قمة سعودية ـ روسية تتوج بميثاق للتعاون وأكثر من 20 برنامجاً ومذكرة تفاهم
ولاء أبو الريش
توجت القمة السعودية – الروسية في العاصمة الرياض، أمس، بتوقيع ميثاق للتعاون، بالإضافة إلى إبرام 20 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الحكومتين في عدد من المجالات، والتي شهد مراسم توقيعها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكان الملك سلمان بن عبد العزيز، وبحضور ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، عقد جلسة مباحثات رسمية، مع الرئيس الروسي، تناولت علاقات الصداقة بين البلدين، وسبل تعزيز التعاون الثنائي وتطويره في المجال النفطي، إضافة إلى استعراض جملة من القضايا الدولية ذات الاهتمام.
وفي مستهل الجلسة، ألقى خادم الحرمين الشريفين، كلمة أشاد فيها بالعلاقات المتميزة بين البلدين الصديقين في شتى المجالات، مؤكداً أن زيارة الرئيس بوتين للمملكة تعد فرصة كبيرة لتمتين أواصر الصداقة والروابط وتعميقها بين البلدين، والوصول إلى تطابق في الرؤى والمواقف السياسية، مقدراً له تلبيته الدعوة.
وأكد الملك سلمان، أن بلاده تقدر لروسيا الاتحادية دورها الفاعل في المنطقة والعالم، وقال: «نتطلع للعمل مع فخامتكم دوماً في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار والسلام، ومواجهة التطرف والإرهاب، وتعزيز النمو الاقتصادي».
وأضاف: «إن ما سنعمل عليه من فرص استثمارية وتجارية مشتركة بين البلدين من خلال توقيع الكثير من الاتفاقيات، خصوصاً في مجال الطاقة؛ سيكون له نتائج إيجابية كبيرة على مصالح بلدينا وشعبينا».
وأكد الملك سلمان دعمه التعاون الاستثماري القائم بين البلدين عن طريق صندوق الاستثمارات العامة وصندوق الاستثمارات الروسي المباشر، «ومرحبين باستثمار الصندوقين في أكثر من ثلاثين مشروعاً استثمارياً حتى الآن، وأيضاً على الدور المهم لاجتماع اللجنة الاقتصادية السعودية – الروسية الأول الذي سيعقد خلال هذه الزيارة، ودعمنا لها».
من جانبه ألقى الرئيس فلاديمير بوتين، كلمة أشار فيها إلى زيارته السابقة للسعودية في عام 2007، وما تم خلالها من تشاور حول تطوير العلاقات وتعزيزها بين البلدين، مثمناً دور خادم الحرمين الشريفين في ترسيخ التعاون الروسي – السعودي المتعدد المجالات والأبعاد.
وأكد بوتين، أن زيارة خادم الحرمين الشريفين لروسيا في 2017، أسهمت في ترسيخ العلاقات وزيادة التعاون والتبادل التجاري بين البلدين.
وأبدى ترحيبه بنجاحات عمل اللجنة المشتركة الحكومية وتأسيس المجلس الاقتصادي بمشاركة عدد من كبار رجال الأعمال والوزراء من الجانبين والمشاركة في اجتماعه الأول وما سيتم خلاله من بحث أهم مجالات التعاون الثنائي والمستقبلي وتبادل الآراء حول الملفات الدولية، حيث تترأس المملكة مجموعة العشرين في السنة المقبلة، مشيداً بدور المملكة المهم في المصالح الاقتصادية في العالم.
وأشاد الرئيس الروسي، بلقائه ولي العهد في قمة أوساكا الماضية، وما تم خلاله من الاتفاق على مواصلة التنسيق في دعم «أوبك» سعياً لاستقرار أسعار النفط.
ولفت إلى أهمية التنسيق السعودي – الروسي لتأمين الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وقال: «أنا على يقين أنه من دون مشاركة المملكة العربية السعودية يستحيل تأمين التنمية المستدامة لأي من مشكلات المنطقة»، وأعرب عن تمنياته أن تدفع زيارته الحالية للسعودية في تطوير العلاقات الروسية – السعودية وتعزيزها.
ولاحقاً، عقد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس بوتين، حيث استعرض الجانبان أوجه العلاقات السعودية – الروسية، ومجالات التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين، وبحث المزيد من الفرص الواعدة بين الجانبين، في شتى المجالات بما فيها التعاون في مجال الطاقة والاستثمارات في البنية التحتية، وكذلك التعاون في استقرار أسواق الطاقة بما يحقق التوازن بين مصالح المستهلكين والمنتجين.
كما تناولت عدداً من المستجدات والتطورات، وبخاصة الأوضاع في الساحتين السورية واليمنية، وأهمية مكافحة التطرف والإرهاب والعمل على تجفيف منابعه.
وقبل توقيع ميثاق التعاون والاتفاقيات، ألقى الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، كلمة أوضح فيها أن بلاده وروسيا الاتحادية بدأتا مرحلة جديدة من التعاون والتكامل في مجالات تنموية كثيرة تهدف إلى تحقيق الازدهار والتقدم في البلدين.
وقال: «نعمل معاً للمواءمة بين طموحات (رؤية السعودية 2030) وأهدافها الاستراتيجية، وطموحات وأهداف الخطط التنموية الاستراتيجية في روسيا، وكان ذلك ثمرة الاتفاقية السعودية – الروسية للتعاون الاستراتيجي رفيع المستوى التي سيتم تبادلها اليوم (أمس)».
وأضاف: «كما نهدف من خلال الاتفاقيات التي سيتم تبادلها اليوم (أمس) إلى تطوير الكثير من المجالات الاقتصادية والتنموية التي تشمل: صناعة البترول، وقطاعات الطاقة الأخرى، والبحث العلمي، والفضاء، والعدل، والخدمات الصحية، والإدارة الضريبية، والثروة المعدنية، والسياحة، وصناعة الطيران، والتعاون الثقافي، وتعزيز العلاقات التجارية وغيرها من القطاعات الأخرى؛ إذ ستسهم الجهات الحكومية ذات العلاقة والصناديق الاستثمارية السيادية والمؤسسات المملوكة للدولة والقطاع الخاص في كلا البلدين بجهد كبير في هذا المجال».
وأكد وزير الطاقة، أن البترول سيبقى في المستقبل المنظور عنصراً جوهرياً في التنمية الاقتصادية العالمية، وسيظل العالم في حاجة إلى إمدادات كافية منه تكون مقبولة التكلفة ومستدامة ويعتمد عليها.
وأوضح، أن أسواق البترول العالمية لا تزال تتأثر كثيراً بتقلبات العرض والطلب، كما تتأثر أيضاً بعوامل خارج السوق، منها عوامل سياسية واقتصادية ومالية وطبيعية؛ «لذا كان من الضروري وجود إطار مؤسسي قوي يساعد على استقرار سوق البترول العالمية ويراعي مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء».
وأفاد بأنه وبمبادرة من السعودية وروسيا الاتحادية، بدأ النقاش بشأن هذا الإطار المؤسسي المقترح مطلع عام 2015، وكان من نتيجته إبرام اتفاق «أوبك +» بين الدول المنتجة من أعضاء «أوب
زر الذهاب إلى الأعلى