قصة بنو اسماعيل الجزء الثاني
كتب /أحمد فوزي
أول البغى اجتمع نفر من جرهم وقاطوراء عند
البيت الحرام يتنافسون ويتشارف بعضهم على نسب بعض وكان الصراع بينهم على رفادة البيت
الحرام قد بلغ اشده فقال جرهمى: ان المضاض لهو اولى الناس بالبيت الحرام من السميدع فهو
مضاض بن عمرو بن جرهم بن قحطان بن عبد الله اخو هود عليه السلام فهو طاهر من طاهر فقال رجل قاطورئى: بل السميدع أولى من مضاضكم
انه بن عمليق بن لاود بن سام بن نوح فأجابه
جرهمى: قد كان مع نوح فى السفينة ثمانون رجلا كان جرهم فيهم وكان انفعهم للقوم واقواهم على
الامر.. ام هل نسيتم؟ وراح كل منهم يرتفع بنسبه الى نوح عليه السلام بينما لاذ بنو اسماعيل
الجالسون بالصمت فقد علمهم ابوهم ابراهيم ان الناس لآدم وآدم من تراب وانه لا فضل لأحد الا
بتقواه وعمله الصالح وقام الجرهميون يطوفون بالبيت الحرام وهم يقولون اللهم ان جرهما عبادك ** الناس طرف وهم قلادك على مرأى ومسمع من الناس جلس شيوخ جرهم يفكرون فيما كان من تنافس بينهم وبين قاطوراء.. فإن كان المضاض بن عمرو يرتفع نسبه الى نوح فذلك شأن السميدع أيضا.. اذا لقد استوى الرجلان فكيف تفاضل الناس بينهما وكيف يرفعون المضاض على السميدع.. وبينما هم كذلك اذ صاح رجل منهم: لم يبق الا ان نرفع نسب المضاض الى الملائكة.. التفت اليه نفر من الجالسين فى ذهول أهو هازل ام جاد وسأله احدهم كيف ذاك؟ فقال الرجل: نقول ان جرهما كان ابن ملكا من الملائكة أتى منكرا فعاقبه الله ان نزع عنه روح الملائكة وجعله نفرا من الناس فنزلت فيه الشهوة وتزوج امراة من العماليق وانجبت له جرهما وان سألوا ما اسم هذا الملك نقول عرعرا فقام شيخ وقور كان يخشى ان يلتبس على الناس
دينهم وقال: ومتى نزلت الملائكة الى الارض؟ هذا هراء الا ان القوم سدوا آذانهم عنه ومشوا بين الناس يذيعون ان الملائكة اذا عصا الله منهم احد
عاقبه الله بأن نزع عنه ملائكيته وانزله الى الارض بشرا مثلنا وان جرهما احد ابناء هؤلاء الملائكة
فتحت جرهم بذلك اول ابواب الفسوق بعد الإيمان
وبلغ ذلك السميدع فإستشاط غضبا فان فهم الناس ان نسب المضاض الى الملائكة فبأى شىء ينازعه وينافسه بعد ذلك؟ فهل هناك نسب اشرف
من نسب الملائكة؟ ولم يكن بمقدور قومه ان يدعوا له ما ادعته جرهم للمضاض والا اتخذهم الناس
هزوا ولم يقدروا ان يدعوا انهم ابناء الله والا ضرب الناس رقابهم بالسيف وراح السميدع يقنع الناس
ان جرهما كذبوا وانه ليس من ملائكة تمشى على الأرض الا ان الناس كانوا قد فتنوا بالمضاض بن عمر واعتبروه حفيدا للملائكة ولم يسمعوا
للسميدع حنق السميدع على هذا الكذب والافتراء وثار الى السيف فأعلن الحرب على جرهم واجتمع
الفريقان على أعنة الجياد فسمى المكان ليومنا هذا أجياد وخرج المضاض بن عمرو فى قومه فى
عدة القتال وكانوا يقعقعون بسيوفهم على الدورع فسمى المكان ليومنا هذا قعيقعان ودارت رحى
حرب رهيبة سالت فيها الدماء فى مكة التى حرم
الله فيها القتال ورأى مضاض ان يضع حدا لهذه المجزرة فنادى السميدع: يا سميدع ابرز الىّ فأينا
قتل صاحبه كان له الملك ورفادة البيت فوافقه السميدع وراحا يتقاتلان قتال الصقور الضارية حتى
تمكن المضاض من صاحبه وقتله ولت قاطوراء مذعورة وقد قتل زعيمها وتتبعتها جرهم قتلا
وتشريدا حتى انتهى اليوم وعاد المنتصر والمهزوم الى بيوتهم اعتزل بنو اسماعيل هذه الفتنة وحزنوا
مما آل اليه امر بلد الله الحرام وبيته الحرام ومما اسيل من دماء الحيين فسعوا للصلح بينهما
فتصالحا على ان يكون الملك ورفادة البيت للمضاض بن عمر فأسلمت مكة كلها امرها له
وانتهى اول بغى فى مكة وللحديث بقية…
زر الذهاب إلى الأعلى