كيف أصبحت “قناة السويس” حلقة الوصل الرئيسية بين بلدان العالم فى الذكرى ال63؟
كتبت/مرثا عزيز
“قرار رئيس الجمهورية، تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، شركة
مساهمة مصرية، وينتقل إلى الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها
من التزامات”، مقولة لا زالت تردد صداها في آذان المصرين مع كل ذكرى لقرار
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، حيث يتذكر الجميع
المقولة الشهيرة للرئيس الراحل، وذلك خلال خطابه الشهير في ميدان
المنشية بمحافظة الإسكندرية، في إطار الاحتفالات بالذكرى الرابعة لثورة 23
يوليو.
لم يكن إعلان عبدالناصر، تأميم القناة، بمثابة خطوة فقط نحو استعادة السيادة
المصرية وكسر شوكة المستعمر الأجنبي وإنهاء احتكار امتياز القناة والسيطرة
على مواردها منذ اتمام حفر القناة عام 1869، ولكن كان بمثابة رسالة إلى
العالم برمته على قدرة الدولة المصرية على فرض سطوتها وسيادتها على كل
مقدرات ومقاليد الأمور دون أي تدخل خارجي من أي دولة أخرى.
حلقة الوصل الرئيسية بين بلدان العالم
وتعد قناة السويس هي حلقة الوصل الرئيسية بين بلدان العالم كله، فهي
همزة الوصل بين الشرق والغرب وأهم مجرى ملاحي في العالم حيث تتحكم
في 40% من حركة السفن والحاويات فى العالم بالإضافة إلى أنها تربط بين
دول جنوب شرق آسيا وأوروبا والأمريكيتين لأنها شريانا حيويا وهاما، وهى أهم
طريق مائي تسلكه حركة البترول بين مصادر الأنتاج وأسواق الاستهلاك بصفة
خاصة حيث يتميز بتوفير فى الزمن والمسافة والتكلفة مقارنه بغيره من الطرق
البحرية الأخرى، فضلا عن أن قناة السويس كطريق بحرى تمتاز بتوافر محطات
لتموين الوقود ولا يمكن اخفاء الفائدة التى تترتب على ذلك للبواخر التي تتحرك
عليه.
كل هذه المزايا خلقت لقناة السويس مجالا تجاريا واقتصاديا يفوق المساحات
والمسافات المجردة مما يجعلها عالمية ومهمة، فالأهمية الاقتصادية لقناة
السويس بالنسبة للاقتصاد العالمى بصفة عامة وبالنسبة لأوروبا بصفة خاصة،
فقد كانت القارة الأوروبية أكثر المناطق التى تأثرت اقتصاديا من إغلاق هذا
الممر الحيوى الواصل بين المحيط الهندى والبحر المتوسط حيث تأثرت من جراء
رفع أسعار شحن البترول المصدر من من منطقة الشرق الأوسط نتيجة
لاضطرار السفن للدوران حول القارة الأفريقية للوصول لأوروبا وتأثرت مرة ثانية
جراء زيادة أسعار بترول الخليج العربى الذى صاحبته ايضا زيادة فى اسعار البترول من شمال أفريقيا.
وهذا ما جعل لها الأثر الكبير في التأثير على اقتصاديات الدول، بالإضافة إلي
كونها ممرا للقوافل العسكرية التي تمر من البحر الأحمر متجهة إلى حوض
البحر المتوسط مثل الأسطول الروسي الرابض في ميناء طرطوس السوري
وسفن البحرية الأمريكية التي تصول وتجول في مياه الخليج العربى،هذا الأمر
جعل قناة السويس تعتبر بوابة لساحة صراع علي النفوذ بين القوى الكبرى في الشرق الأوسط.
جزء من جغرافيا العالم
فقد استغرق حفر القناة 10 سنوات كاملة حيث بدأ فى أبريل 1859 وأنتهى فى
نوفمبر 1869 بطول 193 كيلو مترا، وأصبحت جزءا من جغرافيا العالم تضخ خيرا
بفضل الأجداد الذين حفروها بعرقهم ودمهم وضحوا بـ 431 ألف شهيد ماتوا
جوعا وعطشا وحصدتهم الأوبئة على شط القناة ولكن هذا الخير كان للمحتل
البريطاني والفرنسي حتى أتى الزعيم جمال عبد الناصر بتأميمها فى 26 يوليو 1956 ليكون دخلها للمصريين فقط.
وعام بعد الآخر نجحت مصر في إدارة قناة السويس وبكفاءة بالغة وطورت
مجرى القناة في مشروعات متتالية للتطوير والتعميق والتوسعة بتكلفة بلغت
40 مليون جنيه حتى عام 1961 وصلت معها غاطس القناة إلى 37 قدما،
واستمرت مراحل التطوير عقب انتصارات أكتوبر المجيدة ورفعت كميات من
الرمال من قاع القناة وسطح الأرض بلغت 650 مليون متر مكعب، ولم تقف
مراحل التطوير والتعميق طيلة تلك السنوات وحتى الآن لتصل بغاطس القناة
الآن إلى عمق 62 قدما.