بقلمي للا فوز أحمد
المغرب
كل مساء تداعب وجنتيه بلطف ؛ تمسح عن عمره تجاعيد الشيخوخة ،تضع بجانب سريره وردة حمراء.
تقبل جبينه وتمضى العصفورة لحال سبيلها .
يحلم بالمدينة الفاضلة ، يسترجع ماضيه في رائحة عطر هديته الوردة التي تحفز جفنيه للنوم على عادتها وهي تجمع بثلاتها في فمها.
يفتح عينه باكرا بعدما يفتض بكارة حلمه شعاع متطفل من خلف ستائر غرفته الباردة .والريح يتلاعب بخيوطها المبعثرة.
ينتظر خطواتها بلهفة الصائم إلى جرعة ماء بارد بسكر،
حتى يرتفع ضغطه قليلا.
توالت الأيام و العصفورة تحمل له كل يوم وردة بلون حدائق “بالي ” _في القطب الأسيوي _ومعها ألف حكاية تهمس له بها في أذنيه اللتين ثقل طبلهما شيبا وسقما
يتلقف بعض الرنين ويسقط بعضا في سيرك النسيان.
الساعة العاشرة من كل سهرة يتحسس ” جاك” الوردات يصففها في( فازة) تقليدية جميلة بنقش عربي اندمجت فيها الألوان تحكي عن ثقافات ضاربة في عمق التاريخ الإسلامي .
ربما هذه التحفة الناذرة من بقايا غنائم استعمار غاشم قضى سنوات مظلمة في وطني .
فهي تسبح في زرقة البحر وبياض ثلج الجبال الأطلسية والريفية ااشامخة.
كجدارن مدينة السحر شفشاون المغربية الجوهرة الزرقاء.
وهي ترفل في ثوب شرفات ذات شبابيك حديدية وأزقة
عبارة عن لوحات لأشهر الرسامين والفنانين تبهر العين. وتطفئ جمار الخواطر.
في يوم عيد ميلاده الثمانين ارتأت العصفورة أن تعوده مساء بباقة أقحوان وعلبة شطلاطة بفستق .
كان في شبابه يحبها كثيرا وكانت أمه تحضرها له بيديها اللطيفتين.
كان الزمان غير الزمان.
لفت الدنيا كل حلقات المسرحية ورفعت الستارة باختفاء الكومبارس.
لم تجده بسريره الذي اختارته له الممرضة او المساعدة العصفورة يوم عشرة جوييه قبل أعوام.
بعدما اهداه أبناؤه لدار العجزة كضيف شرف…
