قصة بنو اسماعيل الجزء الثالث
قصة بنو اسماعيل الجزء الثالث
كتب/أحمد فوزي
أور كبر يعرب بن يشجب بن نابت بن اسماعيل لكنه كان ما
زال قادرا على السفر والترحال رغم جوازه المئتى والخمسين
عاما جلس عند بيت الله الحرام ينتظر القوافل العائدة
بخيرات مصر والشام وما ان جاء البشير يعلن قدومها حتى
قام ومن معه لإستقبال العائدون الغائبون منذ شهور نشط
بنو اسماعيل فى تجارتهم وكثرت الاموال فى ايديهم فلم
يطغوا ولم يتكبروا بل وظفوا اموالهم لخدمة حجاج بيت الله
وعمارة الوادى الجديد الذى كاد يضيق عن ساكنيه وسيّروا
القوافل لمصر والشام والعراق وانفقوا على الفقراء وكان على
القوافل العائدة ان تتجهز مرة اخرى للمسير الى العراق
بعد بضع اسابيع فطرأ للشيخ ان يسير معها وحلت له
الفكرة فقد كان فى شوق ان يرى أور مدينة جده ابراهيم
ويتنسم منها عبير ايمان جده حين وقف فى مواجهة ملكها
النمرود يجادله وحين حطم اصنامهم فجعلهم جذاذا الا
كبيرا لهم لعلهم اليه يرجعون انسابت القافلة تقطع فى تؤدة
ضراوة الصحراء ولفح هجيرها الى العراق وعلى رأسها
الشيخ حتى وصلت الى المدينة المنشودة وراح يعرب يمشى
فى طرقها ويعجب من ابنية الكلدانيين ومن معابدهم
الضخمة وطرقها الواسعة وحدائقها الغناء فلما وصل الى
البحر رأى قوما حول امرأة يريدون القاءها فى البحر فلما
سأل عن ذلك قالوا: هى زانية فقال: لكنها ستغرق.. قالوا:
ان كانت بريئة فسوف ينقذها الأله مردوخ هكذا حكمه فى
شريعة حامورابى شريعة السماء سار يعرب عنهم فرأى
معبدا للإلهة عشتار تقف امامه النساء اشباه عاريات
يدعون الرجال للدخول عليهن فسأل: من هؤلاء فقالوا له:
هؤلاء صاحبات الزنى المقدس فسأل: وما هذا؟ قالوا: هو
يأتى الرجل المراة امام تمثال الإله. سار يعرب تتضاربه
الافكار.. كيف يكون الزنى مقدسا؟ وكيف يقتلون امراة
لانها زنت ثم يجيزون الزنا فى معابدهم وامام إلههم؟ ومن
عشتار هذه؟ كيف تكون إلهة للحب والحرب معا؟ كيف
تحمل صفات الرجولة والانوثة؟ وصفات الامومة والعهر؟ اى
شريعة هذه واى هراء هذا؟ كيف يسمون هذا الجنون
شريعة السماء؟ كان اهل أور يقدسون شريعة حامورابى
كتقديس المؤمنين صحف ابراهيم وكانوا يتحدثون عن
الطوفان وكيف ان عشتار ومردوخ ونانا وتموز وهُبل وغيرهم
كانوا رجال ونساء مع نوح فى السفينة وان كل من كان مع
نوح فى السفينة من الخالدين وكان يتلفت فى سيره فيرى
العجب لكنه لم يحسد أور على غناها بل رثى لها فقد كان
الكهنة يشتغلون بالتجارة والتجار فسدوا حتى ضاعفوا
الاسعار على الناس وبخسوهم المكيال وانتشر الربا
والجشع فى الاسواق كانت بابل دولة قوية يحميها جيش
قوى ويعينها تجارة واسعة واقتصاد متماسك الا ان يعرب
ايقن بزوالها بعدما رأى فيها ما رأى بدأت القافلة رحلة
العودة بعدما حملت من القماش الفاخر الاحمر والازرق
والاخضر ومن الحلى والفخار المصنوع من طين الفرات
ومن ان لاحت جبال ام القرى حتى اغرورقت عينا الشيخ
الكبير بالدموع وما ان وصل الى الكعبة حتى نزل عن رحله
وطاف بها سبعا قبل ان يذهب الى بيته.