنَاهُ لَا يَكُونُ الْقَلْبُ عَلَيْهِنَّ وَمَعَهُنَّ غَلِيلًا أَبَدًا، يَعْنِي لَا يَقْوَى فِيهِ مَرَضٌ وَلَا نِفَاقٌ إِذَا أَخْلَصَ الْعَمَلَ لِلَّهِ وَلَزِمَ الْجَمَاعَةَ وَنَاصَحَ أُولِي الْأَمْرِ
وقال ابن تيمية: ” أي هذه الخصال الثلاث لا يحقد عليها قلبُ مسلم بل يحبها ويرضاها وقال: وهذه الثلاث تجمع أصول الدين وقواعده وتجمع الحقوق التي لله ولعباده، وتنتظم مصالح الدنيا والآخرة”.

وقال ابن القيم: “أي لا يبقى في القلب غِلٌ ولا يحمل الغلَ مع هذه الثلاثة، بل تنفي عنه غلَّه، وتنقيه منه، وتخرجه منه”.

السبب الرابع: الصّبر والحلم وعدم العَجلة، فبذلك تتقى الشرور وتَخْمدُ الفتن، ويُقطع الطريق أمام المتربِّصين، يقولسبحانه وتعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153].

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى