كم عمرك
بقلم/ ساره جمال
يحكى أن أحد الحكماء سأل شابا:
كم عمرك؟
فأجابه الشاب:
عشرون عاما
فعلق الحكيم:
لماذا تخبرني بعدد سنوات حياتك؟ لقد سألتك عن عمرك.
كم عمرك؟ .. أعلم أن ثقافتنا مع هذا السؤال غريبة قليلاً، فالبعض يعتبرها إهانة، وآخر يعتبرها خصوصية، وتعتقدها بعض النساء أمراً غير لائق بسؤالها عن عمرها الحقيقي، لكن لِمَ كل هذه الحساسية؟ ولماذا تبدو ملامح التوتر وعدم الإرتياح لمثل هذه الأسئلة؟. العمر ليس حزمة أرقام وشتلة من السنين، وليس ذاك التاريخ المدون في شهادة ميلاد وورقة مطوية من ضمن أوراق في ملف الأحوال المدنية.
العمر، أراه من وجهة نظري، يبدأ ببداية الحياة، وأنت باقٍ بكل ما أنجزته، باقٍ ببصمة وضعتها بعمل، بموقف، بكلمة، باختراع، حتى بذكرى. فالعمرروح؛ والروح تظل طفلة بضفيرتين وشريطة حرير حين نغمرها بالمحبة .. أنت الذي تحدد الروح التي تريد أن تبقى بها في هذه الحياة، وتقرر كيف تريد أن تعيشها، وكيف تريد أن تختبر تفاصيلها، بالحب والبهجة واللطف.
كلما نضجت، تعلمت أن كل لحظة تزيد في عمري فهي عمر بحد ذاتها، مليئة بكل تفاصيل الحياة ودروسها، تعلمت أن اللحظة التي تضاف لسنواتي شيء قيم جداً، ولا يمكن لشيء أن يقدره سواي، تعلمت أن سنوات حياتي هي المدرسة والجامعة والعائلة والأصدقاء والمجتمع والسفر، واللقاء والبعد والفراق والذكريات، تعلمت أن عمري هو رصيدي الحقيقي في الحياة وكلما مر الوقت زاد رصيدي بكل الخبرات والتجارب.
العمر في تقويم الروح لا يهاب من تجاعيد الزمن ولا يكترث حين يتضاعف عدد السنين، لأن العمر الحقيقي يُقاس بالإحساس لا بعدد السنين. كل منا يعيش بداخله الطفل والشاب والشيخ فكن قادراً على أن تعيش في كل مراحل العمر معاً.